كان الرئيس جمال عبد الناصر فى مطار القاهرة الدولى يودع أمير الكويت الذى كان أخر من غادر القاهرة من الملوك والرؤساء العرب الذين شاركو فى اجتماع القاهرة الكبير لبحث أزمة الأردن . وأحس الرئيس بألم فى صدره وهو واقف بجوار طائرة امير الكويت فى أنتظار تحركها , ثم أحس بالعرق يتصبب منه بغزارة والتفت بجانبه وطلب ان تجىء سيارته الى حيث يقف لأنه يشعر بتعب مفاجىء ولا يستطيع هو أن يسير اليها كما كان يفعل عادة . ودخلت السيارة بسرعة الى جوار الطائرة وركب عبدالناصر متوجها الى بيته ودخل غرفته ولاحق به طبيبه المقيم الدكتور الصاوى حبيب , وبعد كشف اولى , وكانت الساعة الرابعة الا ثلثا وجد الدكتور الصاوى أن الامر خطير فطلب استدعاء الدكتور منصور فايز الذى يشرف على علاج الرئيس كما طلب الدكتور زكى الرملى والدكتور طه عبد العزيز , ثم لحق بهم جميعا الدكتور رفاعى محمد كامل . وكان التشخيص الفورى أن هناك جلطة شديدة أحدثت أزمة قلبية حادة وأن هناك عدم انتظام يثير الانزعاج فى دقات القلب . وبدأت الأسعافات السريعة بأجهزة الاوكسيجين وأجهزة الصدمة الكهربائية وغيرها من أنواع العلاج . وفى نفس الوقت كان بعض معاونى الرئيس وأصدقائه قد هرعوا الى بيته وشبح الكارثة يخيم على حجرة النوم التى رقد فيها جمال عبد الناصر والأطباء من حوله يصارعون الخطر . ## وكانت السيدة قرينته تقف خارج حجرة نومه بآمر الأطباء وكانت دموعها تتدفق فى صمت كما كان بقية أفراد أسرته من حولها ودموعهم فى عيونهم والقلق يشد كل الوجوه والأعصاب وفى داخل غرفة النوم كانت كل دقيقة تحمل معها نذيرا مروعا فقد كانت الحالة تتدهور بأستمرار ووقف بجانب الفراش الفريق محمد فوزى والسيد شعراوى جمعه والسيد سامى شرف والسيد محمد أحمد ومحمد حسنين هيكل ثم ما لبث أن أنضم اليهم السيد حسين الشافعى والسيد على صبرى ثم وصل نائب رئيس الجمهورية السيد أنور السادات . كان الأطباء عاكفين على كل محاولة فى طاقة الطب والعلم وكان الباقون فى حجرة النوم واقفين فى أركانها يرقبون الفراش الذى يرقد عليه حبيب مصر وبطلها , كان بعضهم يبكى فى صمت وكان بعضهم يصلى وكان بعضهم فى ذهول مما يرى . وبدأ الدكتور الصاوى يقوم بعملية تدليك للقلب ثم راح يضغط على الصدر عشرات المرات فى الساعة السادسة والربع تمام بدأ أن الامل ضاع وأن الروح فارق الجثمان المسجى ولكن احدا لم يكن يريد أن يصدق أن ما يروه أمامهم يمكن أن يحدث . وكان لابد من تحرك لمواجهة الموقف ودعا السيد انور السادات الى اجتماع فى صالون بيت الرئيس حضره السيد حسين الشافعى والسيد على صبرى والسيد شعراوى جمعه والفريق أول محمد فوزى والسيد سامى شرف ومحمد حسنين هيكل .. حيث تقرر ان ينقل الجثمان الى قصر القبة .