يعشق المغامرة ، ولا يرضي بغير التحدي بديلا ؛ لذا اختار أن يكون واحدا من فرسان الراليات ، ونجح في أن يسجل اسمه بحروف من نور في سجل الأوائل .. كأول متسابق مصري يشترك في رالي داكار الدولي .. إنه كابتن طارق العريان ، قائد فريق «رحالة» الذي حصد المركز الأول في رالي «تحدي صحراء مصر 2011». العريان .. فتح خزائن أسراره عن مشاركته في رالي داكار ، الذي ضم 475 فريقا منها «رحالة» ،ومر السباق هذا العام بثلاث دول مختلفة بدءاَ من بيرو ، مرورا بتشيلي ثم الأرجنتين ثم العودة لتشيلي مرة أخري في النهاية، وبلغ طول السباق 8800 كم . كنت فخورا أني بمثل مصر وخاصة أنها المرة الأولي التي يشارك فيها فريق مصري برالي داكار ويُرفع علم مصر هناك، غير أني كنت متوقعا أننا سنري حاجات غريبة عنا لانعرفها في سباق الراليات لكني سعدت جدا حينما وجدت الفارق التقني بيننا وبينهم بسيطا جدا ، علي عكس الفجوة المادية كدعم الشركات الذي مازال كبيرا جدا جدا، فأنا أتذكر زمان حينما كنا ننظر للفرق الأجنبية وسيارتهم كنا نندهش من التقدم التقني لديهم، وحينما ذهبنا لداكار 2013 وجدنا فرقا كبيرة وقوية ولكن والحمد لله لم نشاهد فريقا متقدما علينا تقنيا بصورة كبيرة، وفي أول أيام السباق كان عدد المشجعين كبيرا، لدرجة تخيف المتسابقين حيث نزل الشارع لمتابعة الرالي مليون و200 ألف مشجع فأصبنا بالذهول، والعدد الكبير ناتج عن ثقافة المشجعين هناك واهتمامهم بالسيارات كما كان للشركات دور كبير في الدعاية للرالي وحشد مثل هذا العدد لمتابعته، والجمهور هناك يتميز بالبساطة والمحبة وحسن الاستقبال، حيث كان هناك 53 جنسية مختلفة تشارك في السباق ومع ذلك الكل كان يرحب بك مهما تكن جنسيتك، بالعكس وجدنا إقبالا من الجمهور علي الفريق المصري ومعرفتهم بمصر وبرالي الفراعنة والذي له شهرة كبيرة هناك بين محبي سباقات السيارات كما قابلنا الكثير من الفرق التي شاركت سابقا في رالي الفراعنة بمصر. طبعا كنا ندرك مدي صعوبة الرالي من قبل السفر، ولذلك قمنا بالاستعداد جيدا قبل السفر بتوفير مترجم وتجهيز كافة أوراقنا والفحوصات الفنية والطبية، كنا مستعدين تماما ولكن المفاجأة والتي واجهتنا وهي تعتبر أبرز عقبة في مشوارنا في الرالي كانت في عطل وحدة التحكم أو كمبيوتر الموتور الخاص بسيارة الفريق حيث أعطي إشارة خطأ للسيلندر الثالث فوصل له ديزل كثير أكثر من المعدل الطبيعي مما أدي لارتفاع رهيب في درجة الحرارة ، وبالتإلي إلي ذوبان «سيستم السيلندر» المرتبط بالموتور، بسبب درجة الحرق الأعلي من الدرجة الطبيعية القابلة للاحتمال، وهذه كانت غلطة كهربائية من غرفة التحكم بموتور السيارة، وهذه المشكلة كانت خارجة عن سيطرتنا ومن المستحيل أن نكتشفها قبل السباق، فخرجنا من المرحلة الثانية للسباق ونحن كفريق رحالة بذلنا أقصي ما في وسعنا ولكنها أمور خارجة عن سيطرتنا ونتمني التعويض في السباقات القادمة، وبعد هذا الحادث كنا في البداية مكتئبين تماما لمدة يومين، ثم بدأنا نفكر بشكل إيجابي بأننا أول فريق مصري يشارك في رالي داكار ويرفع علم مصر هناك، فقد كانت سيارتنا بالسباق يغطي نصفها العلم المصري ، كما أننا شاركنا السباق مع أقوي فرق في العالم وأسماء مشهورة في سباقات السيارات ، قوية تقنيا وماديا، فقررنا