حلت الكاتبة الكبيرة فريدة الشوباشي ضيفة علي صالون " الشباب " لهذا الشهر والذى أداره الخبير الاقتصادي الدكتور محمود عمارة رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين في فرنسا .. وكان محور الصالون هذا الشهر هو رئيس مصر الجديد .. في البداية قالت الكاتبة فريدة الشوباشي : مازلت أحمل الفكر الناصري القومي الذي أعتز به حتي الآن لدرجة أنه كان له تأثير كبير علي اختيار المرشح الرئاسي , عشت بفرنسا ما يقرب من 30 عاما وشهدت الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة ولم أجد أحدا يدعي أن الله أمره بالترشح أو أن النبي أوصاه بذلك واقتضت الديمقراطية أن تكون النسبة بين ساركوزي و أولاند ضئيلة جدا لم تتجاوز 2% فرنسا في الأربعينيات وحتي الستينيات لم تكن بهذا التقدم , كان المواطن الفرنسي الذي يشتري فرخة يعتبر مرفها وكانوا يعيشون علي اللفت والخضراوات , وبالتالي لا نتعجب كثيرا أننا عشنا سنة ونصف بدون تحقيق أي شيء , ولكن كان حلمنا أكبر بكثير خلال هذه الفترة أن يحدث إنجاز حقيقي , ولكننا نستطيع أن ننقل مصر خلال 6 أو 7 سنوات نقلة اقتصادية كبيرة تجعل العالم يحترمنا , ومن خلال تجربتي التي عشتها أقول : إن القاعدة الاقتصادية التي بنيت في الخمسينيات والستينيات بعد ثورة يوليو نحن نعيش حتي اليوم من خيرها وما يباع الآن من نتاجها , وأعتز جدا بمقولة عبد الناصر ( من لا يملك قوت يومه لا يملك حرية قراره ) وهذه الجملة بالنسبة لي عقيدة ونحن لدينا أكبر مجمع ألومنيوم في الشرق الأوسط , ورغم الاستماتة الأمريكية لغلق هذا المصنع لدرجة أننا في الستينيات كنا ننافس كوريا الجنوبية وكانت لدينا الرغبة في المنافسة والنهوض بالدول , ولكن الآن أصبحنا نستورد ما يقرب من 62% من الغذاء الذي نستهلكه , فضلا عن أنه منذ السبعينيات بدأوا يغيبون الشعب بحجة أن الغرب يخاف من الإسلام وهذا هدفه إلغاء العقول , وأنا أتحدث عن تجربتي وأعتز جدا بمرحلة عبد الناصر رغم أن زوجي الكاتب علي الشوباشي سجن مرتين في عهد عبد الناصر , ومنع من العمل في أي مكان , ولما وقعت هزيمة 1967 نزلنا يوم 5 يونيو والتي أعتبرها بداية الانطلاق للعبور , ولو لم ينزل أبناء جيلي إلي الشارع ورفضوا الهزيمة لكان نيتانياهو في قصر العروبة اليوم , لأن هذه الوقفة هي التي تلاها مباشرة حرب الاستنزاف , والتي بدأت في اليوم التالي لرفض الهزيمة وبالتالي أقول إن الغرب أو الأعداء يرسمون المستقبل بالهزيمة ولكنهم لا يعرفون الرغبة الداخلية للشعب . وأضافت الكاتبة فريدة الشوباشي : مادام لدينا الجوهر والإيمان بمشروعنا القومي نستطيع خلال سنة النهوض والوقوف مرة أخري وتحترمنا الدول لقوتنا , وأنا أتحدث عن جوهر المبادئ والدكتور محمود عمارة يعلم أنني طردت من عملي لمبادئي لأن رئيسي طلب مني أن أجري حوارا مع شيمون بيريز وكان وقتها وزير خارجية إسرائيل وكانت قضيتي أطول قضية عمالية في فرنسا وشتمتني الجرائد الفرنسية واتهمتني بأنني معادية لإسرائيل والسامية , والأمر الآخر كان بسبب كتاب سلمان رشدي ' آيات شيطانية ' .. ومع فتح باب الأسئلة للقراء سأل محمد سعيد عبد الرحمن مساعد مخرج : كيف يمكن أن نعود بإيجابيات الفترة الناصرية بعيدا عن عبد الناصر وملامح عصره بما لها من إيجابيات وما عليها من سلبيات؟ فردت عليه الشوباشي : أنا عشت فترة عبد الناصر وأريد أن أقول لك أنا بنت لأسرة فقيرة وبسيطة جدا واسم الشوباشي لعائلة زوجي , وبالتالي ثورة يوليو مكنتني من أن أتعلم وألبس وأعطتني إنسانيتي لأنني من طبقة الغلابة , مبارك عسكري وعبد الناصر كذلك ولكن لا يمكننا أن نقارنهما ببعضهما , وبالتالي لا يوجد تعميم ولكنني أتحدث عن المشروع القومي لمصر , وأنا لم أكن أفهم ' السما من العما ' في السياسة ولكنني عندما وجدت أن أمريكا وإسرائيل تقولان إن هذا الرجل ديكتاتور ويجب أن يرحل من هنا بدأ حبي لعبد الناصر ونحن لن نتوقف عند هذا الرجل ولكنه مشروع وحلم وهناك مقولة لنابليون ' قل لي من يحكم مصر أقل لك من يحكم العالم ' فالوطن العربي هو امتداد لمصر , والعروبة ليست رفاهة ولكنها مصلحة مصرية وهي التي فجرت أنابيب البترول بعد خطبة عبد الناصر في الأزهر لوجود الحس القومي العربي وقال شارل ديجول عندما مات عبد الناصر إن هذا الرجل تحبه أو تكرهه هو المفتاح في الشرق الأوسط , ولكن الجريمة التي تلته هي التي أهالت عليه التراب فالعالم كله صغرنا في نظره وبالتالي فإننا بحاجة إلي الرئيس الرمز الأسطورة التي يتحقق معها الحلم والنهضة والطموح ويجمع الشمل العربي مرة أخري وعلي الرئيس القادم أن يتعلم من التجارب السابقة حتي لا يقع في الخطأ مرة أخري . وسأل الدكتور عزت توفيق الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية : وما الذي نحتاج إليه الآن؟ فردت الشوباشي : نحتاج أن يكون كل منا يؤمن ويعمل من أجل النهضة بدون يأس أو ملل , كما أننا لسنا في حاجة إلي أن يعدنا الرئيس القادم بالجنة بل نحتاج أن نفهم ما يجب أن نقوم به , وكيف نعيش وكيف نحدث النهضة ودور كل واحد فيها , وكيف يوفر لكل واحد منا تعليما محترما بعد أن أصبحنا في ذيل الأمم وكيف نتلقي علاجا بطريقة كريمة وفرصا للعمل للشباب بدلا من أن يرمي نفسه في مراكب الموت ويوفر لنا سكنا مناسبا فكل هذه الأمور متطلبات حياتية ضرورية , كما أن كل واحد فينا لابد أن يثور لنفسه أولا وينهض بنفسه لتنهض مصر بنا فالعلاقة متكاملة بين الرئيس والشعب . محمد السيد أحمد مرشد سياحي سأل : هل يمكن أن يقاد الجيش خلال الفترة القادمة بعد أن كان يقود المرحلة الانتقالية؟ وهنا أجاب الدكتور محمود عمارة : لن نستطيع في هذه المرحلة نسيان قوة الجيش المصري في الوضع السياسي الحالي , ولنا في النموذج التركي عبرة لأن الرئيس لابد أن يأتي بمشروع نهضة يجمع كافة القوي حوله , و لا يمكن القول إن الرئيس القادم يستطيع أن يطوع كافة سبل ووسائل القوات المسلحة في طوعه لأنها قوة كبيرة وليس من السهل التعامل معها بمنطق الند , وبالتالي لابد أن نبني دولة قوية وبعدها نتحدث عن إخضاع كل المؤسسات الاقتصادية