أتعجب عندما أسمع أحدا يتعمد مخاطبة فئات محددة في مصر، أيا من كانت ... حيث أري في ذلك محاولة ترسيخ تفتت اجتماعي بدأ مع 25 يناير 2011... هذا اليوم الذي بدأ الحديث فيه عن الشباب كصناع وهميين لوطن جديد لا وجود له... وزادت الطنطنة عن التقسيمات داخل فئة الشباب بين شباب ثوري وآخر إخواني وثالث فلولي ورابع "دولجي" أي مع الدولة المصرية وأعمدتها الحاملة من مؤسسات وطنية كبري . وقبل أن نفض الاشتباك بين الشباب الذي فتتناه سياسيا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا ودينيا ... سارعنا لإدخاله معركة جديدة مع الأجيال السابقة عليه، بعد أن حولناه ندا لوالديه وأجداده؛ فزدنا حالة الاحتقان لديه والتي تحولت لسخط علي كل شيء . والسؤال: كيف تستقيم الأمور في أمة تتصارع أجيالها وأعمدتها البشرية الحاملة لمستقبلها؟ ماذا يمكن أن نجني من شباب أصابت بعضه نعرة استعلاء غير مبررة علي الجميع؟ بفضل إعلام فاسد، وسياسيين بلا ضمير، ونخب بلا عقل، نفخوا فيهم حتى حولوا بعضهم لبالونات تملأ الأجواء حولنا في كافة المجالات بلا مضمون حقيقي تملكه. نماذج جوفاء خاوية الوفاض لا تملك إلا الكلام والشعارات والحنجورية الثورية لتغيير المجتمع، بل والدعوة لهدمه أحيانا من أجل رسمه علي أيديهم بصورة تناسب أفكارهم المشوشة.. انبطح الجميع أمام حصان الشباب الجامح الذي غير وجه مصر ...والمعضلة التي يبدو أنها ستظل فترة طويلة مستعصية الحل هي أننا نرفض مواجهة أنفسنا بحقيقة وجه مصر الجديد الذي تغير، وهل هو قبيح أم جميل؟ لأنه لا أحد يملك شجاعة فرقعة الكثير من البالونات الشبابية التي تحاصر الوطن، وتكاد تخنقه بأكاذيبها وطموحاتها غير الواقعية، ورؤيتها الساذجة الممسوخة في كثير من الأحيان لمعظم القضايا . لا يرغب الكثيرون في إعادة شبابنا لانتمائهم لهذه الأرض، بعد أن همشوا الشباب المربوط في ساقية العمل المتواصل، ولا يجد ثمار تعبه وكفاحه، وقرروا التركيز مع البلالين الثورية والالكترونية والحقوقية.. أصبح أرزقية الثورات هم المثل والقدوة الذي نقدمه لأي شاب... أصبح الفوضويون محل التقدير والاحترام من النخب الفاسدة والمفسدة ... أصبح الساعون لهدم بلادهم، المتطاولون علي مؤسساتها الحاملة، هم أمل مصر وفقا لاستراتيجية إعلام وصحف رجال الأعمال. ولاعزاء لآباء وأمهات أفنوا حياتهم لتربية أبناء يسخرون منهم، ومن وطنيتهم وخوفهم علي المستقبل...لاعزاء لأم تتمايل فرحا لأي لجان انتخابية، وتغني أملا في مستقبل أفضل لأبنائها؛ فتواجه بسيل من السخرية والتحقير منهم... لاعزاء لأب انحني ظهره من العمل المتواصل وهو يسمع ابنه أو أحد في مثل سنه يتهمه وجيله بأنهم خربوا البلد بصمتهم علي الفساد، ولم يسأل أحد من أبنائنا يوما، لماذا صمت بعضنا صمت العاجز قليل الحيلة؟ لماذا قبلنا أحيانا بالذل والمهانة والتمييز في بلادنا؟ والحق أن كل ما تحملناه كان من أجل أبنائنا. لاعزاء لمصر في شبابها إذا ما استمرت حالة الاستقطاب له، وكأنه نبتة شيطانية بلا جذور أو أساس ... بلا سند أوعون أومرشد يوجهه للطريق الصواب إذا ما اقتضي الأمر .... بلا خبرة تسانده في رحلته للصعود وتبوأ مكانته في أي مجال.. لاعزاء لمصر في شبابها، ولا أمل ولا حلم بغد أفضل مادامت التقسيمات بين أبنائنا موجودة ومتزايدة، دون أن يجدوا بيننا من يحدثهم عن الشراكة في بناء الوطن مهما كانت الاختلافات والخلافات... فالشراكة هي الحال بين الشباب المصري بعضه البعض، وبينه وبين الأجيال السابقة عليه... استقيموا يرحمكم الله، ولا تقسموا أبناءنا ولا تزيدوا المسافات بيننا وبينهم؛ فقد تحملنا ما لا طاقة لبشر به؛ لنراهم قرة أعين وسندا لنا ولبلادنا في الأيام القادمة.