وسط ظروف مادية صعبة عاشت السيدة بركة بين أب يساومها علي ضرورة أن تعمل معه في مهنة ( النقاشة ) وبين ألا تكمل دراستها فاختارت الحل الأول لعشقها للتعليم ، وعلي مدي رحلة كفاح استمرت 40 عاما حصلت علي بكالوريوس الهندسة وأصبح لديها محل للبويات وابنتها تعمل مضيفة طيران .. بقية الحكاية في هذا الحوار . اذا تحدثنا عن حياتك .. فمن أين نبدأ؟ من غرفة السطح التي كنت أعيش بها مع أهلي كنا نأكل عيش حاف وننام نحلم بطبق من الطعام مما نشاهده في تليفزيون الجيران وكان أبي رحمه الله يعمل نقاشا بأجرة يومية بسيطة لاتكفي احتياجاتنا أنا وأشقائي السبعة وأمي , ورغم ظروفنا المادية لكن امي صممت ان نكمل تعليمنا حتي الابتدائية علي الاقل . وبعد المرحلة الابتدائية ماذا حدث؟ كنت لا أعرف أن أبي فكر بذكاء في أمري وهو ما اكتشفته فيما بعد فقد قرر ألا يعطيني مصروفا يوميا إلا في حال عملي تحت يديه كنقاشة واضطررت تحت وطأة الظروف إلي أن أعمل بالفعل ومسكت بالفرشاة وبدأت يدي تخط علي الجدران وأنا مازلت طفلة .. كان ذلك منذ 40 عاما تقريبا ! وكم كانت يوميتك؟ في البداية 4 جنيهات يوميا واستطعت أن أدخر مصروفي لكي أستطيع تكملة تعليمي فيما بعد أصبح لي اسم حلو في ( الكار ) وبدأت أنطلق وحدي في عالم النقاشة حتي انتهيت من دراستي في كلية الهندسة . وهل وانت طالبة في الهندسة كنت تعملين نقاشة ايضا؟ نعم وما العيب في ذلك وللعلم كان زملائي وزميلاتي في الجامعة كلهم يعرفون ذلك ولم أخجل يوما مادامت مهنة شريفة وليست حراما وليس هذا فقط بل ووصل الأمر لدرجة ان أهلهم كانوا يطلبونني لكي أعمل في بيوتهم كنقاشة وكانوا ينادونني بالاسطي بركة !! منذ صغرك وانت تعيشين في عالم من الرجال متي تشعرين بأنوثتك؟ لم أنس يوما أني أنثي فبعد العمل اخرج مع صديقاتي وزوجي كما ان طريقة لبسي لا تمت للرجال بصلة فرجولتي في شخصيتي فقط واحب بصفة عامة أن أعيش أنوثتي بالطريقة التي أحبها فأنا أعشق الأنثي القوية ! وزوجك هل يوافق علي عملك؟ عملي هو سبب تعارفنا وكان ذلك أثناء تواجده في المحل الذي أملكه لشراء بعض الدهانات فلفت نظره وتقدم لخطبتي ولم يتضايق يوما بل يفتخر بي . وماذا عن أولادك؟ لدي بنت تعمل مضيفة طيران وابني لايزال طالبا في الجامعة يدرس إدارة الأعمال ولم يعترضا علي عملي لكنهما رفضا العمل معي ! لماذا؟ هما يريدان ان يعتمدا علي نفسيهما لكني علي يقين ان فلوس الوظيفة القليلة لن تكفي إحتياجاتهما وذات يوم سيلجآن لمهنتي .