مشهد من فيلم »البدلة« عام سينمائي باهت، سيطر عليه طابع تجاري لم يفلت منه إلا »يوم الدين» لأبو بكر شوقي فقط ليحفظ وحده ماء وجه السينما المصرية و»تراب الماس» لمروان حامد إلا انه اهتم بالصورة والتكنيك علي حساب مضمون الفيلم المشتت، دون ذلك كانت الغلبة لأفلام المقاولات أو الأفلام ذات التوليفة الخاصة الموجهة لجمهور الأعياد، الظاهرة الأكثر وضوحا هذا العام كان التقليد الأعمي للسينما الامريكية مفتقدة إمكاناتها التقنية والبشرية لتبدو استنساخا فاشلا بلا مبرر سوي الإيرادات التي نجحت في حصدها بعض الأفلام،و لكن لأننا نحتكم للعشوائية في صناعة السينما كانت الإيرادات مجرد خدعة، فالفيلم الذي لا يحقق أكثر من ضعف ميزانية انتاجه علي الأقل لا يحقق منتجه ربحا حقيقيا لأن نصف الايرادات تذهب لدور العرض. اللافت للنظر أن السينما المصرية حققت هذا العام نفس إيرادات العام الماضي تقريبا (350 مليون جنيه) رغم تراجع الانتاج كما هذا العام بنسبة تتجاوز 20٪، (أنتجت 34 فيلما فقط مقابل 44 فيلما العام الماضي)، وهو بنسبة كبيرة يعود لزيادة قيمة تذكرة السينما في معظم دور العرض، إلا أن لهذا جانب إيجابي حيث يدل علي تمسك الجمهور المصري بالذهاب لدور العرض رغم زيادة الأعباء وإجراءات تقشفية فرضها إرتفاع الاسعار بشكل كبير بعد رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء. بالطبع استحوذت الأفلام التجارية علي معظم إيرادات السينما فاستأثرث خمسة افلام بثلثيها تقريبا، في المقدمة كان الفيلم الكوميدي » البدلة » لمحمد جمال العدل بطولة تامر حسني وأمينة خليل وحقق 63،4 مليون جنيها وهو أعلي رقم حققه فيلم مصري حتي الآن، يليه فيلم الأكشن »حرب كرموز» لبيتر ميمي حقق 57،6 مليون جنيها بطولة أمير كرارة ومحمود حميدة، وهو الفيلم الذي يضع كرارة في مصاف نجوم الشباك مفتولي العضلات، وفي المركز الثالث الفيلم الكوميدي »ليلة هنا وسرور» لحسين المنباوي 35 مليون جنيها بطولة محمد إمام وياسمين صبري، وفي المركز الرابع »تراب الماس» لمروان حامد بطولة آسر ياسين وماجد الكدواني ومنة شلبي محققا 31،4 مليون جنيها، وفي المركز الخامس فيلم » الديزل »لكريم السبكي بطولة محمد رمضان 23،6 وهو رقم لا يتناسب مع أجره وتكاليف انتاج الفيلم، وهو ما يحسم تراجع شعبية رمضان الذي تهاوت ايرادات افلامه منذ العام الماضي وهو من الظواهر الإيجابية هذا العام. »يوم الدين» الأفضل كان فيلم »يوم الدين» هو أفضل ما قدمت السينما المصرية خلال هذا العام، وهو تأليف مخرجه المصري الأسترالي أبو بكر شوقي وشارك في انتاجه عدة جهات منها زوجة المخرج المصرية الامريكية دينا إمام وعدة منح منها منحة من جامعة نيويورك وأخري من معهد ترايبكا وثالثة من مهرجان الجونة، والفيلم يلعب بطولته راضي جمال (بشاي) أحد نزلاء مستعمرة الجذام الذي تعافي من المرض، وهو فيلم يعري المجتمع المصري بشاعرية وعذوبة، عن المهمشين المنبوذين الذين ينتظرون يوم الدين علي أمل أن يجدوا العدالة التي افتقدوها في مجتمع تسوده القسوة يمارس عنصريته ضد ضعفائه حتي المرضي منهم، تدور احداثه من خلال رجل تعافي من مرض الجذام لكن بقيت أثاره علي وجهه يقرر الخروج من مستعمرة الجذام التي تركه علي بابها اهله وهو صبي صغير علي وعد بالعودة ليأخذونه بعد الشفاء، لكن الوعد لا يتحقق، فيقرر ترك المستعمرة ليبحث عن اهله في الصعيد ويجوب محافظات عديدة بحماره وصديقه الوحيد اوباما، ويجد اهله بعدما يفقد كل شئ في رحلته الشاقة الا انه يصدم بالواقع، فيقرر العودة للمستعمرة ليبقي مع نظرائه المنبوذين إلي يوم الدين. والفيلم هو الوحيد تقريبا الذي اهتم بقضية انسانية قدمها بواقعية قاسية مؤلمة وبتكنيك رائع، مخرج موهوب لم يشغل باله باستعراض العضلات وحسابات الشباك قدر همه بقضية انسانية شغلته منذ قدم فيلمه القصير »المستعمرة». 2018 بلا بصمة أنثوية كالعام الماضي غابت المرأة هذا العام عن الأفلام مخرجة ومؤلفة وممثلة أيضا !.. فلم تضم قائمة الافلام فيلما واحدا بتوقيع مخرجة ولم يكن هناك فيلم واحد لمؤلفة، والأكثر سوءا، لم يكن هناك حضور لافت لأي نجمة، علي غير المعتاد، فأي منهن كان لها أدوارا وعلامات في سنوات ماضية، لكن هذا العام غابت النجمات ولم يكن لهن حضور قوي واحتل النجوم بطولة الافلام والادوار المهمة والأكثر تأثيرا وحضورا.