كان المشهد ليلة أمس فى محيط الحرس الجمهورى ورابعة العدوية مثيرا لمشاعر مختلطة بالرهبة والخوف من المجهول، ففى حين احتشد الآلاف من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وبقية الحركات الإسلامية للمطالبة بعودة الرئيس المعزول، وكان الاحتشاد سلميا فى مظهره، إلا أن الشوارع الجانبية المتفرعة من شارع الطيران كان تشهد تحركات وتجمعات مريبة تشبه التجمعات العسكرية لتنفيذ أمر ما، وبالفعل فقد كشفت الأحداث بعدها بقليل عن مخطط كانت تنويه الجماعة عقب صلاة الفجر وهو اقتحام مقر دار الحرس بحثا عن "طيف" الرئيس المعزول .. كان السياق المحيط مشحونا بأجواء غاضبة وكئيبة للغاية .. فقد احتل الإخوان مبانى الدولة فى شارع صلاح سالم بعد أن أغلقوه بحائط حجرى وقاموا بتكليف عناصر مدججة بالشوم والكلاشنكوف والأسلحة النارية لحمايته من أى هجوم، وأقام المعتصمون خيامهم داخل مبنى معهد التخطيط القومى وجهاز التعبئة والإحصاء وجهاز المحاسبات وغيرها من منشآت الدولة وسيطروا على شارع الطيران وشارع يوسف عباس بالكامل إلى جانب إغلاق طريق النصر وطريق صلاح سالم وهكذا بدت القاهرة منفصلة تماما عن نصفها الآخر .. . . . . . . . . وفى فجر اليوم بدأ الإعداد لهذا المخطط الشيطانى بإزالة الأسلاك الشائكة والاعتداء على قوات الحرس المكلفة بتأمين المبنى تمهيدا لاقتحامه وبدأت الاشتباكات الدامية التى راح ضحيتها من دفعوا أرواحهم ثمنا لاعتقادات خاصة وطلبا للشهادة فى سبيل الله حسب هتافاتهم .. فقد حاولت مجموعات تنتمى للإخوان المسلمين القيام بعملية مسحلة لاقتحام نادر دار الحرس الجمهورى بمدينة نصر بحجة تحرير الرئيس المعزول محمد مرسى، وكانت هناك أنباء وتسريبات عديدة دارت اليومين الماضيين حول اعتزام عناصر مسلحة تابعة للجماعة اقتحام دار الحرس واقتحام مبنى وزارة الدفاع واحتلال القصور الرئاسية وإعادة مرسى . وتمام الساعة الرابعة من صباح اليوم خرجت أعداد هائلة من الإخوان المسلمين والمنتمين للجماعات الإسلامية وأنصار المعزول فى تجمعات من محيط اعتصام رابعة العدوية فى اتجاه مبنى الحرس وقاموا بمحاولة لإزالة الأسلاك الشائكة التى أقامتها القوات المسحلة للفصل بين المتظاهرين وبين القوات ثم قاموا بإطلاق وابلا من الأعيرة النارية أدت لاستشهاد ضابط من قوات الحرس الجمهورى وسقوط عدد كبير من المصابين فى صفوف الجنود والضباط. واندلعت اشتباكات مسحلة ومواجهات عنيفة بين المتظاهرين الإخوان وبين قوات الجيش وفى القوت نفسه دفعت قوات الحرس الجمهوري بتعزيزات أمنية هائلة فى محيط الأحداث للسيطرة على أحداث العنف وفى وقت مبكر من صباح اليوم استطاعت القوات المسلحة فتح طريق صلاح سلام وإزالة "الدشم" والحوائط الحجرية التى أقامها المتظاهرون لإغلاق الشارع كما قامت بفض الاعتصام أمام مبنى دار الحرس الجمهورى وأزالت الخيام التى أقامها المعتصمون فى محيط الشارع وداخل المبانى والمنشآت الحكومية التى قاموا باحتلالها قبل أيام من هذه الأحداث. واعتلى المتظاهرون أسطح المبانى وقاموا بقذف قوات الحرس الجمهورى بالطوب والحجارة وزجاجات المولوتوف، وأضرموا النيران فى إحدى العمارات السكنية المطلة على شارع صلاح سالم. وقالت القوات المسلحة، فى بيان رسمى لها صباح اليوم، إنه فى الساعة 400 اليوم 8/7، قامت مجموعة إرهابية مسلحة بمحاولة اقتحام دار الحرس الجمهورى بشارع صلاح سالم، والاعتداء على قوات الأمن من القوات المسلحة والشرطة