مفكر يوصف دائما بأنه مثير للجدل.. يفضل قراءة الثوابت التاريخية بعين مختلفة.. يري أن تحرير العقل والنقد هما الثورة الحقيقية.. يحلم بجيل من الشباب قادر علي الابداع والادراك والفهم لحقيقة الامور.. انه المفكر الكبير يوسف زيدان صاحب العديد من الروايات والقصص والأعمال الأدبية.. »الأخبار» ذهبت إليه لتحاوره في أحداث الماضي ووقائع الحاضر وتنبؤات المستقبل.. تحدث في كل شئ.. تحدث عن القدس وصلاح الدين وريتشارد قلب الأسد والإسراء والمعراج وسيدنا إبراهيم وتحدث عن الالحاد والايمان وصفاته الشخصية وتحدث عن ترامب وحكمه ومفهوم الثورة الحقيقية.. والي نص الحوار . • لتكن البداية من رحلتك إلي العراق.. ماذا عن هذه الرحلة ؟ رحلة العراق كانت أصلا للمشاركة الثقافية في معرض أربيل للكتاب، وأربيل كما هو معروف هي عاصمة كردستان العراق الذي يمثل جزءا أساسيا من العراق الكبير بكل أطيافه ومكوناته وكان عندي أمل قديم أني أتجول في شارع الكتب في بغداد كنوع من الدعم النفسي للعراقيين لاني عندي قراء كثير في العراق، وحاولت بقدر جهدي أن اتم ذلك وتم فعلا، وفي أربيل قدمت فيها أكثر من محاضرة لرواد المعرض، وكان المعرض عامرا بالزوار وعليه إقبال كثير ولكن كان هناك يوم مخصص لبغداد وبالفعل حققت الأمنية القديمة بالتجوال في شارع الكتب في هذه العاصمة التي تعاني الكثير وقدمت هناك محاضرة كانت تحظي بحضور كبير جدا حتي أن كثيرين لم يستطيعوا دخول المبني الذي أقيمت فيه المحاضرة من شدة الزحام، وعلي عكس ما كان مثارا من قلق بسبب الأحوال الأمنية غير المستقرة في العراق، مر اليوم علي خير وحضر أناس من كل الاطياف العراقية سنة وشيعة وكان ما يهمني هو إبلاغ الرسالة التي عندي للعراقيين فقلت في كردستان في أربيل "حافظوا علي وحدة العراق" وقلت في بغداد "اخرجوا من التعصب المذهبي فانه يأكل الأخضر واليابس"، كان ذلك هو أهم خطاب ثقافي في العراق. الرواية الجديدة • حدثنا عن روايتك الجديدة التي صدرت منذ عدة ايام؟ - في الوقت الذي ثار فيه الصخب الاعلامي السخيف بسبب رأيي في صلاح الدين والحكام السفاحين وتحول الأمر إلي نوع من الهرج وكأن المجال قد أتيح لكل ناعق وزاعق، نشرت كتاباً فيه أدلة علي ما أقول أو ما يمكن تسميته مصوغات هذا الرأي ولكن دون جدوي يظل الذين يتصدون أو الذين يوهمون الناس أنهم يتصدرون لآرائي يكيلون الاتهامات المجانية والجزافية دون أي احترام لذاته أو الآخرين ويتجاهل في الوقت ذاته ما هو مكتوب ومدلل ووارد في المصادر الأساسية التي بنيت عليها وجهة نظري، المهم أنني أصلا قد سقت هذا الرأي في معرض الكلام عن ضرورة اهتمامنا بالمناطق المشرقة والشخصيات التي اسهمت في تاريخ الانسانية بدلا من هذا الاعجاب الوهمي والحماس الساذج للسفاحين الذين أثروا سلبا في تاريخنا، في هذه الفترة رأيت من المناسب طالما الناس لا تسمع أن أقدم ذلك الجانب المشرق في مقابل هذا الجانب العنيف والسلطوي والذي قتل فيه كل واحد منهم مئات الآلاف والملايين ثم نجعلهم أبطالا وهنا أري ان البطولة مشتقة من البطلان لأن صلاح الدين كان يؤسس لدولة لذاته وسرعان ما تنهار بموته وصراع أبنائه علي السلطة التي نهبها، المهم انني كنت أكتب مقالات أسبوعية في إحدي الجرائد فخطرت لي فكرة ان اكتب قصصا قصيرة عن العلامات المضيئة في تاريخنا مثل إبن الهيثم وابن سينا وابن النفيس وجابر بن حيان وابن الشاطر إلي آخره، وبدأت بابن سينا، وكانت مساحة المقالة المتاحة أسبوعيا نصف صفحة جورنال أي ما يقرب من 12 ورقة " فلوسكاب " وبدأت قصة ابن سينا وامتدت، وقلت سأجعل لكل شخصية مقالتين، ولكن في الأسبوع التالي وجدت ان الموضوع لا يزال ممتدا ويحتاج الي مزيد، فقلت لا بأس لتكن القصة القصيرة لي 3 مقالات، ونشرت بالفعل المقالات الثلاثة ولكن رأيت أن ابن سينا يستحق ان نتوقف عنده بشكل أكثر تقديرا لمكانته بشكل لائق خاصة انني في ذاك الوقت قرأت الرواية التي كتبها جليبرت سينويه وهو علي كل حال كاتب فرنسي وليس