منذ فبراير الماضى وحتى اليوم شهدت مصر موجة عاتية من الإضرابات التى تزامنت مع بعضها حتى سببت شكلاً من أشكال العصيان المدنى ، حيث أضرب المدرسون والموظفون فى مختلف القطاعات والعمال فى أغلب المصانع والشركات والأطباء والمسعفون وأساتذة الجامعة .. وقد تشابهت هذه الإضرابات جميعا فى الامتناع عن العمل والمطالبة بتحسين الدخول .. لكن هناك بعض الفئات لم تقم بالإضراب حتى الآن ..وهم المهندسون وعمال التراحيل والباعة الجائلون والفلاحون الذين اكتفوا بالتظاهر أمام مجلس الوزراء فقط وموظفى القطاع الخاص ويمكن أن نضم إلى هؤلاء فئة "المتسولين" ! ولهذا لم يظهر هؤلاء على سطح الأحداث . ومن خلال القراءة السريعة للأحداث سنجد أن بوادر العصيان ظهرت فى يوم 12 فبراير عندما أضرب العاملون بهيئة النقل العام بالقاهرة عن العمل مطالبين برفع رواتبهم الضئيلة التى لا تتجاوز 600 جنيه ووصل عدد من انضموا لهذا الإضراب إلى 15 ألف موظف ثم انضم إليهم سائقو أتوبيسات النقل العام والمحصلون احتجاجا على تحميلهم قيمة المخالفات المرورية والتى تصل إلى عدة آلاف جنيه سنويا وطالب العاملون جميعا بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه وقاموا بالاعتصام داخل مبنى الهيئة فى مدينة نصر ثم عاد العاملون للعمل دون أن تتحقق مطالبهم وفى السابع من فبراير شهدت هيئة السكك الحديدية أضرابا عنيفا توقفت على أثره حركة القطارات بعد ان أضرب العاملون بورش الشركة المصرية لصيانة وخدمات السكك الحديد إضرابهم بعد موافقة المهندس مصطفى قناوى رئيس السكك الحديد على جميع مطالبهم التى تمثلت فى زيادة حوافزهم وتوزيعها بشكل يتسم بالمساواة وتثبيت جميع العمالة اليومية وفى بداية شهر مارس شهدت الهيئة المصرية للبريد إضرابا عنيفا لدرجة أدت إلى تعطل وغلق نصف مكاتب البريد بالإسكندرية وحدها بسبب إضراب الموظفين بها وامتناعهم عن العمل وهو ما ادى إلى تعطل المعاشات والحوالات كما شهدت الهيئة إضرابات واعتصامات فى مكان آخر فى قناوالدقهلية ومطروح وعدد آخر من المحافظات. كما شهدت العديد من البنوك المصرية اضرابات فئوية عديدة بدأت مبكرا ببنك مصر حيث نظم العاملون به عدة وقفات احتجاجية ثم تمت الدعوة للإضراب والامتناع عن العمل بدءا من يوم السادس عشر من فبراير احتاجا على فساد المستشارين بالبنك كما أضرب ايضا العاملون فى بنك الإسكندرية من اجل عزل رئيس البنك وقد نجحوا فى ذلك كما أضرب المنوظفون فى بنك القاهرة . وفى وزارة البترول أضرب آلاف العاملون بالشركات التابعة لها واتوقفوا عن العمل واعتصموا بمقر شركاتهم منها شركة بتروتريد وشركة أسيوط لتكرير البترول وفى شركة عجيبة بمطروح لم يضرب العاملين عن العمل فقط وإنما أضربوا عن الطعام أيضاً ولا يزال الموقف متوترا فى شركاتهم حتى بعد الموافقة على بعض مطالبهم. وفى العاشر من فبراير عبر العاملون بهيئة النظافة بالجيزة عن مطالبهم بوقفة احتجاجية من أجل رفع اجورهم التى لا تتجاوز 300 جنيه رفعوا