من المتوقع أن تشهد دورة مهرجان الإسكندرية السينمائي التي تقام خلال الفترة من 12 إلى 19 سبتمبر المقبل برئاسة الدكتور وليد سيف منافسة قوية بين عدد كبير من أقوى الأفلام في المسابقة الرسمية، وسوف يصل عددها لأول مرة إلى ستة عشر فيلما تمثل غالبية دول البحر المتوسط المنتجة للسينما، تمثل أفضل وأرقى مستويات السينما في بلادها التي حرصت أن تقدم لإدارة المهرجان مختارات من أفضل إنتاجها.. وهو ما وضع اللجنة العليا في موقف صعب للحسم بين الجيد و الأجود، و قد أصبح من المؤكد أن تشارك تركيا وحدها بفيلمين أولهما يحمل عنوان "لا تنسيني يا اسطنبول" وهو أشبه بمقاطع من قصيدة عشق في حب المدينة الجميلة، أما الفيلم الثاني فهو بعنوان "الثعبان" وهو تجربة شديدة الندرة والأهمية في مجال الصورة و الشخصية، والفيلم تدور أحداثه في بيئة مميزة وأجواء مختلفة و عبر دراما شديدة الإحكام و عميقة التأثير، ومن فرنسا يأتي فيلم "على الشاطئ" وهو سايكودراما تدور في إطار تشويقي حول شرطي كبير يمر بحالة من عدم التوازن والإحباط، يسعى للحصول على أجازة مرضية ويهجر امرأته و يهيم على وجهه.. تبدأ الأحداث حين يتأكد من موت امرأة في شرفتها، و يقوم بالإبلاغ عنها بزعم أنه يعرفها.. فهل يريد أن يكشف عن أسرار مقتلها أم أنه يعرفها بالفعل وهى سبب مأساته، لن تتأكد إلا في المشهد الأخير الرائع الذي يقفز فيه في البحر خلف رماد جسدها، وتنافس المغرب بقوة أيضا وعبر فيلمها "أندرومان من دم وفحم" من إخراج عز العرب العلوي، وهو يروي قصة فتاة تعيش في ملابس الرجال بأمر والدها الذي تعانى من قسوته حين يلمح منها أي مظهر أنثوي.. تتكشف الحقيقة على مهل وتتضح المأساة بأسلوب درامي بليغ، ومن الجزائر أيضا فيلم شديد الإنسانية بعنوان "قداش تحبني؟" للمخرجة فاطمة الزهراء زموم.. والفيلم عن ذكريات صبى خلال فترة انفصال الأم عن الأب وإقامته مع جده وجدته حيث لقاء بين عالمين يفصلهما الزمن و لكن يجمعهما التعاطف و الحب، أما فيلم "العدو" فهو من روائع الإنتاج المشترك بين كرواتيا و البوسنة و صربيا، وهو يدور في أجواء ما بعد الهدنة وآثار الحرب من قلب المواقع العسكرية و فرق الكشف عن الألغام وتقسيم الحدود.. تتجلى من خلاله صور مدهشة للحياة والمشاعر الإنسانية رغم الأجواء العسكرية.. وهو يتميز بصورة سينمائية رائعة ولغة فيلمية متقدمة وأداء تمثيلي حي ومتمكن، أيضا ينتمي فيلم "الصمت المتجمد" الأسباني للأعمال الكبيرة بكل ما تعنيه الكلمة إنتاجيا و فكريا.. وهو يرجع بنا إلى عام 1943 حيث الجنرال فرانكو يبعث بفرقة عسكرية إلى روسيا مهمتها مساعدة هتلر في القضاء على الشيوعية ولكن الجيش الأحمر يتصدى في عناد ومقاومة مستمرة.. يضيع الأسبان في أرض غريبة ويواجهوا الموت والصقيع وتجمد القلوب والخوف من الخيانة ومن أنفسهم.