لقي مواطن تونسي مصرعه وأصيب 11 شرطيا و3 متظاهرين بجروح في مواجهات بين سلفيين متشددين وقوات الأمن في العاصمة تونس ومدينة القيروان بعد إصرار الحكومة على منع مؤتمر يعقده التنظيم السلفي المتشدد. وشهد بعض أحياء تونس مواجهات مع قوات الأمن، في حين نجحت الأجهزة الأمنية في إجبار الآلاف من السلفيين على إلغاء مؤتمرهم في مدينة القيروان. وكان التنظيم المتطرف أعلن عقد مؤتمره السنوي أمس في القيروان (وسط) من دون أن يطلب ترخيصا من الدولة التي لا يعترف بها، ومنعت السلطات عقد المؤتمر ونشرت تعزيزات أمنية كبيرة في المدينة. وإزاء ذلك قرر السلفيون نقل مؤتمرهم إلى حي التضامن بالضاحية الغربية بالعاصمة الذي شهد مع الأحياء المجاورة له مواجهات مع قوات الأمن. وأطلقت الشرطة هناك الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية في الهواء لتفرقة المحتجين الذين رشقوا الشرطة بالحجارة. وحلقت هناك طائرات عسكرية فوق المنطقة. وقالت صفحة «أنصار الشريعة» بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» على الإنترنت أمس، إن الشرطة اعتقلت سيف الدين الرايس، المتحدث الرسمي باسم الجماعة المتشددة. ولم يتضح على الفور وقت أو مكان اعتقاله. وحذر محمد بن سالم وزير الفلاحة التونسية القيادي في حركة النهضة، من أن «أي خروج عن الشرعية يجب أن يجابه بالقوة المناسبة دون إقصاء أي لون سياسي من النشاط». ورغم منع الشرطة مئات من عناصر الجماعة من الوصول إلى القيروان بنشر مكامن على مداخل المدينة منذ مساء أول من أمس، إلا أن مئات من مؤيدي الجماعة رشقوا بالحجارة الشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع رداً عليهم. وأغلقت غالبية متاجر المدينة تحسباً لأعمال العنف بسبب منع الملتقى. ودعت «أنصار الشريعة» مؤيديها في اللحظات الأخيرة إلى التوجه إلى حي التضامن في العاصمة لعقد الملتقى هناك بسبب الانتشار الأمني الكثيف في القيروان، لكن الشرطة منعتهم، ما أدى إلى اشتباكات مع السلفيين الذين هتفوا ضد «حكم الطاغوت». وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية في الهواء لتفرقة نحو 500 محتج كانوا يرشقون أفرادها بالحجارة. وحلقت مروحيات عسكرية فوق المنطقة. وأحرق الإسلاميون سيارات وإطارات مشتعلة وتوقفت الحافلات وعربات المترو عن العمل وأغلقت المتاجر في المنطقة. وامتدت الاشتباكات إلى أحياء مجاورة في العاصمة مثل حي التحرير والانطلاقة. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية مقتل شاب من أنصار الجماعة يدعى معز الدهماني (27 عاماً) خلال الاشتباكات في القيروان، بعدما تحدثت وزارة الداخلية في بيان عن جرح 11 من عناصر الأمن «أحدهم إصابته بليغة، إضافة إلى ثلاثة متظاهرين أحدهم اصابته بليغة». وكشف رئيس الوزراء التونسي علي العريض أن عدد المعتقلين بلغ نحو مائتين، بينهم مطلوبون على ذمة قضايا «إرهاب». ووجه تحذيراً شديداً إلى مرتكبي العنف قائلاً إن «المجموعة التي تمارس العنف وترفض الدولة وتعلن العصيان عليها وتقاوم سيكون تصدينا لها شديداً، لكن في إطار القانون، ولن نتهاون في هذا». وقال: «رغم المنع حاول بعضهم (من «أنصار الشريعة») المجيء لعقد الملتقى، لكن وحدات الأمن منعتهم، وبعض الموقوفين كانوا مطلوبين». وشدد على أن «قوات الأمن لديها صورة دقيقة عن تلك العناصر». وقالت «أنصار الشريعة» عبر صفحتها على موقع «فايسبوك» أمس إن الشرطة اعتقلت الناطق باسمها سيف الدين الرايس، ما أكده مصدر أمني. واعتقلت الشرطة في القيروان فتاة تنتمي إلى حركة «فيمن» النسوية العالمية بعدما حاولت التعري، ووضعت لافتة للحركة على مسجد عقبة بن نافع حيث كان مقرراً عقد المؤتمر. إلى ذلك، دعا مسؤول في «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» أعضاء «أنصار الشريعة» إلى عدم الاستجابة ل «استفزازات» النظام. وقال عضو هيئة الشريعة في التنظيم ابو يحيى الشنقيطي مخاطبا «أنصار الشريعة»: «لا تستجيبوا لاستفزازات النظام ووحشيته وترتكبوا أفعالاً يمكن أن تؤثر على الدعم الشعبي الذي تحظون به». وأثنى على التيار السلفي في تونس ودعاه إلى «المضي في أعماله الطيبة التي بدأت تؤتي ثمارها». وقال: «كونوا أصحاب حكمة وصبر». واتهم زعيم تنظيم أنصار الشريعة، المعروف ب"أبي عياض"، الحكومة التونسية بارتكاب "الحماقات"، وقال في تسجيل صوتي أذاعته مؤسسة "البيارق"، الذراع الإعلامي للتيار الجهادي في تونس: "أيها الطواغيت، أنتم اليوم أحق الناس بالشكر، فقد ارتكبتم من الحماقات ما كان سببا في نشر دعوتنا وإغنائنا عن الإشهار لملتقانا، فشكراً على الغباء والحماقة". وأكد أبو عياض أن "أنصار الشريعة ماضية في برنامجها وطموحاتها، فهي دعوة لا تتوقف على الأشخاص ولن تهزم أبدا أمام جحافل الحاقدين والمعاديين". وتعليقا على الموضوع، قال المحلل السياسي التونسي منذر ثابت إن "السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه اليوم وبشدة هو لماذا هذه الأزمة الآن؟، فشخصياً أعتقد أن هناك أمورا غامضة ومبهمة في العملية الأمنية والسياسية برمتها". وشدد ثابت في حديثه إلى "العربية.نت" على "وجود مساع لتعطيل عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، كما أن هناك مؤشرات توحي باستعدادات حثيثة للتحضير للتدخل الأجنبي في المنطقة ككل".