خرجوا طوال أيام ثورة يناير مثل آلاف المصريين يرددون "الشعب يريد إسقاط النظام".. كما تواصلت اعتراضاتهم خلال الفترة الإنتقالية من أجل تسليم السلطة لرئيس مدنى ، وعلى مدى نحو عامين وصلت أعداد المفقودين منهم إلى نحو 1200 شخص حسب العديد من الإحصائيات وتقارير المراكز الحقوقية ، وهؤلاء لم يعودوا إلى بيوتهم وومازالت أسرهم فى انتظارهم متمسكين بالأمل ، وفى السطور القادمة نروى حكايات عن " مفقودى الثورة " الذين شاركوا فى مظاهرات ميدان التحرير فى الأحداث المختلفة .. وأصبح مصيرهم مجهولا . فى البداية تقول شيماء ياسين- من شباب حملة "هانلاقيهم" التى تهتم بالبحث عن مفقودى الثورة : توقفت جهود البحث الرسمية عن المفقودين والمختفين من أيام الثورة ، ولم تعد الحكومة تتابع ذلك الملف المؤلم ، ولذلك بدأت حملة "هنلاقيهم" والتى تلقت بلاغات عديدة من أهالى المفقودين تفيد بتغيبهم منذ بدء الثورة وحتى الآن، بل والغريب هو تلقى بعض الأهالى مكالمات من ابنائهم تفيد بأنهم على قيد الحياة فى بعض السجون ، كما تلقى بعضهم مكالمات تهديد تطالبهم بعدم البحث عن ذويهم ، وهو ما يدخل بعض الحالات فى حيز الاختفاء القسري، وقد ظهر بعض المختفين بعد فترة طويلة وقد تعرضوا للتعذيب والترهيب النفسى الشديد، وتناشد حملة "هنلاقيهم" الجهات المعنية فى الدولة بتحمل مسئولياتها فى البحث عن المفقودين والكشف عن أماكن احتجاز المختفين منهم وإعلام ذويهم بحالتهم، كما نناشد المجتمع بالوفاء لهؤلاء الأبطال الذين يدفعون ثمن الدفاع عن أحلامهم بالحرية . محمد صديق لوالدته: " أنا محبوس" محمد صديق توفيق- بكالوريوس تجارة خارجية - مفقود من يوم 11 فبراير2011، وقد شارك فى ثورة 25 يناير منذ بدايتها ، وتروى والدته السيدة صباح بقية حكايته قائلة : فى يوم 28 يناير" جمعة الغصب" انضم أبنى لمسيرة انطلقت من حلمية الزيتون حتى ميدان التحرير، ووصل إلى الميدان, ثم اختفى تماما، ولم أستطيع الاتصال به نتيجة قطع الاتصالات، وانتظرت حتى الفجر فلم يعد, وذهبت للميدان للبحث عنه ولكنى لم أجد له أثرا، وذهبت للسجون, والمستشفيات, والمشرحة , ولم أعثر عليه، وظللت أحاول الاتصال به لكن هاتفه كان مغلقاً حتى يوم التنحى 11 فبراير 2011, فقد رد على و قال لى "نعم يا أمي, أنا محبوس", ثم انقطع الخط, واتصلت مرة أخرى ورد على شخص سبنى و ابنى بأسوأ الألفاظ وأغلق الهاتف ، وبعد ذلك ببضعة أشهر وخلال محاولاتى التى لم تنقطع للاتصال بأبنى رد على شخص أخبرنى بأنه وجد الهاتف ملقى بالقرب من الجبل الأحمر ، ثم انقطعت كل أخبار محمد من هذا الوقت، وأنا متأكدة أن ابنى حى ، ولكنى لا أعرف مكانه. محمد محسن مطلوب للشهادة محمد محسن على محمد-20 سنة طالب فى كلية الحاسبات والمعلومات-، من الثوار الذين نزلوا للميدان يوم 25 يناير, وقد علمت أمه من بعض أصدقائه أنه تم القبض عليه فى شارع جانبى من ميدان التحرير يوم 26 يناير صباحاً , ثم ذهب