قد لا يمتلك بعضهم مقومات الروائي المحترف، لكن ما قرأته واكتشفته في عدد من الأعمال أن مساحة الخيال فيها رائعة، طازجة، جديدة، غير محدودة. »الخيال».. كلمة أحبها، أشعر بجرسها الجميل في أذني، أحسها تنفذ إلي روحي. مجرد نطق الكلمة، رؤية حروفها، تضعني في حالة من التأمل والتفكير العميق في تلك الهبة، المنحة الآلهية التي وهبها الله للإنسان، كل إنسان علي هذه الأرض. أسمع أحيانا وصف »عديم الخيال» يذم به أحدهم شخصا آخر، فأتعجب، لو تابعت تصرفات الناس، وردود أفعال البشر في أي موقف مفاجئ يقابلونه في الحياة حتي لو كان بسيطا، يمكنك أن تري بوضوح أن تصرفاتهم التلقائية لا تخلو من الخيال، وسوف تدرك أنه ليس هناك إنسان بلا خيال. اعتقادي أن الله خلق البشر ليتفكروا في خلقه، ويحاولوا بخيالهم الوصول إلي غير المرئي، غير الملموس إلي المحسوس. هذا عن الخيال بصفة عامة، أما الخيال الذي يمنحه الله للفنانين، الموهوبين في أي فن من الفنون فهو مفتاح الإبداع، وروحه معا. الخيال هو الذي يجعل الأديب أو الرسام، أو الموسيقار يحول ورقة بيضاء صماء إلي أحداث، نراها بين السطور، وشخوص يتحركون فوق تلك المساحة المحدودة من الورق، يحبون، يكرهون، ينتقمون، يمكرون، يتآمرون، يقتلون، يسافرون، يموتون، ويولدون. يأخذوننا معهم إلي بلاد لم نرها، ويجعلوننا نري ونسمع بشرا آخرين، نعيش حكايتهم، ونتفاعل معها كما لو كانوا جزءا منا! بشر من صنعهم، قد يكونون مختلفين عنا في الثقافة واللغة، العادات والتقاليد والمفاهيم. ما هذا الإعجاز! كيف يحدث؟ من أين يأتي الأديب، الرسام، الموسيقار بهذه الحياة؟ كيف يخلقها ويحركها فتتحرك معها مشاعرنا، وأفكارنا، وتتشكل رؤيتنا للحياة؟ إنه الخيال يا أصدقائي، الخيال الذي يهب الله منه لهؤلاء أضعاف ما يهبه لغيرهم من بني البشر، ليعمروا الأرض بفنونهم، يصنعون خبز الروح، ويروون ظمأ البشر للمعرفة، الأدب والفن يفعلان ذلك، من خلالهما نقترب من ذواتنا بعمق، ونفهم أنفسنا أكثر، ونصبح أكثر قدرة علي التسامح مع البشر. إبداع 7 الأحد: للعام الثالث علي التوالي أتشرف بالتحكيم في مسابقة »إبداع» التي تقيمها وزارة الشباب والرياضة منذ سبع سنوات، أتولي التحكيم في فرع الرواية مع اثنين من القامات الرفيعة في مجالي الأدب والنقد الأدبي هما الأديب ابراهيم عبد المجيد والناقد الأدبي الدكتور حسين حمودة. أسعدني جدا أن تصبح هذه المسابقة المهمة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي ابتداء من هذا العام، وبإشراف الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة. جهد كبير تقوم به الدكتورة أمل جمال الدين وكيل أول الوزارة وفريق العمل المسئول عن مراحل المسابقة المتعددة، حماس غير عادي للفكرة وإيمان قوي بالرسالة التي يقومون بها، وهذا يتجاوز الأداء الوظيفي النمطي البارد إلي أداء مختلف، ليصنع حالة من العمل والحركة النابضة بالحب، الراغبة في انجاح هذا العمل البناء الموجه لشباب من طلبة الجامعات الحكومية والخاصة في كل محافظات مصر. مسابقة »إبداع» تتضمن فروع كثيرة منها الرواية، القصة القصيرة، السيناريو، شعر الفصحي،الشعر العامي، المسرح، الفنون الشعبية، التقديم الإذاعي، التقديم التليفزيوني، وغيرها من أنواع الإبداع علي اتساعه. يدخل نطاق الفكرة