كل يوم يطالعنا العلم بثورة جديدة فى أساليب العلاج الحديث والمساعد، واستطاع العلماء والباحثون مؤخراً التوصل إلى تقنيات علاجية جديدة تساعدنا فى التغلب على العديد من الأمراض خاصة المزمنة منها، مثل السكر والضعف العام، وكذلك رفع قدرة الجهاز المناعى حتى يتمكن من مقاومة الأمراض الخطيرة كالسرطان، ويعتبر العلاج بالأكسجين تحت ضغط عالٍ من أهم وسائل علاج هذه الأمراض .. وحول حقيقة كونه علاجاً فعالاً.. وعن كيفية تطبيقه ونتائجه، كان لنا هذا الحوار مع الدكتور هانى خليل استشارى العلاج بالأكسجين . ما هو تعريف العلاج بالأكسجين ؟ قبل أن نبدأ فى الكلام عن العلاج بالأكسجين لابد من التنويه بأنه حصل على موافقة ال F D A أى منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، والتى تعد بمثابة " وزارة صحة العالم " كله ، أى أن ما توافق عليه يصبح آمنا .. ومن ثم فطبيعى جدا أن كل شركات الأدوية فى العالم تبذل أقصى ما فى وسعها للسيطرة على تلك المنظمة التى تعد أقوى من شركات السلاح والبترول، نظرا للدور المهم التى تقوم به، وهذا ليس على مستوى الدواء والغذاء فقط، إنما على مستوى التعليم والأبحاث الطبية، ونظرا لأن العلاج بالأكسجين لا يعتمد على تناول الدواء فهو بالطبع ليس محبذا من شركات الأدوية لكونه يتعارض مع مصالحهم، ومن ثم فعندما تصرح ال F D A أن هناك 15 حالة مرضية مختلفة يمكن أن يتم علاجها بالأكسجين فهو يعطى هذا النوع من العلاج سنداً طبياً قوياً جدا، والعلاج من اسمه " الأكسجين تحت ضغط عالٍ " نفهم أن أهم شىء هنا الضغط .. لأن أى شخص يمكن أن يأتى بأنبوبة أكسجين فى بيته ويتنفس .. وهو هنا يزيد تشبع الهيموجلوبين بالأكسجين فقط، ولكن عندما نستخدم الضغط العالى فنحن هنا نستخدم قوانين الفيزياء الخاصة بأى غاز يلامس سائلاً ، فكلما رفعنا ضغط الغاز ذابت كمية من الغاز داخل السائل؛ وبالتالي فالعلاج بالأكسجين تحت ضغط عالٍ أي " أعلى من الضغط الجوى " وهو يزيد الأكسجين فى الدم بنسبة 2000 % ، ومن ثم يسمح باستنشاق أكسجين نقى بنسبة 100 % .
وما هى آلية العلاج بالأكسجين ؟ هناك طريقتان ، الأولى عن طريق التأثير الميكانيكى الناتج عن ارتفاع الضغط الجوى، وهذا التأثير له فعالية كبيرة فى علاج بعض الحالات المرضية مثل مرضى اختلال الضغط ، وكذلك مرضى انسداد الأوعية الدموية بالغازات الذى قد يحدث أثناء العمليات الجراحية مثل جراحات الصدر والقسطرة والغسيل الكلوى، أما الطريقة الثانية فهو التأثير الفسيولوجى نتيجة استنشاق 100% أكسجين تحت ضغط عالٍ ، حيث إنه يؤدى إلى زيادة الضغط الجزئى للأكسجين؛ مما يجعله يذوب فى بلازما الدم، علما بأنه لا يذوب تحت الضغط الجوى العادى، وهذا يؤدى إلى تشبع الدم بالأكسجين وبالتالى يصل إلى جميع خلايا الجسم فتقوم بوظائفها على أكمل وجه، كما أنه يساعد على تكوين أوعية دموية جديدة عن طريق تنشيط مادة الكولاجين والفيبروبلاست .
وهل حقيقى أنه يساعد فى علاج الأورام ؟ هو يساعد فى تجنب الإصابة بها من الأساس؛ نظرا لكون الجسم عندما يتلقى هذا الكم من الأكسجين النقى تزداد قوة الجهاز المناعى؛ وبالتالى القدرة على مقاومة الأمراض وأكسدة الخلايا لأن الخلية السرطانية موجودة فى أجسامنا طوال الوقت، ولكن جهاز المناعة يقضى عليها، ومن ثم عندما يضعف جهاز المناعة لا يستطيع المقاومة وهنا يحدث السرطان.