أصدقاؤه ليسألوا عليه فوجدوا اسمه ضمن المقبوض عليهم فى قسم زينهم، و عندما ذهب أهله للسؤال عليه هناك, نفى ضباط القسم وجوده، ثم بدأ أهله فى البحث عنه بين الأقسام المختلفة, و النيابات العسكرية, لكن لا أثر له حتى الآن، وفى يوم 5 مايو 2012, وصل لمنزله استدعاء من نيابة غرب القاهرة, بأنه مطلوب كشاهد فى أحداث العباسية, وذهبت أمه إلى النيابة يوم 7 مايو لتستفسر عن الأمر, فقابلها مستشار وأمر موظفاً بالبحث عن الاسم, و أخبرها أن محمد مصاب بقطع فى الكتف, و كسر فى اليد اليمنى, و لم يخبرها عن مكانه، و لم ترد أى أخبار عنه من يومها. محمد أسامة دخل الميدان .. ثم أختفى تماماً محمد أسامة سليمان- 15 سنة طالب- مفقود أيضا من 28 يناير 2011، كان مع والده فى المسيرة التى تحركت من مسجد الاستقامة إلى ميدان التحرير بعد صلاة يوم الجمعة 28 يناير 2011, و عندما وصلا إلى الكوردون الأمنى المقام عند كوبرى قصر النيل, طلب منه والده أن يعود, لكنه رفض, واخترق الكوردون وعبر إلى الميدان, ثم اختفى تماما، ليس له أى أثر من يومها، وحاول والده البحث عنه بكل الطرق ولكنه لم يجده.. إبراهيم السعيد أختفى فى شارع الهرم إبراهيم السعيد أحمد- 39 سنة عامل باليومية-، ومفقود أيضا من يوم جمعة الغضب، وذهب لصلاة الجمعة يوم 28 يناير, ثم عاد إلى منزله, فشاهد على الفضائيات ما يحدث فى ميدان التحرير، فقرر النزول ليكون مع المتظاهرين ، وجمع عدداً من أصدقائه و نزل معهم, لكنه افترق عنهم فى شارع الهرم واختفى من يومها، وبعد ثلاثة أشهر أخبرهم أحد الأشخاص بأنه رآه فى سجن الهايكستب, ثم وصلتهم أنباء عن وجوده فى سجن وادى النطرون, وسأل أهله فى كل هذه السجون, لكن المسئولين هناك نفوا تماماً وجوده عندهم, و لم يستدل عليه حتى اليوم. سطوحى ذهب ليقبض راتبه حسن يوسف سطوحى ، عامل , مفقود من يوم 29 يناير 2011، فقد نزل فى هذا اليوم متجها إلى الورشة التى يعمل بها ليقبض راتبه, ثم اختفى تماما من وقتها، و بحث أهله عنه فى جميع المستشفيات والمشارح و السجون, و ليس له أى أثر. زيان خرج ولم يعد زيان سيف النصر عبد الفتاح- 41 سنة عامل فى مصنع الطوب فى المنيا-، ومفقود من 28 يناير 2011، وكان فى القاهرة فى هذا التوقيت لزيارة أخوه، وقرر أن ينزل للمظاهرات يوم 28 يناير, فانضم لمسيرة مسجد الاستقامة المتجهة إلى التحرير, وفقد من وقتها، ولا أحد يعلم مصيره، و لم يجده أهله فى المشرحة أو فى أى مستشفى. سامى بلا أثر سامى بكرى قرني- 25 سنة عامل فى مطبعة- ومفقود من 8 فبراير 2011، سامى كان فى طريقه لإحضار أخيه من المستشفى فى حلوان بعد جلسة غسل كلوي, ولم يكن معه أى إثبات شخصية، ولم يصل للمستشفى, ولم يعد للبيت من يومها، وفى ذلك اليوم, كانت قوات الجيش منتشرة فى تلك المنطقة للقبض على الهاربين من سجن طره، و أهله كانوا يظنون أنه ربما تم القبض عليه معهم بالخطأ، ولكنهم لم يجدوا له أى اثر فى أى مستشفى أو سجن أو