يأتي إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بتشغيل ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي إضافي في إطار نشاط إيران لتخصيب اليورانيوم، وأمره ببناء أربعة مفاعلات أبحاث جديدة، في إطار التصعيد الإيراني ضد الغرب، والتأكيد على تمسك طهران بحقها في إمتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية. وكانت إيران تمتلك حوالي ستة آلاف آلة طرد تعمل، وأضيف إليها ثلاثة آلاف، لتصبح حاليا تسعة آلاف آلة طرد مركزي. كما افتتح أحمدي نجاد مشروعين آخرين في محطة ناتنز بوسط البلاد، حيث ستتمكن المحطة من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% كما تستخدم نوعا جديدا من أجهزة الطرد المركزي التي لديها القدرة على التخصيب بسرعة أعلى من النماذج السابقة. وأكد خبراء في الشأن النووي أن ما أعلنته إيران من الوصول إلى تخصيب بنسبة 20% يعني أنها أنجزت 90% من الجهد العلمي المطلوب للوصول إلى نسبة تخصيب كافية لإنتاج يورانيوم يصلح لإنتاج قنبلة نووية، لكن هؤلاء الخبراء أشاروا أيضا إلى أن إنتاج القنبلة يتطلب توفر مكونات أخرى- حسب تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط-.. أما ثالث الشواهد والاعتبارات السياسية..هو تأكيد جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي أن بلاده لن تدعم تبني المزيد من العقوبات ضد إيران.. اضافة إلي تلك التي فرضها مجلس الأمن الدولي علي طهران جراء رفضها تجميد برنامجها النووي. ويكتسب هذا التصريح الروسي أهمية كبيرة لأنه جاء علي هامش زيارة جينادي جاتيلوف إلي إسرائيل مؤخرا، ولأن المسؤول الروسي ربط في تصريحه بين ضرورة مناقشة التسوية الدبلوماسية السياسية وايجاد سبل لانطلاق مسيرة المفاوصات بين سداسية الوسطاء الدوليين وايران.. وبين إمكانية توقيع أي عقوبات إضافية على إيران. رابع الشواهد والاعتبارات السياسية..أن هذا الإعلان الإيراني الجديد جاء على خلفية الرسالة التي نقلها السلطان قابوس سلطان عمان إلى أعلي المستويات في الحكومة الإيرانية، بناء علي طلب المساعدة الذي قدمته واشنطن لسلطنة عمان، حول النتائج الوخيمة التي يمكن أن تترتب علي إغلاق مضيق هرمز. وأكد السلطان قابوس في المقابل سعي إيران الجاد للخروج من العقوبات التي تقودها الولاياتالمتحدة بشأن برنامجها النووي، وأنها تحث واشنطن علي استئناف الحوار معها حول مجموعة من القضايا وليس فقط البرنامج النووي. ولا شك أن هذا الإعلان الإيراني قد أثار مخاوف وقلق الدول الغربية، إذ اعتبرت الخارجية الفرنسية إن إعلان طهران إنتاج قضبان وقود نووي، يشكل مصدر قلق إضافي للمجتمع الدولي.. وأن البرنامج النووي الإيراني "يشكل اليوم أحد أكثر مصادر التهديد للسلام ليس في المنطقة فحسب، بل وللسلام في العالم". كما أن إيران تحاول توصيل رسالة لدول الخليج في هذه الأزمة بدلا من مواجهة الفاعل الأصلي وتمارس ضغوطا قوية علي السعودية لمنعها من زيادة حجم المعروض من البترول في الأسواق لتعويض النقص المتوقع في الأسواق بسبب القيود المفروضة علي تصدير البترول الإيراني، وتعتبر ذلك عملا غير ودي يعطيها الحق في غلق مضيق هرمز في وجه البترول العربي. فضلاً عن ذلك تسعى إيران إلى خلق أجواء من القلق لدى العالم للتغطية على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي أعاد مسألة البرنامج النووي الإيراني إلى الأجندة الدولية مرة أخرى، بعد أن هيمنت عليها وقائع وأحداث ثورات الربيع العربي، والأزمة المالية الطاحنة في منطقة اليورو، فضلاً عن تبعات الانسحاب الأمريكي من العراق. ختام القول /أن إيران ترغب دائما عند بداية أي محادثات نووية مع الغرب أن تنطلق من مصدر قوة، إذ سلمت طهران خطابا إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بشأن استعدادها لاستئناف المحادثات النووية مع القوى الكبرى لمناقشة برنامجها النووي المتنازع عليه في المستقبل القريب.