كان صلاح جاهين صادقا عندما وصفه بأنه " زى الجن ولا لحظة بيهمد ولا بيوّن .. ده وتر مشدود يابا ..لمسوه من كام ألف سنة ... ولساه بيزن " إنه فنان الشعب وملحن الوطن العظيم سيد درويش .. فى منتصف هذا الشهر تمر الذكرى الثامنة والثمانين على رحيله ، وكالعادة تمر هذه الذكرى هادئة دون أن تحتفل به وزارة الثقافة رغم إعلان الوزير فاروق حسنى مؤخرا فى مقهى نجيب محفوظ باتحاد الكتاب عن وضع سيد درويش على أجندة اهتمامات الوزارة والعمل على تحويل بيته الذى لا يزال قائما فى جزيرة بدران بشبرا إلى متحف ومركز ثقافى وفنى لتخليد أعمال فنان الشعب ، ولكن كانت المشكلة التى اعترضت هذا العمل - حسب كلام الوزير- هى عدم وجود متعلقات للفنان الراحل .. يعنى مثلا شبشب أو قبقاب أو بدلة أو بيجامة فهذه المتعلقات تعطل إحتفاء وزارة الثقافة بسيد درويش ! عموما هناك دائما مريدون وعشاق كثيرون للابداع الأدبى والفنى والثقافى الجاد ففى عام 1947 أنشأ عدد من كبار مبدعى مصر وعلى رأسهم العقاد وتوفيق الحكيم وعبد المجيد بدر ومحمد على حماد وبديع خيرى جمعية أصدقاء موسيقى سيد درويش بهدف المحافظة على الابداع المصرى الذى لحنه سيد درويش فى العقد الأول والثانى من القرن العشرين وهذه الجمعية لا تزال نشطة وتكثف احتفالاتها فى ذكرى ميلاد ووفاة سيد درويش . وفى ليلة أمس بمركز طلعت حرب الثقافى بالسيدة نفيسة أحيت الجمعية ذكرى رحيله وكان أغلب الحاضرين من أهالى المنطقة ومن البسطاء الذين لا يزالون يرددون الطقاطيق الشهيرة التى لحنها سيد درويش لتبقى تراثا لكل الأجيال فأكيد كلنا لسه بندندن ونقول " حرج على بابا " والحلوة دى قامت تعجن فى الفجرية " "وياورد على فل وياسمين "و "ياعشاق النبى صلوا على جماله " ... كما قدمت فرقة جمعية سيد درويش مختارات من أجمل ألحانه وهى "ياعشاق النبى " من كلمات أمين صدقى والمأخوذة عن رواية أم 44 وكتبت عام 1922 ، ومن كلمات بديع خيرى غنت الفرقة "طلعت يا محلا نورها" و"ياورد على فل وياسمين " و"الحلوة دى " و "بنت مصر" و "يا مصر يحميك لأهلك " و"يقطع فلان على علان " و "قوم يا مصرى" ومن كلمات يونس القاضى : " زورونى كل سنة مرة " و " والله تستاهل ياقلبى " و "حرج على بابا " و "بالذمة قولولى " ... يقول إبراهيم حجى ، رئيس مجلس إدارة الجمعية : جمعية سيد درويش تكونت عام 1947 بالقاهرة وكان موقعها فى دار الأوبرا القديمة بالعتبة ثم فى مسرح الريحانى ثم استقرت فى أتيليه القاهرة منذ حوالى 40 عاما ، قامت الجمعية بجمع تراث سيد درويش وكان لها الفضل فى تسجيل أوبريتات العشرة الطيبة وشهرزاد والباروكة وهى حاليا تقوم بنشر هذا التراث العظيم وتعريف الأجيال الحالية به كما ترعى الجمعية فريق موسيقى سيد درويش الذى يتكون من عدد من الشباب تحت إشراف حفيد فنان الشعب الفنان محمد حسن سيد درويش وجمعية سيد درويش هدفها إحياء موسيقى فنان الشعب ورعاية المواهب الشابة ونشر الثقافة الموسيقية والمسرح الغنائى والأشعار الوطنية التى كتبها أعظم الشعراء فى مصر ومنها نشيد بلادى بلادى . وتنظم ندوة ثقافية كل شهرين .. ومن المعروف أن سيد درويش عاش حياة قصيرة بين عامى 1892و 1923، حيث ولد بحى كوم الدكة بالأسكندرية وكان والده المعلم درويش البحر يمتلك ورشة صغيرة للتجارة بالحى وعند بلوغه الخامسة أدخله والده كتاب سيدى الخياش ثم انتقل إلى مدرسة حسن حلاوة فتعلم القراءة والكتابة وحفظ قسطا من القرآن الكريم وفى سن العاشرة التحق بمدرسة شمس المدارس بحى رأس التين حيث تعلم آداء الأناشيد الدينية والقومية وكان يقود الأطفال فى ترتيل الأناشيد .. عاش حياة بسيطة فى البداية لدرجة أنه عمل فى مهنة طائفة المعمار وفى إحدى المرات وهو يدندن أثناء هذا العمل الشاق اكتشفه الممثل أمين عطا الله وضمه لفرقته وفى عام 1914 كون سيد درويش فرقة خاصة به وقدم ألحانه وأغانيه على مقاهى الثغر ثم استقر فى القاهرة بعد ذلك حيث كون فرقته المسرحية عام 1921 وقدم بها أشهر أعماله وأوبريتاته "شهرزاد والعشرة الطيبة والباروكة" وقد تعاون سيد درويش مع بديع خيرى وعدد آخر من أعظم شعراء وكتاب ذلك العصر حيث لحن 4 مواويل و39 موشحاً و132 طقطوقة و22 نشيداً وطنياً و24 مونولوجاً ، هذا بالاضافة للأعمال المسرحية التى لحنها ..