فيها سلاح المقشات واعتدى بعضهم على مقر الهيئة وحطموا بعض نوافذها ثم امتنعوا عن العمل فترة ثم عادوا بعد أن تراكمت أكوام القمامة فى الأحياء أما طائفة الموظفين فقد شهد شهر فبراير عددا كبيرا من الإضرابات فى الجهات الحكومية أبرزها الشهر العقارى حيث أضرب العاملون به بكافه فئاته من قانونيين واداريين وذلك للمطالبه بتحويل مصلحة الشهر العقارى إلى هيئة قضائية مستقلة وإنهاء النقل التعسفى وأعمال التهديد والضغط والإهانة كما أضرب أيضاً الموظفون بالسجل المدنى بالدخيلة بالإسكندرية كما اضرب جميع العاملين بديوان عام محافظه الفيوم عن العمل وذلك اعتراضا منهم على سياسة شئون العاملين به. كما أضرب موظفى محكمة طنطا ومحكمة الأقصر أما الإضرابات العمالية فقد كانت هى الأعنف من نوعها حيث شهدت مئات المصانع والشركات امتناعا عن العمل وتوقفا عن الانتاج نتيجة تذمر العمال واعتصامهم المفتوح فى مقر الشركات وكان آخرها إضراب 2000 عامل فى اربع شركات بالمنوفية مثل عمال شركة نورتكس والمصرية السورية والرباعية للنسجيات اما عن اهم الشركات التى شهدت الاضراب فكان منها عمال شركة بشاى للصلب عمال شركات الغزل بكفر الدوار وشبين الكوم والدلتا للغزل والصباغة بطنطا وشركات الغزل بالمحلة الكبرى وغيرها . وشهد شهر فبراير أيضا إضراب المعلمين والذى بدأ ب 17 مدرسة بمركز اجا بمحافظة الدقهلية حيث قام المئات من المعلمين والإداريين بالإضراب عن العمل احتجاجا علي سياسة وزارة التربية والتعليم وامتناعها عن تنفيذ القرارات وللمساواة بين المعلمين والإداريين. ثم انتقلت عدوى الإضراب بعد ذلك إلى مناطق تعليمية أخرى وكان اعنفها ما شهدته منطقة شمال القاهرة التعليم حيث انقطع المدرسون عن دخول الفصول ونشأت حركات وتنظيمات تشجع على الإضراب بين المعلمين ورصد البعض نحو 16 حركة، وهى معلمى حركة شباب 25 يناير - نقابة المعلمين المستقلة - رابطة شباب المعلمين - ثورة المعلمين - أنا المعلم المصرى - المعلمون الشرفاء بدمياط - انتفاضة المعلمين التحرير هو الحل - صوت المعلم المصرى - كوفى شوب المعلمين - رابطة معلمو أسوان - معلم مساعد - معلمون معتصمون - معلمون أحرار - كرامة معلم - رابطة معلمى مطروح - معلمون ضد الفساد بالوادى الجديد وكانت المطالب تتلخص فى تعيين كافة العقود المؤقتة ورفع الحد الأدنى للأجور وإلغاء امتحانات الكادر. كما شهدت الجامعات أيضا هى الأخرى إضرابات جزئية من قبل أعضاء هيئة التدريس كان آخرها ما شهدته جامعة الإسكندرية حيث دخل أعضاء الائتلاف الموحد لهيئة التدريس بالجامعة، فى إضراب جزئي عن العمل احتجاجا على استهانة الدولة بأوضاع أساتذة الجامعة وعدم تقديرهم ماديا وادبيا ، أيضاً قام كل طلاب المراحل التعليمية المختلفة بمظاهرات عديدة فى كل انحاء الجمهورية . ثم اختتمت موجة الإضرابات بما شهدته مستشفيات وزارة الصحة من إضراب عام قام به الأطباء احتجاجا على سوء أوضاعهم ومن أجل المطالبة برفع ميزانيات وزارة الصحة.