تحقيق: محمد وليد بركات مع الثورة التكنولوجية .. لم يعد هناك حدود لأى صوت إعلامي يمكنه الانتشار السريع بأقل الإمكانيات ، ومن أبرز أدوات الإعلام الفضائي حالياً إذاعات الإنترنت والتى تزايدت أعداها مؤخراً ، لكن " راديو 4 يو " فكرة لها خصوصية ومتميزة جداً .. فكل العاملين بها تقريباً من شباب كلية الإعلام جامعة القاهرة والذين اعتبروها مشروعهم الخاص لتدريبهم وصقل مواهبهم وخبراتهم ، كما إن هذه المحطة تبث برامجها المتنوعة من غرفة صغيرة وبأقل الإمكانيات ، باختصار .. هذه المحطة الإذاعية حلم راود شباب في بداية مشوارهم ، وكل هدفهم أن يصبح التربة الخصبة التى تنبت نجوماً في الإعلام .. عبد الله مجدي طالب بكلية الإعلام بجامعة القاهرة ، وهو صاحب محطة "راديو فور يو" الالكترونية ، يقول إن فكرة مشروع الراديو بدأت من خلال دردشة بينه وبين بعض أصدقائه ، فقد كانوا يتمنون الحصول علي فرصة تدريب في إحدى المؤسسات الإعلامية ، وكان الرد غالباً بأن التدريب متاح لمن لديه " واسطة " أو من أنهى دراسته ، لذلك قرروا تأسيس محطة راديو خاصة بهم ليتدربوا فيها ويتيحوا فرصة التدريب لزملائهم ، وبالفعل عملوا علي تحويل الحلم إلي حقيقة ، ويؤكد أن " راديو فور يو " هو التحدي الأول في حياته ولذلك يتمنى ألا يفشل فيه ، وهناك الكثير من الصعوبات التى واجهته في بداية المشروع لأن الموضوع ليس سهلاً كما يتخيل البعض ، وأعقد مشكلة واجهته كانت " التمويل " لدرجة أن المشروع توقف لفترة ، خاصة وأنهم لم يجدوا الدعم المادي من أية جهة والمشروع يعتمد علي التمويل الذاتي ، بل أن الطلبة القائمين عليه استدانوا ليمولوا مشروعهم ، كما إنهم تعرضوا لمواقف سخيفة بسبب قلة خبرتهم .. منها مثلاً أن أحد مصممي مواقع الإنترنت خدعهم وحصل منهم علي 5 آلاف جنيه مقابل تصميم موقع الراديو رغم أن التكلفة العادية لا تزيد علي ألفين و500 جنيه . غرفة صغيرة بالدور السابع ويضيف عبد الله قائلاً : تقنيات البث بسيطة ، فنحن نستخدم ميكسر وميكروفونات وبرنامج Sam ، وكل هذا متوفر في مقر الراديو ، وهو عبارة عن غرفة صغيرة في شقة بالجيزة ، وهي غير مجهزة بإمكانيات العزل الصوتي المطلوبة للاستديو الإذاعي ، ولكنها في الدور السابع مما يقلل الضوضاء التي تصل إليها ، وكل فريق العمل يبدأون بث برامج مسجلة ، وذلك حتى يكتسبون الخبرة قبل البث علي الهواء مباشرة ، وتسجيل البرامج في الغالب يكون من مقر الراديو ، إلا أنه في بعض الأحيان قد يضطر المذيع إلي تسجيل البرنامج في منزله ، ويرسله عبر الإنترنت إلي مقر الراديو حيث يتم إجراء المونتاج له ، ثم يتم بثه. وعن فريق العمل يقول أن عدد العاملين في الراديو يبلغ 44 شاباً أغلبهم من طلاب كلية الإعلام بجامعة القاهرة ، إلا أن بعضهم من خريجي كليتي الاقتصاد والعلوم السياسية والتجارة ، وبعض طلاب الجامعة الأمريكية ، وهم يراعون تنوع موضوعات البرامج حتى يجذبون كل فئات المجتمع التي من الممكن أن تتابع راديو الانترنت ، ويضيف "راديو فور يو يعمل علي مدار 24 ساعة في اليوم ، منها ساعات طويلة عبارة عن فقرات غنائية". وأشار إلي أن أهم شيء في إعلام الانترنت هو التفاعلية وقياس رد فعل الجمهور ، ولذلك نستخدم صفحة الراديو علي الفيس بوك للتواصل مع المستمعين ، وتتفاوت أعداد المستمعين وفقا لعوامل عديدة منها وقت البث والموضوع وغير ذلك ، وأعلى عدد من المستمعين حققناه كان 470 مستمعا ، بينما لم يتعد عددهم في إحدى المرات 10 مستمعين فقط ، واختتم بقوله "أحلم بتطوير هذا الراديو ، وبالفعل أقوم بعمل دراسة تسويقية جديدة ، وسأقوم بالإعلان عنه علي موقع اليوتيوب في الشهر الجاري إن شاء الله ، كما أحاول البحث عن ممول جيد". 