مشرحة حتى اليوم. عمرو اختفى فى أحداث 8 أبريل عمرو محمد درويش- 27 سنة يعمل كفرد أمن-، ومفقود من 8 أبريل 2011، ويقول والده لمجلة الشباب: ابنى نزل المظاهرات فى ميدان التحرير يوم 8 أبريل للشكوى من البطالة والظروف المعيشية الصعبة, ويومها اشتعلت أحداث ضباط 8 ابريل, وتم القبض على العديد من الأفراد، إلا أن عمرو اختفى تماما، وبحثنا عنه فى كل مكان ولم نجده ولا حتى فى المشرحة, أو فى السجن, و هو مفقود تماما من يومها، ونفسى ربنا يكرمنا والدولة تتدخل للبحث عنه ، فهل ذنب عمرو أنه شارك فى الثورة ؟!. ياسر كان يساعد المتظاهرين فى " محمد محمود " ياسر عبد الفتاح- 17 سنة طالب- مفقود فى أحداث محمد محمود من 19 نوفمبر 2011، وكان فى طريقه لوسط البلد مع أصدقائه ليشترى بعض الأشياء, ثم علموا بأن هناك اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن فى شارع محمد محمود, فذهب لمساعدة المتظاهرين, و اختفى تماما من وقتها، ولم يتم العثور عليه وانقطعت أخباره من يومها . .. وهؤلاء عادوا بعد الاختفاء تقول نيرمين يسري- عضو حملة " هانلاقيهم " : من الثابت لدينا تطابق قصص المفقودين الذين عادوا إلى بيوتهم بعد شهور طويلة من فقدانهم, جميعهم كانوا محتجزين فى السجون المختلفة, بدون أى أوراق رسمية تثبت مكان وجودهم, و بدون توجيه أية اتهامات لهم أو محاكمتهم , مثلاً عمرو السيد محمود عمره 17 سنة وكان مفقوداً منذ " جمعة الغضب " ، وقد اختفى فى شارع القصر العينى فى عصر هذا اليوم، وظل مفقوداً شهورا طويلة, بحث فيها خلالها والده عنه فى كل الأماكن الممكنة، ثم وصل والده لإحدى الإعلاميات التى استضافته فى برنامجها على التليفزيون, ثم وصل للنائب السابق مصطفى النجار, والذى كتب مقالاً عن اختفاء ابنه فى إحدى الصحف, و بعد تلك الحملة الإعلامية بعدة أيام رجع عمرو لأهله فى يوليو 2011 ، وأتضح أنه تم القبض عليه من قبل أشخاص كانوا يرتدون زياً مدنياً فى شارع القصر العيني, و أنه كان محتجزا فى سجن وادى النطرون، وحسب قوله فإنه تعرض لتعذيب شديد, وطوال تلك الفترة لم يتم توجيه أى اتهامات له, و لم يكن له وجود فى أى مصلحة رسمية معنية بالسجون، وأكد أنه رأى بعينه العديد من الأشخاص بنفس موقفه, و أنهم ما زالوا داخل السجن أما إسلام الخواجة, فكان يعمل فى فندق بالزمالك, وكان مفقوداً من يوم 29 يناير 2011 ، فقد كان فى ميدان التحرير يومها و شهد بأنه كان هناك قناصة يقتلون الثوار, و كانت بجواره سيارة إسعاف, وطلب منه شخص من داخلها أن يركب معه ليحميه من إطلاق النار، وركب معه إسلام, ثم اختفى تماما, وذهب أهله إلى نقابة الصحفيين خلال أكثر من مؤتمر, وظهروا فى وسائل الإعلام المختلفة, وبعدها, عاد إسلام فى فبراير 2011، و علم أهله إنه بعد خطفه تم ترحيله إلى سجن الهايكستب, ثم إلى سجن فى مرسى مطروح, ثم إلى سجن الوادى الجديد، وظل طوال تلك الفترة بدون أوراق رسمية ولم توجه له أى اتهامات .