الاستفادة من وجودنا هناك بالتعرف علي الكثير من الفرق وتعلمنا منهم أشياء كثيرة تقنيا ومعلومات عن السباق وكيف يواجهون العقبات التي تواجههم وكيف يتعاملون مع المواقف الطارئة مما عاد علينا بفائدة كبيرة جدا ، ستنفعنا في المشاركات القادمة لنا في الراليات إن شاء الله بالإضافة إلي أنها خبرة شخصية لنا في مجال عملنا كمتسابقين. أهم شئ كان يجب الاستعداد له هو القدرة النفسية علي الاحتمال في سباق صعب جدا وشاق جدا ؛ نظرا للصعوبات والمخاطر التي ستواجهها، ويجب تجهيز نفسيتك وعقلك لاحتمال كل هذا الضغط وعدم التسليم أو اليأس خصوصا مع الفترات الطويلة التي ستبقي مستيقظا فيها دون راحة، ومع تركيزك الشديد في كل مايدور حولك واستعدادك الذهني لمواجهة أي مشكلة أو ظرف طارئ، فالتجهيز النفسي المكثف قبل السفر أعطانا القدرة علي احتمال الصعوبات و المواقف التي تواجهنا، كل هذا بالإضافة إلي تمرينات اللياقة البدنية التي نحافظ عليها باستمرار قبل السفر وطوال العام لتجهيز الجسد لمواجهة أي مشقة في الطريق لتعطينا قوة تحمل لكافة الظروف المحيطة بنا أثناء السباق. مصر لديها إمكانيات وظروف طبيعية قوية لتحقيق هذه الانجازات، ولكن ينقصها هدوء الأجواء والظروف السياسية قليلا؛ لتتمكن الشركات من التقاط أنفاسها وترتيب أوراقها وتبدأ في عمل الدعاية للفرق المصرية التي تتمتع بميزة قوية وهي تحقيق أكبر الإنجازات بأقل التكاليف المادية، فلو نظرت لدول مثل روسيا أو قطر او كازاخستان في كيفية وكم دعمهم المادي والمعنوي لفرقهم المشاركة في السباقات ستجد هناك فرقا كبيرا بينك وبينهم، وستشعر بالفخر أنك وصلت لمثل هذه المرحلة دون الدعم القوي الذي يتمتعون به هل تري أن الدعم الحكومي أم الشركات الخاصة .. الأكثر قدرة علي مساعدتكم لتحقيق إنجازات؟ أتمني وجود دعم إعلامي من الحكومة وتسليط الضوء علي مجهوداتنا وعلي انجازاتنا كفرق مصرية، بينما الدعم المادي أري انه من الأفضل أن يكون من الشركات الخاصة خلال الفترة القادمة، لأنه في ظل هذه الظروف توجد لدي الحكومة أولويات يجب أن تدعمها ، فأنا شخصيا أرفض أن تعطينا الحكومة دعما ماديا ومازال هناك ناس في العشوائيات يحتاجونها أكثر منا، بالعكس أؤيد أن تذهب هذه الأموال لمن يحتاجها أكثر منا حاليا وفي ظل هذه الظروف الصعبة علي جميع الأصعدة. احك لنا عن الرالي، الأجواء، الصعوبات، الظروف المناخية والطبيعية ؟ الظروف هناك شبيهة جدا بمصر، وأبرز الفروق بيننا وبينهم كانت في كثافة المياه الموجودة في الشوارع، حيث إن المياه منتشرة هناك بغزارة نظرا لكثافة الأمطار مما يجعل الطريق ممتلئة بالطين نظرا لوجود الرمال والأتربة مع الماء، كما أن التراب الخفيف موجود بغزارة هناك ، فيساعد في تكوين بحيرات طينية مما يضيف إثارة ومتعة للسباق هناك، كما أن وجود بعض المناطق الترابية مع السرعة العالية للسيارات المتسابقة يجعل خلفك نحو مسافة كيلو متر من الشبورة الترابية، كما أن درجة الحرارة هناك متقاربة جدا مع مصر حيث درجات العالية خاصة في شهر أغسطس، الاختلاف الواضح كان في التشجيع، حيث المشجعين هناك يتمتعون بروح غير عادية، وفي بعض مراحل السباق كان البوليس يضطر لدفع الناس بعيدا عن مجري السباق، وحتي طريقة التشجيع نفسها تشعرك بالفخر لمشاركتك في مثل هذا السباق نظرا للروح والحماسة العالية التي يشجعون بها وحتي بعد خروجنا من السباق يشجعونك ويطلبون التصوير معك ويحيونك علي مشاركتك في مثل هذا الحدث. هل من الممكن إعداد سائقين محترفين من الآن وتأهيلهم للمشاركة في رالي 2020 مثلا كمشروع رياضي قومي تتبناه الدولة؟ حاليا نحن نعمل في مدرسة الرالي علي تجهيز مثل هؤلاء السائقين وإعدادهم بشكل احترافي، تحت مظلة نادي السيارات، أنا وزملائي،عبد الحميد أبو يوسف، وأحمد السرجاني وحليم ابو سيف، وأبويوسف هو من بدأ مدرسة الرالي ثم استلمتها من بعده وحاليا نعمل جميعا كمتطوعين، وهذا العام لدينا 22 متدربا في المدرسة، ونقوم بتعليمهم معني الرالي وننقل لهم خبراتنا، وكل عام نختار افضل 2 او 3 متدربين ليكملوا في هذا المجال وافضل مثل هو كابتن عمر أمين الذي اشترك في سباق «تحدي الصحراء» العام الماضي، ونقوم بتعليم كل من هو اكبر من 18عاما ويملك رخصة ولديه سيارة 4x4 خاصة به، ويوفر لنا نادي السيارات المكان، إذن لدينا إمكانية عمل مثل هذا المشروع القومي ، لكن عدم الاهتمام بمثل هذه الرياضات في مصر والعقبة المادية هما أبرز العوائق علي الرغم من وجود مساحة صحراء كبيرة في مصر تساعد علي التدرب واقامة مثل هذا المشروع، وان قررت الحكومة ان تمد يدها لنا في أي وقت فنحن جاهزون وبدون مقابل، والدليل نشاطنا بمدرسة الرالي. سباقات السيارات رياضة ليس لها شعبية في مصر، ما الذي ينقصها لتصبح مثل كرة القدم بالنسبة للجمهور؟ المشكلة أن الإمكانيات والدعم سواء كان ماديا او إعلاميا حكوميا أو خاصا موجه نحو كرة القدم، وذلك علي الرغم من وجود أبطال مصريين في رياضات أخري مثل الاسكواش والتنس والشيش وغيره ولكن لا يوجه لهم أي اهتمام أو دعم حكومي أو خاص يقارن بالدعم الموجه لكرة القدم، وأنا لا أختلف مع كرة القدم فهي الرياضة الأولي في العالم كله، ولكني أعيب علي الفجوة الرهيبة بين كرة القدم ومايليها من رياضات في القائمة، ففي الأرجنتين كمثال بلد مارادونا رياضة كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولي ولكن يليها رياضة السيارات وكذلك المانيا، بينما هنا في مصر فالرياضة الأولي والأخيرة هي كرة قدم، وإذا جمعت ميزانية اتحادات الرياضات المختلفة كلها دون كرة القدم ستجد ميزانية رياضة كرة القدم أكبر منهم، في الدول المتقدمة يكون الفارق بسيطا بين كرة القدم واللعبة التي تليها، وأتمني ان يكون هناك اهتمام مادي ومعنوي وإعلامي من الجهات الحكومية والجهات الخاصة للرياضات الأخري بجانب كرة القدم، حينها سيتم تحقيق انجازات والقاب كثيرة جدا في مختلف الرياضات لصالح مصر. الخطوة القادمة لطارق العريان بعد رجوعه من داكار؟ في 2013 هناك مفاجآت قوية للجمهور مع راعي الفريق «تويوتا» من منتصف العام سنتابعها سويا وستكون علي مستوي قومي يشمل الجمهورية بأكملها وستساعد في نهضة البلد بأكملها وإحداث فارق. ما طموحاتك للعام الحالي ؟ اتمني ان نحرز مركزا متقدما في بطولة العالم من خلال رالي الفراعنة، بالإضافة إلي الراليات المحلية في بطولة الجمهورية مثل تحدي الرمال وتحدي الجبال وكأس مصر وهو اول سباق سيُقام وكل هذه السباقات حدد بطل الجمهورية للعام الحالي وحاليا مواعيدهم ليست مستقرة نظرا للأحداث الجارية والظروف السياسية.