انها قصة قصيرة.. لكنها مثيرة.. سواء في قدوم أحمد أحمد إلي الكاف أو في اللقطة الأخيرة بفرنسا حيث الاستجواب وأقاويل عن فساد محتمل لم يثبت حتي الان. قبل عامين لم يكن أحد من العاملين بمنظومة كرة القدم الأفريقية يتوقع أن يتم الاطاحة برئيسه السابق عيسي حياتو الذي جلس علي عرش الكاف ما يقرب من ثلاثين عاما حتي بات لقب الرئيس مرتبطا ارتباطا وثيقا باسم »حياتو» ولن يأتي احد ويزيحه من علي كرسيه. جاءت الانتخابات الأخيرة عام 2017 لتغير هذه الحقائق عندما ظهر شخص قادم من مدغشقر هو أحمد أحمد يقول » انه الوحيد القادر علي ان يقف في وجه حياتو».. وفي مفاجأة كبيرة نجح هذا الرجل في تحقيق ما لم يتوقعه احد وفاز برئاسة الكاف بفارق 14 صوتا عن »الكهل» حياتو. وفي اول ظهور له كرئيس للاتحاد الأفريقي الجديد اكد انه جاء ليطهر الكاف من الفساد وتحدث بكل قوة عن التطوير والامانة والشفافية وتغيير النظام الذي عفا عليه الزمن. والحقيقة أن قصة حياتو في الكاف كانت طويلة ومليئة بالاثارة والكواليس التي كشف عن بعضها مؤخرا وما خفي كان أعظم خصوصا وأنه كان يتلاعب بكل الاوراق وبات مثل »الثعبان».. وعندما جاء أحمد أحمد تخيله البعض أنه يملك عصا موسي وسيأكل ثعابين حياتو ويطهر القارة السمراء من الفساد ولكن الحلم لم يتحقق والشخص القادم من مدغشقر كاد ان ينهي قصته القصيرة مع الزعامة الأفريقية سريعا ويتم الاطاحة به من عرش الكاف. فبعد تولي أحمد أحمد مقاليد الحكم علي الكرة الأفريقية تفاءل كل المرتبطين باللعبة بالعصر الجديد الذي يدعو له احمد.. مؤكدين ان خبراته وعلاقاته قادرة علي صناعة الفارق وتحويل دفة الكرة الأفريقية إلي الأمام.. ولم لا فالسيد أحمد أحمد يبلغ من العمر 57 عاما ولديه خبرات كثيرة لما شغله خلال سنوات عمره حيث شغل منصب رئيس اتحاد مدغشقر لكرة القدم كما شغل منصب هام في بلده وهو منصب نائب رئيس مجلس النواب، كما شغل منصب وزير الصيد في مدغشقر بالإضافة إلي انه يتمتع بقدرات ادارية متميزة.. وحصل علي تأييد مجلس »كوسافا» والذي يتكون من 14 اتحادا، وخلال فترة الانتخابات لقبته بعض وسائل الإعلام الأفريقية ب»الزعيم» نظرا للتأييد الذي لاقاه من عدة دول في انتخاباته ضد »حياتو»، حيث حظي بتأييد فيليب تشيانجوا أهم الشخصيات الرياضية بزيمبابوي ورئيس اتحاد الكرة هناك، ورئيس اتحاد كوسافا. ولكن رغم كل هذا لم يكن احمد بهذا القدر من النقاء الذي توقعه البعض فالشخص الذي يتميز بشخصيته القوية، ومعروف بطبعه الكتوم مع مرور الأيام بدأت تلاحقه تهم بالفساد. وبعد عام واحد مرعلي انتخاب أحمد أحمد وشائعات الفساد صارت تلاحقه دون اثبات وكانت اقواها فضيحة فساد الكرة الأفريقية التي طالت نحو 100 حكم ومسؤول في دول عدة وتم إصدار قرارات بالشطب بحق العديد من قضاة الملاعب إلي جانب فضائح التحكيم الأفريقي التي توالت وراء بعضها البعض حيث بات التحكيم في القارة السمراء يعاني ضعف المستوي بشكل عام خصوصا في السنوات الأخيرة، وهو ما ظهر جليا في نهائي دوري أبطال أفريقيا هذا العام ومع بداية 2018 طفت علي السطح اتهامات عدة