"الدرس انتهى لموا الكراريس .. بالدم اللى على ورقهم سال .. في قصر الأممالمتحدة .. مسابقة لرسوم الأطفال .. إيه رأيك في البقع الحمرا .. يا ضمير العالم يا عزيزي .. دي لطفلة مصرية وسمرا .. كانت من أشطر تلاميذي".. بهذه الكلمات المؤثرة وثق الشاعر صلاح جاهين واحدة من أبشع مذابح العدو الصهيوني ضد الجبهة المدنية المصرية خلال حرب الاستنزاف، ذلك عندما حول الطيران الإسرائيلي مدرسة ابتدائية هدفا يستحق القصف! تبدأ القصة المؤلمة عندما سقطت سيناء في براثن الاحتلال عقب نكسة 1967، لتبدأ بعدها القوات المسلحة المصرية معارك الاستنزاف ضد قوات الاحتلال، والتي نجح خلالها الجيش المصري في تكبيد العدو خسائر كبيرة، دفعت أبا إيبان أحد القادة العسكريين الإسرائيليين في سبتمبر 1970 إلى القول بأن قصف المدفعية المصرية مع الغارات الجوية عبر قناة السويس كان يسبب خسائر قاسية في القتلى بمثل ما كان يتسبب لنا من خسائر في أي حرب، إن وقف إطلاق النار تم استقباله في إسرائيل بشعور الرضا حيث يتساوى مع لو كنا قد توصلنا إلى تسوية سلمية، إن نشرات الأخبار الحزينة تخبرنا بأسماء الشبان القتلى في المعركة وأن خسائرنا في القوات والمعدات الثمينة (يقصد طائرات الفانتوم والسكاي هوك) قد جعلت حرب الاستنزاف غالية التكاليف لنا"، وبالمعني نفسه كتب العميد الإسرائيلي والمعلق الصحفي ماتي بيليه: "إن فشل الجيش الإسرائيلي من الناحية العسكرية في حرب الاستنزاف يمثل أول معركة يُهزم فيها في ساحة القتال منذ قيام إسرائيل لدرجة أننا في إسرائيل قبضنا على أول قشة ألقيت لنا أي وقف إطلاق النار المؤقت". ولكن إسرائيل كعادتها لا تعرف خلقا ولا عهدا، إذ أغارت عدة مرات على أهداف مدنية مصرية، كان من أكثرها فجاجة مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بقرية بحر البقر الواقعة في مركز الحسينية بمحافظة الشرقية. ففي تمام التاسعة والثلث صباح الأربعاء الثامن من إبريل 1970 قامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بقصف المدرسة بخمس قنابل وصاروخين، مما أسفر عن استشهاد ثلاثين طفلا وطفلة، وإصابة خمسين آخرين بإصابات بالغة، تتراوح أعمارهم جميعا ما بين ستة أعوام واثنى عشر عاما. وقد جاء هذا القصف ضمن تصعيد الغارات الإسرائيلية على مصر لإرغامها على إنهاء حرب الاستنزاف وقبول مبادرة روجرز، بالتزامن مع المساع الدولية لوقف حرب الاستنزاف. وقد تم تسجيل أسماء الأطفال الشهداء على لوحة تذكارية في موقع المدرسة، ونذكر منهم أحمد أنس الباشا، وطه عبدالجواد طه، وعادل مصطفي خميس، وسامى إبراهيم قاسم، ومحمد أنور أحمد العنانى، وكحلاوى صابر فتحى حسين، وطارق نبيل أبو زيد حسن، وممدوح بدر على محمود، ووليد إبراهيم إبراهيم حسن، وأحمد على عبدالعاطى أحمد، ونجاة محمد حسن خليل، وصلاح محمد إمام قاسم، وأحمد عبد العال السيد، ومحمد حسن محمد إمام، وزينب السيد إبراهيم عوض، ومحمد السيد إبراهيم عوض.