التابعة للمؤسسة العسكرية , فالموضوع معقد جدا ولا بد أن يتم التفاوض ما بين الرئيس ومنظومة الجيش والوصول إلي حلول وسط , وعلي الدولة أن تسترضي الجيش , وأكبر ما كان يواجه حسني مبارك شخصيا هو الجيش , كما أنه ليس كل ما نتمناه ندركه , ولكن يمكن التعامل مع الأمر بطريقة الحصول علي أقصي ما يمكن من خلال البدء بمشروع نهضة قوي يمكن من خلاله تطويع كافة المؤسسات الكبري والكيانات في الدولة , ولابد أن نعتمد علي تجربة تصفير المشاكل الداخلية والخارجية حتي يمكن أن ننهض فالمعاداة والهجوم غير المبرر علي الآخرين لن يصل بنا إلا إلي طريق مسدود فنحن نتحدث عن قوة والقوة تأتي من خلال مشروع النهضة . الدكتور أحمد عبد الحميد القص الأستاذ بكلية الآداب جامعة الإسكندرية سأل : هل يكون لقانون العزل تأثيره في مرحلة ما بعد الانتخابات؟ فأجابت الشوباشي : طبعا , لأن قانون العزل الهدف الأساسي منه تقويض وتحجيم وتصغير دور مصر , حتي نكون ولاية في دولة الخلافة , وحتي نعتبر اليوم أن الدكتور أحمد الطيب من الفلول ونريد أن نعزله وننتخب فضيلة شيخ الأزهر إذن نحن أمام من يستهدف هدم ركيزة من ركائز الدور المصري فرجل الأزهر الأول كيف يأتي بالانتخاب ؟ وكيف نتحمل من يقول لا يهم جنسية شيخ الأزهر مادام مسلما؟ ! فنحن لابد أن نحافظ علي الدور والهوية المصرية وبالتالي قانون العزل غير سليم علي الإطلاق وغير منصف والهدف منه تقزيم دور مصر , وهناك خطة للعمل علي هذا الهدف ليس فقط في قانون العزل ولكن في أمور عديدة أخري . عبد الرحمن مؤمن ليسانس دارالعلوم : كيف ترين الإخوان بعد دخولهم الحياة السياسية ؟ أجابت الدكتورة فريدة الشوباشي : نحن جربنا الإخوان في انتخابات مجلس الشعب من خلال انتخابات حرة ولكنها كانت غير نزيهة لأنهم تعاملوا بمنطق الحزب الوطني بإعطاء كرتونة زيت وسكر وأرز للمنتخب بالإضافة إلي أنهم يتحدثون باسم ربنا يبقي الإخوان أسوأ من الحزب الوطني . إبراهيم نبيل عبد الحميد طالب بكلية الحقوق : وما هي التحديات الحقيقية لهذه المرحلة؟ التحدي الأول هو الإنسان المصري , وهذا حله أن نطبق التجربة الماليزية باستخدام معسكرات لمن هم في سن العمل لمده 6 أشهر وتعليمهم الانضباط وحرفة ولغة أما التحدي الثاني فهو محاربة منظومة التشريعات الفاسدة التي أنتجت الفقر والتخلف والفساد الذي نحن عليه لابد من إعادة النور إليها مرة أخري وعلينا معالجتها وان نتخلي عن تعقيداتها التحدي الثالث أن يكون لدينا مشاريع نهضوية وتنموية بها تسبق الدولة المجتمع وتقوده لأن المجتمع في مصر يسبق الدولة وهذا خطأ , فعلي الدولة أن تسبق المجتمع وتجعله يلحق بها وأن يكون لدينا توحد علي هدف أو عدة أهداف قومية , فنحن علي أعتاب مرحلة تنتظر منا التقدم , وإلا فلن يرحمنا التاريخ أبدا , ولابد أن نستفيد ونستغل حاجة الرئيس إلي الخبراء وأنهم أيقنوا الدرس أن العنجهية والتمسك بالرأي والإصرار علي الخطأ لن يؤدي إلا إلي طريق واحد يعرفونه جيدا , فلابد أن نستثمر حالة المرونة لدي رئيس مابعد الثورة .