مهما مر الزمن يبقى دائما لجمال الماضى وعراقته وأصالته بريقا لاينطفىء ورحيقا لا يستطيع غبار الحاضر مهما كان عنيفا أن ينتزعه من أرواحنا لذا فبمجرد ما أن تواتينا الفرصة لنختلى بأنفسنا نجد شيئا من عبق هذا الماضى عالقا بنا رغم الزمن .. شىء تعجز يد النسيان أن تطاله حيث تبقى الذكريات بحلوها ومرها وقودا للإنسان يتعلم منه ويعيش عليه ومهما حاولنا النسيان ستبقى ذكرياتنا هى قارب النجاة الذى نسبح به من وقتا لأخر لنتذكر أجمل اللحظات وأغلى الناس حتى وإن كانت تلك اللحظات مؤلمة يبقى لها رونقا بالقلب ربما لإننا نستطيع أن نختار ما نتذكره فالحكايات الجميلة والناس الطيبة هى التى تفرض نفسها وقتما تشاء وفى كل الأحوال نبقى دائما أسرى لبراءة الطفولة وسعادة الصبا وحنان الأم وسند الأب فبعض ذكرياتنا أفضل من كل ما حدث أو يمكن أن يحدث لنا بعدها لذا فإننا لانعرف القيمة الحقيقية لبعض لحظات العمر إلا بعدما تغيب فى أعماق الذاكرة ويغيب أبطالها عن المشهد ولكنهم يبقوا دائما أحياءا فى نبض القلب حيث لايستطيع إنسانا فى الأرض أو قوة فى الوجود أن تمحوهم من الذاكرة فحقيقى أن الذكريات قد تثير بنا الشجن أو تعود الى ماضى يؤلمنا ولكن يكفى أنها تذكرنا أن أصحابها مازالوا معنا بالروح والمحبة . ورغم أن معظمنا لم يعد لديه الوقت ولا الطاقة لتذكر الماضى والتقليب فى صفحاته إلا أن هناك شخصيات لاتستطيع أن تبقى وتتعايش مع الحاضر بسعادته وشقاءه دون أن تتذكر الماضى من وقت لأخر ومن تلك الشخصيات الفنان الكبير المبدع عزت أبو عوف فهو من أكثر الشخصيات التى إلتقيتها فى حياتى لديها حنينا كبيرا الى الماضى حتى لو لم يكن هو نفسه أحد أبطاله فطالما رأيت عنده صورا لجد زوجته رحمها الله رغم أنه قد لم يكون إلتقاه يوما ومن شدة عشقه للماضى لم يترك ركنا فى بيته إلا وبه صورا منه وكأنه يرفض أن يبقى ولو للحظات منفصلا عنهمعتبرا أن هذا الإرتباط يعد نوعا من التقدير والإمتنان لأبطاله حتى أنه قرر أمس مشاركة أصدقائه على صفحته الشخصية على الفيس بوك صوره له وهو فى الصف الثانى الإبتدائى عندما كان طالبا بمدرسة English school بمصر الجديدة والتى قضى فيها فترة ما بين 1954 حتى 1957 قبل أن ينتقل الى مدرسة أمون الخاصة عام 1960 بعدما نقلت أسرته إقامتها الى حى الزمالك وقد إلتقط له والده تلك الصورة مع والدته وشقيقته "منى" عند مصور فى شبرا إسمه ناصف والغريب أن والده يرتدى كرافت قريبا من لون فستان والدته و لا أعرف أن كان الأمر صدفة أم إنها كانت من أصول الشياكة فى هذا الزمن الجميل . كما نشر صورة أخرى له مع والدته أثناء إصطحابها له فى حفل للسيدة أم كلثوم عام 1962 حيث إعتاد والده أن يصطحب أسرته كل يوم خميس الى المسرح أو السينما أو حفلات الست أيام ما كانت الدنيا .. دنيا.