بعد أن انخفض سعر صرف الدولار في فترة قصيرة.. ووصل سعره إلى 15.75 جنيها يعاود الارتفاع مرة أخرى.. بالرغم من ارتفاع رصيد الاحتياطي الأجنبي ليسجل 26 مليارا و541 مليون دولار بنهاية فبراير الماضي.. فلماذا سيرتفع سعر الدولار في الفترة القادمة؟ الإجابة باختصار هي أن هناك عوامل ستؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدولار ومنها عودة الاستيراد، وقرب موسم رمضان ومواسم العمرة، فقد توقع بنك الاستثمار أرقام كابيتال أن يتجه سعر صرف الدولار للارتفاع مرة أخرى أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة نتيجة عوامل موسمية تزيد من الطلب على الواردات، قبل أن يتراجع مجددا في النصف الثاني من العام الجاري نتيجة تدفقات منتظرة بالعملة الصعبة، معتبرا أن "الأسوأ قد مر على الأرجح". ونشر البنك تقريرا بعنوان "الشيطان في سعر الصرف .. فلنركز على الاتجاهات الحقيقية بدلا من ذلك"، وقال فيه إن سعر الصرف أصبح يُستخدم بشكل خاطئ كمقياس وحيد لصحة الاقتصاد المصري، بينما يوجد تحسن في مؤشرات النشاط الاقتصادي الحقيقي، رغم ارتفاع معدلات التضخم. ويتساءل التقرير "إلى أي مدى علينا أن نقلق من وضع سعر الصرف؟"، ويجيب "نعتقد أن الأسوأ قد مر على الأرجح وأن سعر الصرف سوف يتذبذب خلال 2017 و2018 حسب تزايد أو انحسار تدفقات العملة الصعبة، سواء في المجالات الأساسية أو في محفظة الأوراق المالية، حتى يكتمل التعافي الاقتصادي"، ويحدث تغيرا ملموسا في تدفق العملة الصعبة من الاستثمارات والسياحة. ووضع التقرير حدودا لهذا التذبذب تتراوح بين مستوى 19 إلى 20 جنيها للدولار، وهو المستوى الذي أظهرت الفترة الماضية أن المستوردون سيتوقفون عن شراء الدولار عنده، وبين حدود 15 إلى 16 جنيها الذي يبدأ عنده الطلب على الواردات في الزيادة، ومن ثم يرتفع الطلب على العملة الصعبة. ويتوقع بنك الاستثمار أن يتجه سعر صرف الدولار للارتفاع مرة أخرى أمام الجنيه خلال الربع الثاني من العام (إبريل إلى يونيو) مع عودة الواردات للارتفاع نتيجة عوامل موسمية. ويوضح أرقام أن هناك عوامل موسمية تؤثر في زيادة المعروض من العملة الصعبة وأخرى تزيد من الطلب عليها، فالسياحة تحسنت في موسم الكريسماس والعام الجديد، ومن المنتظر أن تشهد زيادة في عيد الفصح، كما تزيد تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال الصيف. لكن هذه التدفقات الداخلة إلى الاقتصاد تقابلها عوامل موسمية أخرى لتدفق العملة الصعبة إلى الخارج مثل مواسم العمرة والواردات المرتبطة بشهر رمضان، واحتياجات بعض المصريين من العملة للسفر إلى الخارج خلال فصل الصيف. وسيحدث تراجع في قيمة العملة المحلية خلال شهر مارس الجاري وإبريل المقبل، حسب تقديرات أرقام كابيتال، نتيجة للضغوط الموسمية المذكورة، على أن يبدأ الجنيه في التحسن خلال النصف الثاني من العام مع تحسن التدفقات الداخلة إلى الاقتصاد، ليكون متوسط سعر صرف الدولار في مجمل العام الجاري في حدود 15 إلى 16 جنيها. ويتوقع التقرير أن يحدث تحسن في التدفقات الدولارية خلال الربعين الثاني والرابع من العام الجاري (إبريل إلى يونيو وسبتمبر إلى ديسمبر)، مع عودة السياح الروس والبريطانيين إلى مصر، بالإضافة للتدفقات المنتظرة من عدد من القروض الدولية. وعلى جانب آخر هناك ديون سوف تسددها مصر على مدار العام تصل إلى 8 مليار دولار بحسب بعض التقديرات، ومنها مليار ونصف مليار دولار مستحقات شركات البترول أما عن التوقعات الدولية فقد توقعات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في ديسمبر الماضي أن ترتفع قيمة الجنيه المصري بدءاً من العام المالي 2018 ليصل سعر صرف الدولار إلى 14.5 جنيه، في مقابل نحو 16 جنيهاً ترجحه بنهاية يونيو 2017، وهو نفس توقعات بنك كابيتال، وتتوقع الوكالة أن تسجل مصر معدلات نمو أقوي في العام المالي المقبل 2018 لترتفع إلى 4.5% ، رغم سياسة ضبط الأوضاع المالية التي تستهدفها الحكومة ، مع إشارتها إلى أن سياسة تحرير سعر الصرف ستؤتي ثمارها ،بالإضافة إلى بدء الإنتاج بحقل زهر بالتزامن مع قدوم استثمارات ضخمة. وعلى جانب آخر نشرت شركة إتش إس بي سي للدراسات الاقتصادية الدولية تقريرا تؤكد فيه أن 2017 عام إعادة توازن الاقتصاد المصري وليس عام الانتعاش، ووفقا للتقرير فإن التحدي الحقيقي يتمثل في الحفاظ على زخم تلك الإصلاحات والاستمرار في تنفيذها، وأدت التطورات الأخيرة، مثل تعويم الجنيه، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، بجانب السياسات الهيكلية والإصلاحات المالية، إلى قيام إتش إس بي سي بمراجعة رؤيتها للاقتصاد الكلي لمصر، وتتوقع أن يستقر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار خلال العام الجاري عند 18 جنيها للدولار، وأشار التقرير إلى أن جوهر المرحلة الأولى من عملية الإصلاح الاقتصادي هو تحرير سعر الصرف، وأضاف أن توقعات معدلات النمو لعام 2018 أخذت منحنى تصاعديا، مع توقعات بزيادة احتياطي النقد الأجنبي بدعم من تدفقات النقد الأجنبي للبلاد، والتي كانت أعلى من المتوقع، وذكر التقرير أنه لا يزال هناك الكثير أمام مصر للقيام به، ومع ذلك "يجب أن نظل متفائلين بحذر خلال هذه الفترة الانتقالية الصعبة، خاصة وأن الاقتصاد يجب أن يدفع فاتورة ست سنوات مضت من الانخفاض".