الرائعة لمسابقة »إبداع» هذا العام مسابقة موازية للموهوبين من الطلبة الأشقاء العرب حيث شارك في فرع الرواية سبعة أعمال من أربع دول عربية هي اليمن والسعودية وموريتانيا، ومصر. وهي بادرة مبشرة بعودة الريادة الثقافية والفنية لمصر ومد جسور التقارب الحقيقي بين الشعوب العربية عبر جسور القوة الناعمة التي طالما كانت هي الرابط الذي يجمع شعوبنا العربية من المحيط إلي الخليج. اتفقنا ثلاثتنا أعضاء لجنة التحكيم في فرع الرواية علي تسمية هذه الدورة في مسابقة إبداع فرع الرواية باسم الأديب القدير يحيي حقي، صاحب »قنديل أم هاشم»..»عطر الأحباب».. »البوسطجي» وغيرها من الأعمال الخالدة في الأدب العربي. شباب رائع جداً أدين لهذه المسابقة وهؤلاء الشباب الرائعين بذلك الكشف المهم، الذي عثرت عليه من خلال قراءة أعمالهم التي تقدموا بها إلي المسابقة، وكذلك أثناء اللقاء بهم في مرحلة التحكيم النهائية التي يشهد الحوار المباشر بين كل متسابق وصل إلي مرحلة التصفيات النهائية وبين لجنة التحكيم. هذا الشباب لديه خيال.. قد لا يمتلك بعضهم مقومات الروائي المحترف، لكن ما قرأته واكتشفته في عدد من الأعمال أن مساحة الخيال فيها رائعة، طازجة، جديدة، غير محدودة. رأيت في عدد منهم نبتة طيبة في حاجة إلي الرعاية الحقيقية، والشئ اللافت أنهم لا يجدون تلك الرعاية من أحد، لكنهم يشتغلون علي أنفسهم، والدليل أن هناك ثلاثة منهم يتقدمون كل عام بعمل روائي جديد. ما معني ذلك؟ الإصرار، والشغف الحقيقي بعالم الكتابة والأدب الذي يدفعهم للاستمرار. وجدت مع هؤلاء الشباب كيف يسعي الإنسان إلي حلمه ويتابعه دون أن يتحجج بعدم وجود فرصة، أو رعاية، فهناك شباب مصري من الطبقة المتوسطة يرعون أنفسهم بأنفسهم. من أهم الدروس المستفادة من مشاركتي في مسابقة »ابداع» أنها أعادت إلي الثقة في شباب مصر، لإنني شخصيا كنت قد فقدت الأمل في أن يكون لدينا شباب يقرأ، ويبحث في مراجع، ويتردد علي المكتبات لغير حاجة المقرر وأعمال السنة، كنت أعتقد أن »الإنترنت» قد التهم عقول الشباب ولم يترك لهم فرصة الحياة بين كنوز القراءة وبحار المعرفة الإنسانية الحية. هناك الكثيرون يبحثون في كتب التراث وهي كتب صعبة في قرائتها، وتحتاج صبر، ومع ذلك وجدت عددا منهم مهتمون جدا بالبحث في تلك الكتب، واستلهام روح التاريخ، ونفس الأساطير القديمة في كتب ألف ليلة وليلة وغيرها من دواوين »أبو نواس» و»الجاحظ» و»أبو العتاهية» و»ابن بطوطة». هؤلاء قرأوا للدكتور حسين فوزي وأحمد أمين. في الأخير أقول إنني سعيدة بمشاركتي في مسابقة »إبداع» وسعيدة بكل الشباب الذين قدموا أعمالهم حتي الذين اخطئوا في الإملاء أو النحو، أو كتبوا بطريقة»الفيسبوك»، يكفي أنهم كتبوا وحاولوا أن يعبروا عن أنفسهم وقضايا جيلهم. شابو»أبداع 7». قمة شرم العربية الأوروبية الإثنين: انتهت القمة العربية الأوروبية التي انعقدت في شرم الشيخ ببيان مشترك وقعه قادة 49 دولة عربية وأوروبية، احتلت جلسات القمة التي كانت مغلقة أمام الصحافة والإعلام في معظمها بؤرة الاهتمام الإعلامي علي مستوي العالم، كانت هي الحدث الأهم الذي تصدر مانشيتات الصحافة العالمية منذ صباح السبت 24 فبراير وحتي الآن، شارك في تغطية أحداثها أكثر من ألف صحفي عربي وأجنبي، بما يشير بوضوح إلي أن الحدث