حتى يوم 29 يناير 2011 كان د. باسم يوسف جراح القلب يسير فى الشارع بدون أن يستوقفه أحد رغم كونه أستاذاً فى كلية الطب .. فى هذه الأثناء كان يجهز أوراقه للهجرة إلى ولاية كليفلاند للعمل بإحدى المستشفيات هناك، لكن أحداث الثورة جذبته بعيدا إلى عالم آخر لم يكن يتخيله نهائياً .. فى البداية دعاه استاذه الدكتور طارق حلمى جراح القلب المعروف للمساهمة فى علاج المصابين بالمستشفى الميدانى بالتحرير خلال أحداث الثورة ، لم يكن " باسم " ذهب إلى التحرير فى أيام الثورة الأولى .. وقتها شاهد بنفسه شباباً يضحى بحياته من أجل حريته وإعلاما حكومياً لم يكن ينقل الحقيقة ، فقرر أن يتبنى فكرة تقوم على السخرية من المواقف المتضاربة .. وهكذا بدأ برنامج "باسم يوسف شو" من غرفة صغيرة فى شقة الزوجية وبإمكانيات متواضعة ، فقد صنع ديكورات بسيطة ووضع صورا لأحداث الثورة كخلفية للكاميرا .. كانت مدة عرض الحلقة الأولى 5 دقائق و40 ثانية فقط لكنها حققت خلال أيام أكثر من مليون و300 ألف مشاهدة ثم توالت الحلقات، وكان يضع على كل فيديوهاته علامة B+ وهى تعنى فصيلة دمه .. وتعنى أيضاً بالإنجليزية " إيجابى " ، وانتقل الطبيب من من تشريح القلوب إلى تشريح الآراء ، ومن المشرط والبنج وأدوات الجراحة إلى الكاميرا والميكروفون .. ومن غرفة العمليات إلى الأستوديو.. لهذا كان نجاحه مفاجأة وراح الناس يتساءلون : من هو ؟! اسمه باسم رأفت محمد يوسف من مواليد 21 مارس 1974 ، خريج كلية الطب عام 1998 ،حاصل على دكتوراة جراحة القلب والصدر من جامعة القاهرة ، وحاليا أنا عضو هيئة التدريس بكلية الطب ، سافر للعمل بأمريكا وأوروبا لمدة سنتين ونصف فى إحدى شركات الأجهزة الطبية التى تطور تكنولوجيا زراعة القلب والرئة ، عاد لمصر للحصول على الدكتوراة ثم سافر إلى ألمانيا للتدريب على جراحات زراعة القلب والأجهزة المعاونة لعضلة القلب وحصل على زمالة كلية الجراحين البريطانية عام 2006 ورخصة مزاولة المهنة ، وكما يقول " أهوى الجرى والسباحة وتسلق الجبال وشغل التريكو" ! ،ومع نجاح البرنامج بشكل غير مسبوق وبسرعة البرق انتقل باسم يوسف من اليوتيوب إلى الفضائيات وتحديدا قناة "أون تى فى " فى الأول من أغسطس 2011 ، ثم انتقل ببرنامجه إلى قناة "سى بى سى" فى 23 نوفمبر 2012، وتحولالبرنامج الذى بدأ بمجموعة صغيرة تعمل فى منزل باسم يوسف إلى مبنى سينما راديو العريق بوسط البلد ، حيث يتم تصوير البرنامج فى حضور جمهور فى صفوف المسرح الذى تم تصميمه على غرار مسرح راديو سيتى بنيويورك بالولايات المتحدةالأمريكية. جيش المؤيدين ! نظراً طبيعة "البرنامج" التى كانت جديدة تماما على الجمهور فى مصر فقد حرص منذ البداية أن يؤكد على أن برنامجه " ساخر وهزلى، غير حقيقى، غير محايد، والأحداث الواردة به لا تمت للواقع بصلة وأى تشابه بينه وبين الواقع هو أغرب من