نفور كبير من الجمهور.. وخبراء الإعلام: الاتحاد فى حالة تدهور مبنى عريق يقع على ضفة نهر النيل له تاريخ عظيم، إنه ماسبيرو أو كما يطلق عليه مبنى الإذاعة والتليفزيون، الصرح الإعلامى الكبير الذى قدم لنا الكثير من القامات الإعلامية التى لم ولن ينساها المشاهد المصرى على مدار عمره , لكنه عاني في سنواته الماضية من الترهل والمشاكل الإدارية التى كانت سبباً في غرقه بالديون التي وصلت إلى أكثر من 20 مليار جنيه بالإضافة إلى تدنى مستوى مشاهدته فى مقابل تفوق القنوات الفضائية الخاصة عليه فى المنتج والمضمون. نرصد من خلال هذا التحقيق أراء الجمهور والمتخصصين عن أداء "ماسبيرو" وأهم المشكلات التى تواجه ماسبيرو وعن خطة تطوير وهيكلة ماسبيرو . قنوات لا تستحق المشاهدة يقول "محمود على" طالب بكلية الأسنان جامعة المنيا، "إن ما يقدمه التليفزيون المصرى أشياء تقليدية للغاية, فمنذ سنوات لم يغير من نفسه, وهذا يؤدى بالمتلقى إلى العزوف عن المشاهدة والبحث عن قنوات أخرى". ويقول "يسرى محمد" طالب بكلية الطب جامعة القاهرة، إن ماسبيرو يفتقد للكثير من المصداقية والموضوعية فى الوقت الحالى, فهو لا يهتم سوى بوجهة نظر واحدة وهى وجهة نظر الدولة ويبتعد يوما بيوم عن المواطن وعن عرض مشاكل المواطن, والحل الوحيد لإنقاذ ماسبيرو هو بتغيير عقلية ماسبيرو وليس تغيير قيادات أو أفراد. بينما يرى بسام زكريا، طالب بكلية التمريض جامعة القاهرة، أن التليفزيون صعب يطور من نفسه فى ظل منافسة القنوات الخاصة له وبرامج التوك شو التى أصبحت رقم واحد فى القنوات الخاصة, والتى تعتبر أحد العوامل الرئيسية التى تعتمد عليها القنوات فى الربح من خلال نسب المشاهدة العالية والاعلانات".
ويشير محمد كمال، طالب بكلية التجارة جامعة عين شمس، إلى أنه لابد من تنويع البرامج والمواد الإعلامية المقدمة للجمهور فى التليفزيون المصرى، ليس ذلك فقط بل يجب أن تكون المواد الإعلامية المقدمة لها فائدة وهدف إيجابي. ويوضح "أحمد حسنين"، موظف بالمعاش، أفتكر لما كنت صغيرة مكنش فيه إلا قناتين أو 3 بس فى التليفزيون، وكنا مضطرين نشوفهم بس دلوقتى القنوات بقت كتيرة وفى قنوات ملهاش لازمة خالص, واللى بتقدمه للناس أى كلام فاضى. وتقترح رشا محمد، ربة منزل، أن يقوم التليفزيون المصرى بعمل برامج مثل العاشرة مساء والحياة الأن, يكون لها اسمها ويأتى بمذيع مشهور ومحبوب كمحمود سعد على سبيل المثال أو إبراهيم عيسى. بينما يوضح أحمد رمضان، مدرس لغة عربية، لم أعد أتابع التليفزيون المصرى تقريبا, فالشئ الوحيد الذى أتابعه فى قنوات التليفزيون هو النشرة الإخبارية, فالتليفزيون المصرى حاليا لا يقدم منتج أو مضمون يستحق منى أن أتابعه, أو يستحق منى على الأقل أن أغير القناة عليه. ويقول محمد رشاد، مهندس بوزارة الكهرباء، للأسف التليفزيون المصرى وصل لمرحلة من السوء لم يشهدها من قبل فى المضمون الذى يقدمه أو حتى فى الصورة ,فلا يوجد برنامج فى ماسبيرو يستطيع أن يجذب الرأى العام لمتابعته, ويمكنك أن تشعر بالفرق الشديد بين القنوات الخاصة والتليفزيون المصرى فى المنتج والمضمون، ويضيف "يكفى فقط مشاهدة القنوات الأقليمية التى تبث على النايل سات لتدرى مدى السوء والكارثة التى وصل اليها ماسبيرو".