وما هى الأمراض أو الحالات التى يمكن علاجها بالأكسجين ؟ طبقا لما أقرته ال" F D A" وكذلك " UHMS" وهى منظمة طب الأعماق والعلاج بالأكسجين الأمريكية، فإن هناك 15 مرضاً يتم علاجها بالأكسجين تحت ضغط عالٍ، ويطلق على هذه الحالات approved indications وهناك ثلاث من هذه الحالات يكون علاجها بالأكسجين أساسياً، بل والسبيل الوحيد للإنقاذ من الموت، وهى انسداد الأوعية الدموية بالغازات ومرضى اختلال الضغط للغواصين والطيارين وحالات التسمم الحاد بأول أكسيد الكربون، كما أنه يعتبر علاجاً مساعداً وفعالاً جدا مع مرضى السكر خاصة عند إصابتهم بجرح، حيث إن جروح مرضى السكر غالبا ما تكون مستعصية مما يضطر الأطباء أحيانا للجوء إلى بتر الأطراف، وكذلك حالات الجروح النارية والتأثير الضار للعلاج الإشعاعى فى حالات السرطان وبعض حالات الأنيميا الحادة وفقر الدم التى تتسبب فى حالة هبوط وإغماءات مفاجئة والتهاب العظام والمفاصل والتهاب الأنسجة الرخوة، كما أنه يستخدم كعلاج مساعد أيضا فى حالات التوحد للأطفال والزهايمر لكبار السن ونضارة البشرة وإزالة التجاعيد ومضاد لأعراض تقدم السن وحالات الإجهاد العام، هذا فضلا عن كون العلاج بالأكسجين يزيد نشاط كرات الدم البيضاء، ومن ثم تزداد قدرة الجسم على محاربة الميكروبات والأجسام المضادة ، كما أن الأكسجين يعتبر أقوى مضاد للبكتيريا التى تعيش بداخل الجروح ..خاصة جرح مرضى السكر، ومن ثم تسبب له " الغرغرينا " الغازية التى تؤدى إلى البتر أيضا .
هل هناك شروط لمن يخضع لهذا العلاج ؟ ألا تكون لديه مشاكل فى الرئة، ولا يتناول أدوية مضادة للسرطان، ولا يعانى من التهاب فى الجيوب الأنفية أو الأذن، وكذلك في أثناء فترة الحمل ونزلات البرد الشديدة، وألا يكون المريض لديه " فوبيا " من الأماكن المغلقة؛ لأن الجلسة تتم فى جهاز مغلق، وهناك جلسات جماعية وأخرى فردية، وتتراوح مدة الجلسة ما بين ساعة وساعتين .
وماذا عن تكلفة العلاج بالأكسجين ؟ أولا أحب أن أوضح أنه كون هذا العلاج حصل على موافقة منظمة الغذاء والدواء العالمية، فهذا معناه أن شركات التأمين ملزمة بدفع تكاليف العلاج للمرضى رغم ارتفاعها بالخارج والتى تصل إلى 1000 دولار، أما فى مصر فالتكلفة تتراوح ما بين 100 جنيه و 150 جنيهاً فى الجلسة حسب الجرعة وعدد الجلسات والتى تحدد حسب طبيعة الحالة .
أليس غريباً- رغم أن تكلفته معقولة وله فوائد كثيرة- أنه مازال غير معروف فى مصر؟ هو بالفعل ليس منتشراً فى مصر، ولكنه موجود فى جميع المستشفيات العسكرية ومعهد ناصر ومعهد السكر وبعض المراكز المحدودة فى القاهرة والبحر الأحمر، فضلا عن أن الأطباء الذين تخصصوا فى هذا المجال عددهم محدود جدا، وعلى فكرة هذا العلاج ليس حديثا، فهو موجود فى العالم كله منذ أكثر من 60 سنة ، ويعد الرئيس جمال عبد الناصر أول من استخدمه، حيث خضع لجلسات علاج مكثفة به فى روسيا نظرا لأنه كان مريضاً بالسكر مزمن، وكذلك الرئيس السابق حسنى مبارك كانت لديه غرفة أكسجين خاصة فى منزله ، وهذه الجلسات هى التى ساعدته فى التغلب على مشاكل صحية عنيفة، وهذا يعطينا فكرة عن قوة هذا العلاج.
العلاج بالأكسجين لابد أن يكون فى الحالات المرضية فقط أم يمكن لأى شخص استخدامه لتنقية الدم ؟ المفترض أن أى شخص يعيش فى القاهرة يحصل على جلسة على الأقل مرة كل أسبوعين بسبب نسبة التلوث العالية، ومن ثم فالهواء بها ممتلئ بأول أكسيد الكربون وهو غاز سام يلتصق بالدم فيعوق قدرته فى الوصول للأنسجة، ومن ثم يشعر بالكسل والخمول وعدم القدرة على الحركة أو فعل أى شىء، وهو هنا مهم جدا لعلاج الأطفال والشباب فى مرحلة المراهقة الذين يتعرضون لمثل هذه المشاكل وكل تلك الأعراض تختفى تماما بعد أول جلسة لدرجة أن المريض نفسه لا يصدق الاختلاف الذى طرأ على جسمه وحالة يقظة الذهن التى يشعر بها، كما أنه يعطى تأثيرا ملحوظا على البشرة فيمنحها النضارة والصحة والشباب نظرا لوصول الأكسجين للخلايا بكم كافٍ .
كيف يتم تقييم المريض لبدء جلسات العلاج بالأكسجين ؟ أولا تقييم الحالة المرضية يتم لتحديد عدد الجلسات، ولا يسمح بدخول الحالات التى لم يتم تشخيصها أو الحالات التى لم يثبت وجود تأثير للعلاج بالأكسجين عليها، وثانيا تقييم المريض من حيث قدرته على تحمل الجلسات وذلك بالفحص الطبى الدقيق .