الإسماعيلية مدينة لها روح مختلفة ربما تجدها من أكثر المدن نظافة وتحضرا في مصر, فرغم هدوئها ونظافتها إلا أنني خلال الزيارة التي قمت بها لم أجد متسولا واحدا في شوارعها لدرجة أنني تمنيت أن أكون واحدة من سكان هذه المدينة .. وأكثر ما يميز هذه المدينة معمارها المختلف حيث نادرا ما تجد العمارات المرتفعة بل أن أغلب عمارت المدينة لا تزيد عن خمسة طوابق فقط ولكن ما استوقفني هو أنه مازالت هناك مباني مصنوعة من الحجار وليست من الطوب الأحمر مما أعطت شكلا جماليا وروح مختلفة لم يتجول في هذه المدينة . حكاية هذه المباني يحدثنا عنها محمود السيد أحد سكان هذه العمائر ويقول أنا أعيش هنا منذ 1960 وهذه المنطقة التي تربت فيها وكانت هذه المباني بالنسبة لسكان الإسماعيلية هي أفضل العمارات التي بها قبل هذا التطوير والعمارات العالية التي بدأت تغزو المدينة وكانت تعتبر من أفضل الأماكن التي يمكن أن يسكن بها أولاد الطبقات الغنية , ونسمع أنها كانت في الأصل مبنية منذ عهد الخديوي إسماعيل وآخرين يقول أنها منذ حفر القناة ولكنها في الحقيقة من أفضل المباني التي توحد في الإسماعيلية لأنها صحية جدا رغم أنه يبدو عليها أنها مجرد مساكن لتشابه العمارات ولكن أفضل ما يميزها هي فواصل التهوية ما بين كل عمارة وأخري مما يتيح فرص كافية للتهوية علي عكس ما يتم بناءه الآن. وأحمد سكانها محمود بيومي يقول لنا أن هذه المباني تعتبر من أغلي المباني في الإسماعيلية لأنها صحية جدا من ناحية كما أن أغلبها يقع في وسط المدينة, فهذه المباني في ذروة فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة نجد أن درجة الحرارة داخلها أقل من الخراج بحوالى 10 درجات وكأن بها مكيف طبيعي لذلك نادرا ما نجد في هذا العمارات أي أثر لتركيب مكيف لأنها لا تحتاج إلي ذلك كما أن في الشتاء تكون دافئة جدا من الداخل وبالتالي فهي أسعارها مرتفعة جدا بالنسبة لسوق العقارات في الإسماعيلية ورغم أن أغلب الشقق بها تتراوح ما بين 60 إلي 85 متر إلا أن أسعارها تراوح ما بين 70 ألف جنية وتصل إلي 100 ألف وهو رقم كبير جدا بالنسبة للعقارات في هذه المدينة وتعتبر من أفضل المباني ولكن السعر يختلف وفقا للموقع التي تكون عليه الشقة وتوضيبها من الداخل. وتعلق المهندسة سهير حواس الخبير المعماري ورئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بالمركز القومي للتنسيق المعماري علي هذه النوعية الفريدة من البنايات والتي تصفها بأنها مذهلة ورائعة قائلة: مدن القناة بشكل عام ومدينة الإسماعيلية بشكل خاص بها تراث كبيرة جدا مثل بيوت كثيرة فهي تتميز بأنها أقرب إلي الطراز الإنجليزي ولابد أن تكون هذه المباني مسجلة طبقا لقانون 144وهو قانون اسمه تنظيم أعمال هدم المباني غير الآيلة للسقوط وهو الذي يقر بالحفاظ علي الثروة المعمارية المتميزة ويقاوم هدم المباني والتي لا تعتبر أثار ولكنها من تراث البلد لتميزها بطبيعة معمارية مختلفة غير موجودة سوي بهذه المدن ولابد أن يكون هناك زيارات كنوع من الترويج لها خاصة وأنه نوع غير مسبوق وله تاريخ في عالم العمارة كما أن مدينة الإسماعيلية كانت أقل مجن القناة في حجم الإضرار بالبنية التحتية والمباني بما جعلها تتمتع بشكل أكبر عن غيرها بوجود هذا النوع من العمارة والبنيان الفريد فوجود الحجارة في المباني يجعل سمكها غير قابل لامتصاص الحرارة مهما كانت مرتفعة أو منخفضة فنجد أن الشقق السكنية وكأن بها مكيفات مركزية في أوقات الصيف ودافئة من الداخل في الشتاء نظرا لسمك حجم الجدار المبني بالحجارة أما عن الأسقف تكون محملة علي كمرات ويطلق عليها براسيم خشبية يتم تحميل الأسقف عليها تخلق روح للمدينة والحي بالإضافة إلي أن هذه المباني أنشئت في حقبة تاريخية مميزة وهي حفر قناة السويس أي منذ القرن التاسع عشر وبعضها تأثر بفعل الحروب وربما كان تأثر السويس وبورسعيد أكبر من الإسماعيلية بما جعلها مازالت تضم بعضا من هذه المباني التراثية. ولابد أن الدولة تضع دراسات لهذه الأماكن للحفاظ عليها وألا نقوم بتشويهها بإدخال عصر جديد من المعمار عليها ولكن لابد أن يكون هناك انسجام بين الجديد والقديم.