ساد الهرج والمرج وزارة الآثار.. الكل يجري في كل اتجاه.. وجريت عارفاً اتجاهي والابتسامة تبدو على وجهي عريضة وفتحت باب مكتب الوزير ووجهي تكسوه حمرة النشوة والانتصار قائلاً: - لقد عثرنا عليها يا سيدي، أبلغونا الآن هاتفياً أنه تم العثور على المقبرة تهللت أسارير الوزير وابتسم في سعادة غامرة قائلا: - كاملة؟ بالميداليات، والصور؟ ابتسمت في ثقة مرتدياً لحلة أنيقة قائلاً: - سيدي هم علموا أنها هي وانتظروا معاليك لتفتحها بيديك انتصب الوزير مرتديا ساعته وجامعاً لحاجياته من على المكتب وقال: - هيا بنا سنذهب سوياً إلى هناك اصطحبني الوزير في حوامته وانطلقنا مسرعين تجاه المقبرة المكتشفة التي تبدو أنها اكتشاف أثري سيغير مجرى التاريخ. وبعد قطع المسافة من مقر الوزارة في القاهرة الجديدة وصولا لمنطقة أطلال القاهرة القديمة وهناك كانت السجادة الحمراء مفروشة، مع زفت الزيارات والورود والأشياء الروتينية التي اعتاد عليها البيروقراطيون عند استقبال الوزراء، والتي لم يغيرها وصول مصر للقرن ال23ونزل الوزير وأنا من الحوامة متوجهين إلى المقبرة والكل ينظر إلينا في سعادة والابتسامة تعلو وجوههم، فاستقبلنا كبير المنقبين والتراب يكسو ملابسه ومرتدياً قبعة تبدو مثيرة للضحك وقطرات العرق تختلط بالتراب على وجهه قائلاً: - لم تمسس أيدينا المقبرة انتظاراً لوصول معاليك ابتسم الوزير في تقدير لمنافقة السيد الباحث قائلا: - هيا بنا نفتحها نزلت مع الوزير ومجموعة من الباحثين والموظفين وتوجهنا للمقبرة فاتحاً بابها – الوزير وليس أنا- ونظر للحاجيات الملقاة في المقبرة وأمسك بيديه مجموعة الصحف الملقاة بجوار التابوت والتي تبدو رثة وتعلوها الأتربة ونفض الغبار عنها ونظر للصورة المنشورة والمكتوب فيها "أبطال بوركينا فاسو 98" وتابع بنظره مجموعة الكؤوس والكرات الملقاة يمينا ويساراً، متوجهاً إلى المقبرة لفتح غطائها، فاستوقفه المصورون لالتقاط الصور فرسم على وجهه الابتسامة الحكومية الصفراء ومد يديه لفتح التابوت. فتح الوزير التابوت بعد نفض الغبار عنه وأنا جواره، وهاله ما وجده وانفتحت مقلتي عينيه عن آخرهما دهشة وبدأت قطرات العرق تتصبب على جبينه، صائحاً: - التابوت خالٍ.. خالٍ.. أين المومياء؟! نظر الجميع للوزير في دهشة وفغرت أفواههم عاجزين عن الكلام وبدت الصدمة وقد جعلتهم يبتلعون ألسنتهم، فمد الوزير يديه ملتقطاً ورقة في التابوت تبدو وقد اصفرت وتآكلت أطرافها، ونفض التراب من حولها ليقرأ ما جاء فيها باللغة العربية، وبصوت عالٍ ردد ما كتب فيها: "لقد قررت أن أقضي بقية حياتي خارج هذه البلد.. وأن أدفن بعيداً عنها لما فعلته بي، لقد حبسوني بسبب أشياء عادية، غير عابئين لتاريخي.. لمجرد التعدي على شرطي، وضرب مصور تلفزيون، وسب جماهير، وأشياء روتينية يفعلها الجميع.. ولكنهم حبسوني كما لو كنت مصرياً".. توقيع حسام حسن.. حسام حسن.. حسام حسن.. لأاااااااااا صحوت من نومي مفزوعاً.. متعجباً من الحلم الغريب الذي رأيته.. اللهم اجعله خير.. يبدو أنني تأثرت بقراءة الأخبار قبل نومي، فهل يمكن أن يتحقق الحلم ونفتح مقبرة حسام حسن يوماً ولا نجد فيها مومياؤه.. هو لم يقتل أحداً بعد.. مجرد إنه تعدى على إناس وضرب ناس وسب آخرين، أعمال بلطجة اعتيادية لابد أن نسامح فيها حتى لا تخلو مقبرته من وجود جثمانه في المستقبل.. حسام حسن قيمة.. وعلى الأغلب الناس بلا قيمة.. فلماذا نقسو عليه ونطبق عليه القانون.. القانون هو للضعفاء ولكن قانون حسام حسن يختلف.. فلا تحبسوه كأنه مصرياً.. ورفقا بالحسام حسن! زياد فؤاد @zeyad_fouad