المدنية، مما أدى إلى استشهاد ضابط وإصابة عدد من المجندين، منهم 6 حالتهم خطيرة، تم نقلهم إلى المستشفيات العسكرية. وأشار البيان إلى أن القوات نجحت فى القبض على 200 فرد منهم وبحوزتهم كميات كبيرة من الأسلحة النارية والذخائر والأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف، وتم فتح طريق صلاح سالم وجار القبض على باقى الأفراد، لافتاً إلى أن جهات التحقيق القضائية تباشر الإجراءات القانونية تجاه الأفراد الذين تم القبض عليه. وأهابت القوات المسلحة بالمواطنين عدم التعرض للوحدات العسكرية والمنشآت والأهداف الحيوية. وأعلنت القوات المسلحة أنها لم تفض الاعتصام بالقوة وإنما قامت بالرد على محاولات اقتحام مبنى الحرس وصد الهجوم. وكانت قوات الأمن قد قامت بغلق الطريق المؤدى لجامعة عين شمس، كتشديدات أمنية، وجاءت قوات دعم من القوات المسلحة مكونة من 20 مدرعة و6 سيارات جيب و6 أمن مركزى وإسعاف، تابعة للقوات المسلحة بشارع صلاح سالم، وتم منع دخول السيارات. وفيما تضاربت الأنباء حول ضحايا الأحداث فقد أكدت وزارة الصحة فى بيان لها سقوط نحو 42 قتيلا فى الأحداث وسقوط 322 مصابا بعضهم فى حالات خطرة، فقد نقلت بوابة الحرية والعدالة تصريحات لأمين عام نقابة الأطباء حيث أكد د.جمال عبد السلام أن مجزرة الحرس الجمهوري التي وقعت فجر الإثنين نتج عنها 70 شهيدا وأكثر من 1000 مصاب وجريح. ومن جانبها تباشر نيابة شرق القاهرة الكلية بإشراف المستشار مصطفي خاطر المحامي العام الأول التحقيق في وقائع الاشتباكات المسلحة فجر اليوم أمام دار الحرس الجمهوري، حيث انتقل فريق من النيابة العامة إلي دار الحرس الجمهوري لإجراء المعاينة الأولية للمكان وذلك بعد استقرار الأوضاع، كما سينتقل فريق آخر إلي المستشفيات و ذلك للاستماع إلي المصابين، والأمر بدفن الجثث بعد تشريحها لبيان سبب الوفاة . وعلى صعيد آخر فقد أعلن الإخوان المسلمون عن خروج مسيرات كبيرة من المساجد عقب صلاة الظهر للتنديد بما حدث. ولم تهدأ الاشتباكات رغم قيام قوات الأمن بفتح طريق صلاح سالم حيث يقوم الإخوان المسلمون بحشد أنصارهم والدخول فى اشتباكات مسلحة وحرب شوارع وكر وفر حيث يشهد شارع الطيران وتقاطع شارع يوسف عباس حالة استنفار هائلة من شباب الجماعة الذين تسلحوا بقطع الطوب والحجارة وكسارة الرخام وقاموا بمحاولة بائسة بتسلق أحد المبانى وقذف قوات الحرس الجمهورى بأحواض الحمام وزجاجات المولوتوف، فى حين يشهد محيط الأحداث تعزيزات أمنية مكثفة. وفى خضم هذه الأحداث عرض التليفزيون المصرى مقطع فيديو يكشف فيه الداعية صفوت حجازى عن مجموعة من الخطوات التصعيدية ضد القوات المكلفة بتأمين مبنى الحرس الجمهورى حيث قال أن الرئيس المعزول إما فى وزارة الدفاع أو داخل نادى دار الحرس الجمهورى وفى كلتا الحالتين سوف نقتحم مبنى الحرس ومبنى الدفاع ونخرج مرسى ليعود لمنصبه وأكد أن شباب الجماعة مجاهدين فى سبيل الله ولن يتنازلوا عن الشهادة. وفى سياق هذه الأحداث تم تأجيل التحقيق مع الرئيس المعزول محمد مرسى وعدد آخر من قيادات الإخوان بتهمة إهانة القضاء لأسباب ودواع أمنية. وأدان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب سقوط أشخاص قتلى اليوم وطالب في بيان له "سلطات الدولة بالكشف فورا عن حقيقة ما حدث، وإطلاع الرأي العام والشعب كافة على كل تفاصيل هذا الحادث المؤلم لقلوب المصريين جميعا، وحذر من فتنة مظلمة . . . . . . . .