"أذا وضع الطعام وحضرت الصلاة فأبدوا بالطعام" هكذا يقول سيدنا رسول الله "ص" لأن الجائع سيشغله جوعه ويفقده تركيزه وخشوعه في الصلاة لذا فليأكل أولا ثم يصلي... الجائع لا يصلي قبل أن يشبع فهل يمكن للجائع أن يدافع عن وطنه قبل أن يشبع...الجائع للحياة الكريمة الآمنة هل يمكن أن يكون سلاحا ومصدر قوة لبلده في أي معركة أو في مواجهة أي مؤامرة أم سيتحول لسلاح فاسد يضرب فينا جميعا . الجبهة الداخلية القوية جسديا ونفسيا هي التي يمكنها أن تحارب وتصبح درعا للوطن أما المنهكة والمأزومة نفسيا واقتصاديا فهي عبء عليه ...وهذا واقع لا يقلل من قيمة وعظمة الشعب المصري – ولو كره بعض السفهاء ممن يملكوا وقاحة التجرؤ عليه والتقليل من شأنه- المنهك منذ ستة أعوام حيث أرهقته المظاهرات والتقلبات السياسية والاجتماعية والدينية وأجهده الانشغال بالسياسة التي لم تكن علي مدار ال35 عاما السابقة علي 25 يناير جزءا من اهتمامات إلا مجموعات صغيرة منه . تحمل أغلب المصريين تقلبات لم يتصوروها في أسوأ كوابيسهم ولم يبخلوا علي مصر لا بالجهد ولا بالمال... قدموا السبت لكن لم تسطع لهم شمس الأحد التي تحقق رغباتهم الملحة في الحياة الكريمة والاستقرار وهي مطالب مشروعة أقرها الله عز وجل في قوله "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف" . الحياة الكريمة وعدم الحاجة والعوز والأمن أبجديات لا يمكن لأحد أن يختلف عليها إلا في مصر الآن فالشعب الذي كان القائد والمعلم يخرج عليه من يتهمونه بالكسل والجشع و"الطفاسة" والتبذير والتنطع علي أولي الأمر الذين قبل أقدامهم ليقبلوا بتولي أموره . ولن استغرب إذا ما ظهر بيننا في الزمن السفيه من يطالب بتغيير الشعب لأنه مش قد مقام نخب المطبلاتية أصحاب المصالح والمكاسب الذين يختصروا الوطنية في حمل المباخر وتقديم وصلات النفاق لأصحاب السلطة ولا قد تفكير الثورجية الذين يرونه شعبا خانعا ذليلا يستحق ما هو فيه لأنه لا يثور ويدمر كل شيء ويحرق روما علي رأس الجميع مثل نيرون. الشعب المصري يهان ويتم التطاول عليه من كل الاتجاهات فقط لأنه فكر أن يقول " تعبت " ...تنهش في لحمه الكلاب الجائعة لمزيد من المكاسب والمناصب لان عياره فلت وحن للراحة وحلم بدولة بلا فقر أو جهل أو مرض ...يصمه البعض بالجاهل والسؤال هل اهتم احد بتعليمه علي مدار ال45 عاما الماضية .... بل هل اهتم أحد بأن يقدم لمن يتعلم فيه تعليما حقيقيا في ظروف أدمية....يصفه آخرون بالشعب النصاب الذي يأخذ ما لا يستحق من الدعم والسؤال هل التعليم والغذاء والعلاج ليس من أبسط حقوق المواطنين من دافعي الضرائب . أتحسس كلماتي وأنا أدافع عن نفسي وأهلي في الوطن بعد أن صار الدفاع عن البسطاء تهمة مشينة تلحق العار بصاحبها فكيف لنا أن ندافع عن ضعفاء الوطن "اللي ملهمش ضهر" ولا فائدة ترجي منهم في زمن أصبحت الشطارة أن نبيع ضمائرنا وأقلامنا لمن يدفع بعد أن اتفقت غالبية النخب والسياسيين والإعلاميين علي شيء واحد وهو " إن دار أبوك خربت خد لك قالب" هذا القالب الذي يبحث عنه الجميع وهم في أبراجهم العاجية وليس من حق الشعب أن يصرخ في أرض الواقع من الغلاء والفساد والظلم. الجبهة الداخلية المشغولة بلقمة العيش والمهمومة بتوفير متطلبات حياتها اليومية والمنهكة من الجري المتواصل لضمان فرص التعليم والعلاج بل لضمان استمرار الوجود علي قيد الحياة لابد من مساندتها بكل ما أوتي الجميع من قوة لتسترد كامل صلابتها وعافيتها وتوحدها لضمان صمودها ووقوفها إلي جانب الوطن....فلا حل لمن يريد أن تواصل هذه الدولة مسيرتها إلا إعادة شحن طاقات قوي الجبهة الداخلية بتوفير ألف باء حياة . توزيع صكوك الوطنية من أصحاب الطبل وعشاق الإقامة في الميادين علي الناس وكأن الوطن عزبتهم الخاصة والصراخ في الشعب وأهانته مؤشر علي حالة عبثية لدي الكثيرين ممن يتصدرون المشهد الآن في معظم المجالات لاسيما وأن الحروب المصيرية لا تخاض بفرق التطبيل وكتائب الفوضى لأنهم وقت الجد يكونوا أول الفارين من ميادين القتال وتبقي فقط الكتلة الصلبة للمجتمع تلك الكتلة التي لا مهرب من علاج حالة الاحتقان والغضب والوهن التي أصابتها لان بيدها فقط مفاتيح بقاء واستمرار وجود هذا الوطن أمنا مطمئنا وليتذكر الجميع أن هذا الشعب هو مالك هذه البلد وسيدها .