30 جنيهأً مكافأة وتقول رضوى خالد طالبة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة ومعدة برامج في محطة "راديو فور يو" : أن الراديو بدأ منذ ثلاثة أشهر تقريبا ، ولا يزال في المرحلة التجريبية ، لكن تجهيزاته بدأت منذ العام الماضي سواء عن طريق الاتفاق مع شركة للحصول علي سيرفر ثم تصميم الموقع الخاص بالراديو حتى إعداد الخريطة البرامجية التي تتضمن برامج رياضة وفنية وسياسية واجتماعية وثقافية ، وفي البداية دعم المشروع كل من العاملين فيه ب30 جنيها ، وأضافت " ليست لدي أية أهداف مادية من وراء المشاركة في هذه المحطة ، وإنما أحببت العمل فيها علي سبيل التدريب ولشغل وقت فراغي ، وبالفعل يجبرني هذا التدريب علي قراءة كل الأخبار الفنية لأتمكن من إعداد برنامجي الفني ، كما أن هذا العمل يفيد المذيعين ويجعلهم يعتادون علي الجرأة وضبط سرعة معينة للحديث حتى يظل كلامهم متوازنا . كما أشارت إلي أهمية شبكات التواصل الاجتماعي ، ويتم استخدام صفحة الراديو علي الفيس بوك للتسويق له وتكوين جمهوره وشهرته ، وإذاعة إعلانات عن فرص العمل به ، وعرض البرامج اليومية ، ونشر أخبار في كل المجالات ، لكن الراديو يحتاج إلي المزيد من الإعلانات وتعديل نظام الإدارة بحيث يتولى الإدارة شخص .. ويتولي العلاقات العامة والإعلان شخص آخر ، لأنه بحاجة فعلا إلي التركيز علي الجوانب التسويقية ، فمثلا منذ فترة قام الراديو برعاية إحدى الحفلات ، وكان ذلك دعاية جيدة له ، وكذلك يجب اختبار من يتقدمون للعمل في المحطة ، وقياس كفاءة وشعبية برامجهم لفترة لتحديد إمكانية استمرارهم من عدمه. عودة الإذاعات الأهلية عرفت مصر محطات الراديو في عشرينات القرن العشرين علي شكل محطات أهلية تجارية ، وقد كان بعض هذه المحطات الأهلية يغلق بعد فتحها بفترة قصيرة أو يتم دمجه مع محطة أخرى ، وقد قامت هذه المحطات بوظائف الإخبار والتوجيه والإرشاد والتسلية والإمتاع والإعلان ، وامتازت هذه المحطات الأهلية بكونها ملكا لبعض الأفراد ، وضعف إمكانياتها الفنية والمادية ، إذا كان أغلبها مقاما في غرفة أو شقة علي الأكثر ، وكانت تقدم مواداً إذاعية وفقا لرغبة مستمعيها ، واعتمدت في تمويلها على الإعلانات التجارية واشتراكات المستمعين فيها ، وقد عابها أن معظم برامجها كانت ترفيهية ومنخفضة المستوى ، كانت أحيانا تهاجم بعضها البعض بأسلوب يبتعد عن قواعد الذوق السليم ، حتى قررت الحكومة المصرية إنشاء محطة رسمية لها تحل محل هذه المحطات ، ورغم اعتراض أصحاب المحطات الأهلية علي القرار فقد مضت الحكومة في خطتها ، وأصدرت مرسوما لأصحاب المحطات الأهلية تنذرهم بالتوقف عن البث ابتداء من 29 مايو 1934 ، ثم افتتحت المحطة الرسمية في 31 مايو 1934 ، ويؤكد الدكتور وليد فتح الله أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن محطات الراديو علي الانترنت هي امتداد قديم لفكرة الإذاعات الأهلية .. وحديث لفكرة الإعلام الإلكتروني ، وهي المحطات التي تبث عبر الويب ولا وجود لها علي الأثير عبر الموجات الصوتية ، كما أنها تقدم مختلف الألوان الإذاعية التي تقدمها الإذاعات التقليدية ، ويمكن الاستماع إلي هذه المحطات علي الانترنت من أي مكان في العالم ، فمثلا يمكننا الاستماع إلي محطة استرالية من أوروبا أو أمريكا ، وفي عام 1993 أطلق كارل مالامود أول محطة إذاعة عبر الانترنت في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، ولكنها سرعان ما توقفت ، وفي 7 نوفمبر عام 1994 أطلقت محطة WXYC عبر الانترنت ، وفي الأساس كانت تبث إرسالها الهوائي على موجة FM في مدينة تشابل هيل بولاية نورث كارولينا الأمريكية ، وفي نفس اليوم انطلقت أيضا محطة WREK وهي محطة تبث من مدينة أطلانطا في ولاية جورجيا الأمريكية ، وفي عام 1995 بدأت محطة بروجريسيف نيتوركس Progressive Networks بثها ، ثم بدأت العديد من محطات الراديو على الانترنت بثها عندما طرحت شركة مايكروسوفت برنامج Streaming Audio Players لتحميل الصوت مجانا ، وفي مارس عام 1996 أصبحت محطة فيرجن راديو Virgin Radio في لندن أول محطة راديو أوروبية تبث برامجها كاملة علي الهواء عبر الانترنت ، فهي تبث إشارتها الهوائية عبر موجة FM علي مدار 24 ساعة يوميا بالتزامن مع بثها على الانترنت ، واختتم حديثه قائلا أن راديو الانترنت جذب انتباه المستثمرين في مجال وسائل الإعلام في أواخر عقد التسعينات.