الخيال .. من حقك تقول رأيك ومن حقنا أن نتريق عليك ، ولأننا نؤمن بالتسامح وإعطاء فرصة أخرى لكل من أخطأ ولعب فى دماغ الشعب، فنحن بدورنا على استعداد للتسامح معكم، بس بعد ما نلعب فى دماغكم إحنا كمان " ، كانت حالة الشك والتردد وعدم اليقين التى صاحبت الثورة وما تبعها من ظهور شخصيات وأفكار وفصائل سياسية وحزبية وإيديولوجية قد خلقت مناخا ملائما للسخرية والتهكم وكشف التضارب فى الآراء والمواقف والتوجهات والأقنعة الزائفة ، لهذا وجد "البرنامج" صيدا وفيرا من المواقف الساخرة كان يعرضها بأسلوب فكاهى لاذع وهجومى فى أحيان كثيرة.. وحسب مؤيديه فإن باسم يوسف فى حلقاته خفيف الظل صاحب قدرة عالية على توظيف لغة الجسد لتعطى انطباعات مباشرة تلخص ما يمكن أن تحمله آلاف الكلمات، ومع مرور الوقت أصبح عدد المعجبين بالبرنامج على صفحته على الفيس بوك أكثر من 2 مليون و200 ألف ، كما ظهرت صفحات كثيرة تضم آلاف المعجبين والذين شكلوا ما يعرف ب " باسمون " ، ويتمتع باسم يوسف بتأييد جارف من شباب الثورة وكل رموز التيار الليبرالى المعارض ، وهو ما ظهر خلال أزمة استدعاءه مؤخراً للتحقيق معه أمام النائب العام ، فقد تواجد الآلاف معه لمؤازرته .. كما حضر حمدين صباحى تصوير حلقته التالية لدعمه ، وخلال هذه الأزمة تصدر اسم باسم يوسف عشرات الصحف ووكالات الانباء والقنوات العالمية واصبح بلا منافس أشهر إعلامى مصرى عالمياً ، كما إنه يكتسب تأييد كل الفرق الموسيقية الشبابية والتى تعتبر مواهبها مادة اساسية فى برنامجه ، والغريب أنه رغم معاركه الدائمة مع الإسلاميين .. لكن بعضهم أحياناً يؤيده مثل الدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية الذى اصدر فتوى بعدم جواز السخرية من الاعلاميين بإطلاق أسماء ساخرة عليهم ، وكان يقصد بالتحديد باسم يوسف وإبراهيم عيسى ، بل وكان يدافع عنه فى أزمته القضائية الأخيرة محامى الجماعات الإسلامية منتصر الزيات . طابور المعارضين ! الأسلوب اللاذع للبرنامج كان يخرج أحيانا عن المألوف وترتفع درجات حرارة السخرية ليبدو الصدام متوقعا .. كما أصبح يستخدم ألفاظا يعتبرها البعض "خادشة للحياء وجارحة للذوق العام " مما اضطره إلى أن يكتب على تتر البرنامج "للكبار فقط" ، وبين الجرأة والوقاحة شعرة بسيطة يقف فوقها باسم يوسف .. لهذا خاض معارك عنيفة بدأت مع زملائه فى برامج التوك شو الأخرى عندما هاجم زملائه فى القناة عماد أديب ولميس الحديدى وخيرى رمضان ووصفهم ب " الفلول " ، كما إنه دائم الهجوم على توفيق عكاشة وعمرو مصطفى وكل مذيعى وضيوف قناة الحافظ الدينية ، كما إنه دائم الصدام مع الجماعات الإسلامية التى كان ردها عنيفا بعدما زادت جرعة النقد والسخرية عن حدودها المألوفة مستخدما عبارات وألفاظ خادشة ، كما دخل فى معركة لا مبرر مع المستشار مرتضى منصور تبادل فيها الطرفان التطاول ، ووصفه الشيخ خالد عبدالله ب"أراجوز الثورة"، وقال له الشيخ أبوإسلام "أنت أحلى من ليلى علوى ولازم تلبس نقاب"، وبدا امام المشاهد ان قطار "البرنامج" خرج عن القطبان ليطيح بكل من يقف أمامه.. كما نشر مؤخراً حبير مونتاج اسمه عز عبد الرؤوف فيديو أوضح فيه ما وصفه ب " الفبركة " التى يقوم بها برنامج باسم يوسف عندما يقتطع أجزاء من كلام الشيوخ بطريقة " القص واللصق " ليضحك الناس عليهم ، كما وصفه الدكتور محمد محسوب وزير الشؤون القانونية والنيابية السابق بأنه " مهرج " ، كما أن ميثاق شرف الأطباء ظل يلاحقه فى البداية لدرجة دفعت المجلس المصرى للأطباء لإصدار بيان يتهم باسم يوسف بإهانة مهنة الطب بخروجه عن قيم المجتمع وترديد ألفاظ خارجة على الهواء مباشرة" ، لكن نقابة الأطباء تدخلت على الفور وأخلت مسئوليتها مؤكدة فى بيان لها "أنه لا مجال فى مصر الثورة لتكميم الأفواه ومحاصرة الإبداع وحرية الرأى والتعبير، وأن الحكم على ما يقدمه الزميل الطبيب باسم يوسف أو غيره فى مجال الإعلام هو الشعب المصرى الواعى الذى يعتز بثقافته وهوايته، والذى يعرف ما يأخذ وما يدع" ، كما كانت درجات السخرية لدى باسم يوسف ترتفع مع تصاعد الأحداث وبدأ يشتبك بشدة مع النظام السياسى حتى واجهته النيابة بتهمتى إهانة شخص رئيس الجمهورية وإزدراء الدين الإسلامى .. كانت التحقيقات إستجابة لبلاغات عديدة تتهمه بإثارة الفتن والسخرية من علماء الدين وتوجيه عبارات مستفزة ومثيرة للسخرية تتصل بشخص السيد رئيس الجمهورية ، كما أصبحت حياته الخاصة فى مرمى النيران .. فمن المعروف أن الدكتور باسم يوسف تزوج حديثا من "هالة دياب" وأنجب منها طفلة "نادية" ، ويروى أنها إمراة من أصول شامية وتنحدر من أسرة محترمة .. لكن أعداءه روجوا مؤخرا فيديو للدكتورة "هالة دياب" الناشطة السورية المعروفة ومؤلفة مسلسل "ماملكت أيمانكم" واستغلوا التشابه الكبير فى الاسم والملامح للطعن فى حياته الخاصة ، ونشأت صفحات على الفيس بوك تتهم زوجته بالهجوم على الإسلام ونشر أفكار تدعو للتحرر من القيم ، لكن الدكتور باسم يوسف يحرص دائما أن تظل حياته الأسرية بعيدة عن أعين الإعلام خوفا من سهام النقد التى تترصد له عقب كل حلقة من برنامجه.. والطريف أن قائمة اعداءه تخطت الحدود المصرية وضمت ايضاً قطر .. وباكستان ! . يضحكنا أم يضحك علينا ؟! بعيداً عن المؤيدين والمعارضين ، نحن أمام حالة تستحق التأمل بكل سلبياتها وايجابياتها ، فيكفى أن عمر تجربته عامان فقط ورغم ذلك بمجرد أن تكتب اسمه على موقع البحث " جوجل " ستجد أمامك 9 ملايين صفحة تتكلم عنه ، بينما الرئيس جمال عبد الناصر له ملايين صفحة فقط ، طبيب قلب سابق تحول للإعلام ويصبح المحطة التى يلتقى عندها المصريون كل يوم جمعة فى التاسعة النصف مساء سواء ليضحكوا مؤيدين لسخريته .. أو يغضبوا معارضين لتجاوزه ! .