وباتت تتردد بقوة في كل اروقة الكاف بعد ان قام عمرو فهمي الأمين العام السابق للاتحاد الإفريقي بتوجيه تهم الفساد في وجه رئيس الكاف أحمد أحمد ومن هنا كانت بداية اشتعال الفتيل داخل الكاف. ولم تقف الاتهامات وملفات الفساد داخل اروقة الكاف وحسب بل وصل الامر ان ملفات الفساد وصلت إلي جهات اعلامية كبري نشرت تلك المستندات وفضحت ما يدور في كواليس الاتحاد الأفريقي.. وكان أهم هذه التقارير الملف الذي نشره الموقع المتخصص في هذه القضايا Inside World Football»»، وكشف هو الآخر جزءا من مستندات حصل عليها تتعلق بفساد مستتر بأروقة الكاف تطال الرئيس نفسه. ونشرت وكالة »رويترز» خلال شهر أبريل الماضي تقريرًا حول تهم الفساد التي تحيط رئيس الكاف، حيث أشارت إلي قضية شركة الملابس الرياضية بالاضافة إلي أنه أنفق 470 ألف دولار علي أربع سيارات خلال العامين الماضيين، واكدت ان احمد انتهك القوانين لزيادة التمثيل المغربي داخل الاتحاد الأفريقي. ولم يقف الأمر عند التورط في الفساد المالي والاداري فقط فنشرت صحيفة »نيويورك تايمز» الأمريكية تقريرا صحفيا ضخما هز ارجاء كرة القدم العالمية وليست الأفريقية فقط تناولت فيه أبرز وقائع التحرش الجنسي في كرة القدم العالمية، وعلي رأسهم كان تورط أحمد أحمد رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في عدد من الفضائح..وكانت الاتهامات الموجهة لرئيس الاتحاد الأفريقي بالتحرش الجنسي هي الأولي لأحد رؤساء الاتحادات القارية لكرة القدم. وجاء الاتهام الأكثر وضوحًا له من قبل مريم دياكيتيه مسؤول العلاقات العامة بالاتحاد المالي لكرة القدم، والتي قالت إنها طردت من عملها، بسبب رفضها محاولات أحمد أحمد بالتقرب منها، وعلمت عقب إرسال شكواها للاتحاد الدولي، أن أربع سيدات أخريات اتهمن أحمد بالتحرش. ووصف أحمد تلك الاتهامات ب »الكاذبة» معتبرًا أنها لأهداف شخصية. كل هذه الأمور دفعت إلي أن يكون »التوتر» هو الشئ السائد داخل الكاف والذي لا يستطيع احد ان ينكره من صغيره حتي كبيره لان كل هذه التداعيات اذا طالت احد ستأكل الأخضر واليابس ولن ترحم احدا. وبالفعل»جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن الكاف» ومنذ يومين فوجئ الجميع بخبرعلي كل وكالات الانباء العالمية بانه تم إلقاء القبض علي رئيس الاتحاد الأفريقي داخل أحد فنادق العاصمة الفرنسية باريس، من قبل المكتب المركزي لمكافحة الفساد والجرائم المالية، وذلك علي ضوء العقد الذي تم فسخه من جانب الاتحاد مع الشركة المصنعة للمعدات الرياضية الخاصة بالكاف. وخضع أحمد أحمد إلي الاستجواب أمام السلطات السويسرية قرابة ال 10 ساعات وتم إطلاق سراحه مع إلزامه بالخضوع إلي التحقيقات في أي وقت يتم استدعاؤه إضافة إلي اعتزام السلطات الفرنسية إرسال لجنة تفتيش إلي مقر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في القاهرة في إطار استكمال التحقيقات الجارية.. وحتي الان تضاربت المعلومات حول ما اذا كان محجوزا قيد الإقامة الجبرية فلا يستطيع مغادرة فرنسا أم حرا خاصة انه لم توجه إليه اتهامات واضحة.