ماسبيرو فى حالة تدهور شديد يقول الدكتور خالد صلاح، الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، إن القنوات التليفزيونية فقدت مصداقيتها عند المواطن المصرى وأداء القنوات التابعة لإتحاد الإذاعة والتليفزيون أداء باهت، ويوجد إهدار كبير فى هذه المنظومة وخسائر الإتحاد حتى الآن 21.4 مليار جنيه وهذا عبء على الدولة التى لا تدعم الصحة بمليار. ويضيف صلاح، أنه اتضح من خلال بحث أجرى على القنوات التليفزيونية فى مصر أن القناة الأولى رقم 27 فى المشاهدة بينما قناة النيل للرياضة رقم 21 وجاءت القنوات الأعلى مشاهدة قنوات الحياة وإم بى سى والنهار وسى بى سى، لافتا إلى أننا فى حاجة إلى سياسة إعلامية ومدونة سلوك وميثاق شرف أخلاقى . ويتابع، التليفزيون بدأ فى قنواته يعتمد على تقليد القنوات الخاصة فى الإساءة إلى المؤسسات والنقابات والأشخاص والإتحادات، نحن نحتاج إلى آليات سريعة لأن الاعلام الآن يعيش مرحلة فوضى , وأعتقد أن الإعلام الذى يظهر فى إتحاد الإذاعة والتليفزيون هو لا يعرف ماذا يفعل وماذا يقول ؟ فخطابه الإعلامى مهزوز. و تقول الدكتورة شيماء ذو الفقار، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، إن العاملين داخل ماسبيرو عددهم حوالى 43 ألف وهذا عدد كبير جدا بالنسبة لما يقوموا بتقديمه فى الميديا، ولذا فلابد من إعادة توزيعهم مرة ثانية خارج ماسبيرو. وترى "ذو الفقار", أن مشكلة ماسبيرو مستعصية والديون كثيرة عليه ومعظم العاملين به لا حاجة لهم ويكلفوا الدولة ميزانية كبيرة، مشيرة إلى أن هناك تجاوزات تحدث فى ماسبيرو أخرها المذيعة عزة الحفناوى عندما تطاولت على الرئيس السيسى وبالطبع فهى مخطئة لأن التليفزيون المصرى هو تليفزيون الدولة واذا نسيت ذلك فالقنوات الخاصة كثيرة، لافتة إلى أنه من المهم جدا وجود إعلاميين ومذيعين كبار بماسبيرو لأن ذلك من شأنه زيادة نسب المشاهدة وبالتالى زيادة كمية الإعلانات.
ماسبيرو يحتاج للتطوير وتقول الدكتورة هبة شاهين، رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس، إن الدولة تتجه حاليًا إلى خفض الأعداد الضخمة بماسبيرو، وذلك عن طريق إحالة عدد كبير إلى المعاش وعدم قبول عاملين بماسبيرو إضافيين كما هو معتاد سنويًا. وتؤكد شاهين، أن معظم العاملين داخل ماسبيرو موظفين ليسوا إعلاميين وبالتالى فإن المكاسب أو الأرباح التى يحققها إتحاد الإذاعة والتليفزيون تذهب مباشرة إلى أجور الموظفين. وتتابع رئيس قسم الإعلام، من ضمن حلول تطوير ماسبيرو محاولة إيجاد حل فى الديون المتراكمة منذ سنوات على ماسبيرو، وبالنسبة للقنوات الكثيرة والتى لا يتم الاستفادة منها، حيث أن اقتصاديات هذه القنوات ليست إيجابية ولا تحقق شئ مفيد ومن الممكن التركيز على قناتين أو ثلاثة يكون لهم محتوى هادف للجمهور. وتشير "شاهين"، إلى أن تجاوزات ماسبيرو محدودة للغاية مقارنة بالقنوات التليفزيونية الأخرى والقنوات الخاصة فتجاوزات بعض المذيعين والمذيعات على سبيل المثال تكون إما عن غير قصد أو بقصد ويكون الهدف منه هو الشهرة على حساب ذلك. الهيكلة مفيدة لماسبيرو ويقول طارق محمد، موظف بماسبيرو، أعمل فى هذا الصرح الإعلامى الكبير منذ ثلاثين عاما وتحديدا فى عام 1985, والقطاع لا يخلو من المشاكل كأى مؤسسة حكومية موجودة في مصر، لافتا إلى أنه يوجد عدد كبير من العاملين داخل ماسبيرو حيث وصلوا إلى 43 الف لكنهم حاليا بيقلوا ووصلوا تقريبا ل 33, ودى حاجة كويسة لأن القطاع فيه ناس كتيرة على الفاضى ومعظمهم مش بيعملوا حاجة، ويضيف :"أنا عن نفسى مستريح هنا وأنا يعنى لاقيت مكان تانى أشتغل فيه وقولت لأ أهى حاجة بئا وخلاص والشباب دلوقتى بتتمنى وظيفة توفرلهم حياة كريمة وأنا بقول الحمد لله على كل حال دايما". ويقول المخرج شكرى أبوعميرة، رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق، إنه دائما هناك حديث عن الإعلام سواء بانتقاده أو الثناء عليه, ودائما ما تتجه الأنظار إلي مبنى إتحاد الإذاعة والتليفزيون , ودائما ما يتم إنتقاد "ماسبيرو" على الرغم من أنه أفضل كثيرا من القنوات الفضائية الخاصة فى المضمون الذى يقدمه, وإنخفاض نسب المشاهدة يأتى بسبب العجز المالى الذى يعانى منه ماسبيرو, ويمكن علاج ذلك عن طريق مشروع الهيكلة، وعن مشروع الهيكلة يقول، "إن مشروع الهيكلة بدأ منذ أن كنت رئيساً لإتحاد الإذاعة والتليفزيون مع وزارة التخطيط وبنك الأستثمار، والهيكلة كلها فى مصلحة العاملين بمبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون. ويضيف، أن الهيكلة التى أعتقد أننا شاركنا في دراستها هى التي ستنفذ وهى التى قامت بوضعها وزارة التخطيط مع إتحاد الإذاعة والتليفزيون مع وزارة المالية، وكان لي رأي واحد ولابد أن ينفذ وهو أن تتحمل الدولة ديون إتحاد الإذاعة والتليفزيون المتراكمة بمعني أن الإتحاد كان يقوم بدور كهيئة خدمية وليست اقتصادية, وفي هذه الحالة سنقوم بصرف فوائد وأرباح النايل سات وأرباح مدينة الانتاج الإعلامي.