كتب: خالد جلال عباس- نور الدين عادل كل صباح باكر يعارك الغلابة الوقت والزحام فى رحلة الوصول إلى العمل، والتى تتكرر مرتين فى اليوم إيابا وذهابا، تحديدا بقطار 23 يوليو، وهنا قررنا أن نتشارك معهم هذه التجربة، وبمجرد وصلنا إلى محطة 23 يوليو التى تقع على أطراف المرج الجديدة، وجدنها خاوية، يسيطر الإهمال الشديد عليها، حيث غاب تواجد أى عناصر للأمن بمحطات هذا القطار. وصافرة تحرك القطار هي الفيصل في تغيير خريطة المكان فجأة الجميع يجري في كل اتجاه والباعة الجائلون يسارعون بحمل بضائعهم قبل تحرك القطار بثوان. وبالتوجه إلى ناظر المحطة ويدعى أحمد طه تنهد وذكر قائلا:" يابيه المحطة قيد الانشاء بقالها 5 سنوات، ومش عاوزين يكملوها لأن فى ناس واخذها سبوبة، بيسرقوا فلوس من الدولة بحجة تطويرها واستكمال بنائها، هل تصدق أن تكلفة محطة بالشكل القدامك ده 3 مليون جنيه! وفى النهاية المواطن هو كبش الفداء، وزاى ماحضرتك شايف كده المحطة اشبه بمقلب قمامة ومكملش بنائها". وبعد لحظات من الصمت ضحك بسخرية ذاكرا :"حضرتك شايف الرصيف هابط منتصفه وبه شقوق، والرصيف الآخر به ما يكفى من الحفر ليتعفر بها قدمك وتصبح تحت القطبان، وقد استغله السكان وأنشاؤا عليه قهاوى وجراجات وأكشاك للبيع، فأصبحت حركة القطار أصلا مستحيلة فى ظل كل هذه التعديات وعندما وجهنا رسالة إلى المسؤليين لم يفعلوا شيئا سوى أنهم فرضوا علينا أن نتحرك بسرعة 30 كم ، وهو ما أثر على الوقت الذى يستغرقه القطار فى خط سيره بدءا من محطة 23 يوليو مرورا بمحطات (قلج البلد،القلج، الجبل الأصفر، الخانكة، أبو زعبل، محاجر أبو زعبل، العليقات، الشوبك) لينتهي بمحطة شبين القناطر، فبعد أن كان الأمر يستغرق نصف ساعة أصبح الآن ساعة وربع ! فالصيانة أصبحت على ورق فقط أما على أرض الواقع تعانى السكك الحديدية من سوء كافة الخدمات وخاصة خدمات الصيانة والخدمات الصحية". ثم تركنا وذهب مسرعا فى طريقه يهمهم بكلمات غير مفهومة، فصعدنا إلى القطار لنبدأ معه رحلته، وكان الجدير بالملاحظة أننا وجدنا القطار محطماً وأبوابه معطلة والأسقف الحديدية لعربة القطار تآكلت من الصدأ فلم يتم صيانتها بعد ، فلم يقف الأمر عند ذلك الحد فالشبابيك بعضها محطمة الزجاج والأخرى عبارة عن فتحة من الحديد البالي، كما اكتشفنا أثناء الرحلة حياة غامضة تنمو بين قطبان القطار وتحمل معها مفتاح الحياة ، حياة الركاب التي تستقل القطار يومياً، فتصبح أرواحهم على كاهل عمال السكك الحديدية الذين يمثلون مفتاح الحياة ، هؤلاء العمال الذين يتعاركون يوميا مع أصحاب السيارات والتكاتك الذين يستغلون المنافذ الغير قانونية ويعبرون مسرعيا من أمام القطار أثناء وصوله وهو الأمر الذى ترتب عليه كوارث كثيرة دفع ثمنها عمال القطار فقط. ويقول ابراهيم علي -كمسرى القطار:" رغم أن سعر التذكرة جنيه وربع إلا ان إقبال الموطنين علي ركوب القطار ضعيف للغاية.. وأقصي ما يصل إليه القطار من إشغال في أوقات الإجازات والأعياد من50 إلي60 راكبا فقط للقطار الواحد ونحو200 راكب علي مدي اليوم الكامل وهناك أيام لا يوجد ركاب علي الإطلاق. ويكمل القطار رحلته إلى محطة الخانكة التي تحوى الآلآف من صرخات العاملين بها ، فيصرخ سائقي القطار من نقص الخدمات في الصيانة في أبراج المراقبة التي تكاد تكون شبه مدمرة وعلى قلة المرتبات التى تتراوح بين (1500 – 2500 ) جنيهاً، و يصل القطار الي نهاية فى محطة شبين القناطر التى تفتقر إلى الصيانة وتملأ الرطوبة جدران الرصيف مما يجعلها بحاجه الي ترميم، كما ان اخر قطار ينطلق في السابعة مساءً وتذكرة القطار موحدة وقيمتها 125 قرشا، فهل سيتحرك المسئولون لنجدة هذه السكة أم ستظل خارج حساباتهم لفترة طويلة ؟