فرض نفسه علي الأجندة العالمية. شئ رائع ومشرف أن يكون تمثيل الدول علي أعلي مستوي، رؤساء وملوك، رؤساء وزارات، وزراء خارجية. وجود تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا، دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي والرئيس المشارك للقمة العربية الأوروبية، جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ومسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موجريني، وغيرهم من قادة الدول الأوروبية والعربية كان شيئا يدعو - فعلا- للفخر. انعقاد هذه القمة الأولي من نوعها، وخروجها بتلك القوة والحضور والتنظيم العالي خطوة مهمة وفارقة في علاقات مصر بدول العالم، وهي دليل قوي علي النجاح الملموس في توجهاتنا وسياساتنا الخارجية. ويؤكد وزن مصر في ميزان العلاقات الدولية. الإنجاز الأهم في هذه القمة هو ذلك الحوار المباشر بين العرب وأوروبا الذي يمد جسورا حقيقية من أجل مزيد من التفاهم والتعاون البناء لمواجهة القضايا الملحة وعلي رأسها الإرهاب، الهجرة غير الشرعية، حل الصراعات في ليبيا وسوريا، وإعادة القضية الفلسطينية علي قائمة أجندة أولويات قادة العالم. أوسكار »مالك» حأبدأ كلامي بقول »أهلا وسهلا»..»فرصة سعيدة».. و»منور».. »منور بيكم كلكم».. بهذه الجمل بدأ النجم رامي مالك حديثه باللغة العربية »المكسرة» وكأنه يريد أن يؤكد علي جذوره المصرية، الفرعونية. توقعت أن يفوز النجم المصري العالمي رامي مالك بجائزة أفضل ممثل عن فيلمه» بوهيميان رابسودي». لم يكن حماسي له من منطلق عاطفي باعتباره مصري الجذور، وابنا لأبوين مصريين مهاجرين إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ زمن طويل، بل لأنه فعلا يملك تلك الكاريزما، وذلك التفرد في الأداء المقنع، الذي يدخلك إلي أعماق الشخصية، تعيش صراعاتها الداخلية، وتتفاعل مع مفاجآت القدر التي تعترض طموحاتها، وتحول مصائرها. فوز رامي مالك أسعدني جدا كما أسعد الملايين من المصريين والعرب، شئ جميل أن يذكر في كلمته وهو يحمل تمثال الأوسكار لحظة فوزه، أنه توحد مع شخصية فريدي ميركوري، البريطاني، باكستاني الجذور، مؤسس ومطرب فرقة»كوين» الأمريكية. لأنه أيضا من ينتمي إلي ظروف قريبة من ظروفه فهو أمريكي مصري لأبوين هاجرا إلي أمريكا. لقد تألقت حروف اسم »مصر» في مناسبتين قويتين في أسبوع واحد. حاجة تفرح بجد. نادي الرجال السري أسعدني أن يطل علينا النجم كريم عبد العزيز في أحدث أفلامه »نادي الرجال السري» من نافذة الكوميديا. تلك النوعية من الأفلام التي تزيح طبقات الكآبة، والملل من قلوب الناس، وتخرج الضحكة من مكامنها الخطرة. كريم عبد العزيز وماجد الكدواني وغادة عادل وفؤاد بيومي ونسرين طافش وحمدي الميرغي وأحمد أمين وأكرم حسني بقيادة المخرج خالد الحلفاوي والمؤلف أيمن وطار منحونا ساعتين من الضحك المتواصل سخرية من أنفسنا. موضوع الفيلم عن الخيانة الزوجية من زاوية أحد طرفيها »الرجال» وهي تيمة من التيمات الأساسية في الدراما وتم تناولها في عشرات أو مئات الأفلام المصرية والعالمية، لكن المعالجة في »نادي الرجال السري» طازجة، حديثة تتعامل مع الإنترنت كإحدي أهم أدوات الخيانة في العصرالالكتروني الذي نعيشه، ورغم أن الفيلم صناعة رجالية إلا أنه ينتصر للمرأة بامتياز.