لأنها من زمن ليس له عمر افتراضي ولا تاريخ صلاحية ومن ثم فهو زمن لا ينتهى بريقه ولا جماله حتى لو مر عليه 100 سنة فسيبقى دائما له طلته وله جمهوره وربما كان هذا هو السبب الذي جعلنا مازلنا ننتظر يوم ذكرى العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ أملا فى إذاعة أفلامه وأغانيه التى لا نمل منها أبدا وكأنها صنعت خصيصا لتبقى شاهدة على إبداع من النادر أن يتكرر، ولأنها تقريبا النجمة الوحيدة التى عملت معه وكانت من أصدقائه المقربين ومازلت تعيش بيننا متعها الله بالصحة والعافية، كان لابد أن نذهب إليها ونتذكر معها أيامها وذكرياتها معه خاصة فى أشهر أفلامهما " الوسادة الخالية " فماذا قالت عنه . هل حقيقى أن عبد الحليم حافظ هو سبب دخولك الفن ؟ ليس بالضبط فأنا بدأت مشواري الفنى من خلال العمل فى الإذاعة من خلال البرنامج الأوروبي خاصة أنني كنت أجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية وأثناء دراستى بالجامعة الأمريكية التحقت بفريق التمثيل ولكنى أبدا لم أكن أتوقع أن أحترف الفن ومن خلال تقديمي للعديد من المسرحيات على مسرح الجامعة بدأت أتلقى عروضا للتمثيل فى السينما ولكنى اعتذرت عنها حتى فوجئت بالمنتج رمسيس نجيب والمخرج صلاح أبو سيف يرشحاننى لفيلم "الوسادة الخالية" وبالرغم من انه كان عرضا مغريا جدا إلا أنني قررت أن أعتذر عنه خاصة أنى كان لدى منحة للدراسة فى أمريكا حتى فوجئت بمكالمة من عبد الحليم حافظ شخصيا وقال لى إنه شاهدني على مسرح الجامعة وإنني ممثلة جيدة ولن أخسر شيئا لو خضت التجربة معه فى الوسادة الخالية وطبعا لم أصدق نفسى وقبلت فورا . هل مازلت تذكرين أول مشهد لك معه ؟ هو الحقيقة لم يكن أول مشهد لى معه فقط ولكنه كان أول مشهد لى أمام الكاميرا من أساسه وكنت مرعوبة ومكسوفة جدا خاصة أن أول مرة أقف أمامه كانت من خلال المشهد الذى من المفروض أنني أزوره فى البيت مع زوجته وأكسر اسطوانة أسمر يا أسمرانى ولكنه شعر بخجلى وقلقى فحاول أن يحتويني ويهدئ من روعى فقد كان فنانا بمعنى الكلمة . وماذا عن كواليس العمل معه ؟ حليم كان إنسانا بسيطا لأقصى درجة ممكنة عكس الناس ما كانت تتخيل وكان خجولا جدا ويعشق عمله بدليل أنه وهبه كل حياته ، وكانت كواليس العمل معه هادئة جدا بالرغم من اهتمامه بكل تفصيله فى العمل ، فضلا عن ذلك أنه كان إنسانا خفيفا الظل جدا فقد كان العمل ممتعا معه لأقصى درجة ممكنة . وما حقيقة الشائعة التى انتشرت وقتها عن وجود قصة حب بينكما ؟ فيلم " الوسادة الخالية " حقق نجاحا كبيرا جدا لدرجة أن الناس كرهتنى جدا بسبب أنى تركت عبد الحليم وتزوجت غيره ، بالإضافة إلى أن وجودنا معا فى الفيلم جعل البعض يتصور أن قصة الحب التى جمعتنا فى الفيلم يمكن أن تجمع بيننا فى الحقيقة ولكن السبب الحقيقى وراء تلك الشائعة هو أننا أصبحنا أصدقاء جدا بعد الفيلم وحتى وفاته، وبالمناسبة عبد الحليم كان من أكثر النجوم الذين خرجت عليهم شائعات حب وزواج لأنه كان فنانا غير عادى ولن يتكرر وكان كل من يراه يمكن أن يقع فى غرامه من أول نظرة . بما انك قدمت مع عبد الحليم فكرة الحب الأول والتى كانت محور رواية إحسان عبد القدوس فهل تؤمنين فى حياتك بتلك الحالة ؟ مما لاشك فيه أن فكرة الحب الأول تلك موجودة فى حياة كل واحد فينا وعادة ما تترجم فى شكل مشاعر تجاه أقرب المحيطين بنا سواء كان صديقا أو جارا أو ابن عم أو خالا بالنسبة للفتاة والعكس بالنسبة للشاب ولكن مشاعرنا عادة فى تلك الفترة تكون متذبذبة وغير ناضجة لذا فهى تختفى مع الزمن ولكنها تترك ذكرى لتبقى دائما محفورة بداخلنا حتى مع ايقاع الحياة السريع ومرور الزمن إلا أننا من وقت لآخر عادة ما نضبط أنفسنا نتذكرها ونبتسم من داخلنا على إحساسنا فيها . هل تعتقدين حالة الرومانسية التى قمت بتقديمها مع عبد الحليم فى فيلم "الوسادة الخالية" يمكن أن تعاد الآن فى عمل سينمائي جديد ؟ لا أظن لأن الزمن وقتها كانت له ظروفه وأبجدياته وحالته، فالناس كانت أهدأ حالا وكانت مشاعرهم أكثر صدقا وعمقا ولم تكن هناك أى فرصة لسيطرة الماديات، لذا فلو تم تقديم نفس الفكرة مرة أخرى الجمهور لن يصدقها خاصة أن الرجل فى الرواية كان هو الأكثر حفاظا على حبه ومشاعره، أما البطلة فهى التى تركته وتزوجت بآخر لذا ولك أن تتخيلى أن هذا الدور جعل الجمهور يوقفنى فى الشارع ويسألنى بغضب " انتى إزاى تسيبى عبد الحليم " . هل استمرت صداقتكما بعد أن قمت بترك الفن ؟ نعم خاصة أنني لم أترك الفن بسابق تخطيط فأنا قررت الابتعاد بالرغم من أنى كنت مضيت ثلاثة أفلام وطلب منى زوجى أن أسافر الى لندن لأقضى إجازتي معه وعندما انتهت الإجازة وجدته يقول ياريت لو تفضلى هنا وفى تلك اللحظة قررت أن أترك كل شىء وأتفرغ لبيتى وبناتى وزوجى وبالفعل اعتذرت عن الأعمال التى مضيتها وبقيت فى لندن وكان هناك اتصال دائم ومستمر بينى وبين حليم وكان كل ما يأتى إلى لندن يزورني ونمضى معا الأوقات الطويلة فقد كان شخصا خلوقا ومخلصا ورائعا . بما أنك كنت من أصدقائه المقربين فهل حقيقى انه لم يحب فى حياته سوى سعاد حسنى ؟ الحقيقة أنا لا أريد أن أتحدث فى هذا الموضوع ولكن الشيء المؤكد أنه كانت هناك قصة حب كبيرة جمعت بين حليم وسعاد حسنى ولكنى لا أعلم إن كانا تزوجا أم لا حتى حليم نفسه لم يكن يحب أن يتكلم فى هذا الموضوع .