عربيا وكان لظروف شخصية ولد بالقاهرة وبقي فيها حتي سن ال 18 من عمره ثم رحل الي فرنسا واستهواه العزف الموسيقي ثم ذهب الي الكتابة عن التراث القديم فكتب بعض الروايات منها رواية "الطريق الي أصفهان" عن ابن سينا، ولا اكتمك القول انني في الصفحات الاولي من الرواية صدمت من الطريقة التي قدم بها الشيخ الرئيس ابن سينا فرأيت من الواجب علي أن أكتب ما أكتبه حتي أنني توقفت أيامها عن كتابة المقالات لأعطي كل الجهد للرواية التي أخذت وقتا طويلا علي غير المعتاد واستمرت كتابتها سنتين مع ان ابن سينا من أكثر الشخصيات المقربة إلي في التاريخ منذ بدء كتاباتي وأكاد أحفظ كتبه عن ظهر غيب وأشعر به قريبا في أوقاته وكتاباته وأعرف كيف كان هذا الرجل عبقريا وكيف عاني في زمانه فرأيت أن أكتب رواياتي عن ابن سينا وأن ابدأها من فردقان وهي القلعة التي حبس فيها ابن سينا لقرابة 120 يوما وكان ذلك بعد توليه الوزارة مرتين وعاش بعدها فترة من الزمن ولكن هذه اللحظة المحورية في حياته بدات بها الرواية من خلال استدعاء ذاكرته ومن خلال سرد الراوي قدمت لوحة حياة ابن سيناء كاملة، فهو حالة فريدة من الابداع الانساني ومواجهة الواقع غير المناسب للابداع وكان مخلصا لفكره ولعلمه وكتب في أصعب الظروف حتي أن بعض أعماله كتبها في هذه القلعة، فقصته الشهيرة "حي ابن يقظان " معروف تاريخيا أنها كتبت في هذا المعتقل وبشكل عام مزجت في الرواية ما بين الخيال الروائي والوقائع العلمية المعروفة عن ابن سينا بحيث يصعب أو يستحيل الفصل بينهما وكانت الغاية المثلي من ذلك أن اقدم نصا روائيا مختلفا عن الأعمال السابقة وأقدم ابن سينا باعتباره انسانا. صلاح الدين والقدس • دكتور يوسف.. هل مازلت عند رأيك بأن صلاح الدين الأيوبي من أحقر الشخصيات في التاريخ؟ رغم أن معظم منتقديك عابوا عليك استخدام صيغة غير علمية في هذا التشبيه؟ - نعم مازلت عند رأيي وهذا التعبير علمي جدا، فصلاح الدين يتنكر لكل من أحسنوا إليه ابتداء من السلطان نور الدين محمود حتي الخليفة الفاطمي الذي أعطاه لقب الناصر وبالمناسبة هو لقبه كاملا " الناصر للخليفة الفاطمي " ولكن تم ازاحة اللقب واكتفوا بالناصر صلاح الدين، ووصفي له وصف عادل لأنه دمر المكتبات وقتل ما يقرب من 800 ألف شخص وغزا الصعيد واليمن لتوسيع ملكه وغزا حتي المناطق الكردية مع أن الناس تظن أنه كردي وهو تركي الأصل ولكنه ولد في منطقة كردستان وذهب ليحتلها ولكنه فشل، فصلاح الدين شخص كرس منهج القوة الذي سيعبر عنه بعد ذلك قطز بأن الحكم لمن غلب فتصبح المسألة السياسية مسألة بلطجة، فهو تنكر لمن أحسن إليه مما أثر سلبا ل 500 سنة تالية لتاريخ هذا البلد "حيث حكم المماليك الذي استعان بهم ليحقق طموحاته التوسعية وقتلوا حفيده وأزالوا دولته وحكموا بعده لمدة 500 سنة تالية وكانت أوروبا في نفس الوقت تنتهج العصر الحديث وعصر العقل وعصر ديكارت ونحن هنا واقعون تحت سطوة المماليك الذين لن يتعلموا ولم يتثقفوا وليسوا بمصريين ثم نعبد هذا الرجل "صلاح الدين" لان فيلما سينمائيا قدم خرافات عنه ما أنزل الله بها من سلطان سواء عنه او ريتشارد قلب الأسد والذي هو الآخر شخص حقير بشهادة الانجليز، فلم تعرف انجلترا حاكما أحقر من ريتشارد هذا حتي أنه كان شاذا جنسيا ولم يدخل انجلترا بعد عودته وأول فعل فعله عندما وطأت قدمه الأرض العربية سأل هل لديكم أسري فقيل له 3 آلاف و700 مسلم أسير فأمر بقتلهم جميعا ذبحا في يوم واحد بسيوف غير حادة متسلسلين وكان ذلك في عكا.. كيف نصنع من هؤلاء أبطالا! هؤلاء حقراء، هذا كل ما في الأمر ومن يريدأن يرد علي هذا فلينظر الي الكتب والتاريخ الفعلي ويكف عن التهليل الاعلامي السخيف وينظر فيما كتب. هذا الرأي يدفعني الي سؤالك.. ما هو موقع صلاح الدين الأيوبي بين شخصيات تاريخية أخري بداية من تشين شي هوانج موحد الصين في 221 قبل الميلاد مرورا بيوليو قيصر واتيلا الهوني مرورا بتوماس دي توركيمادا كبير المحققين في محاكم التفتيش الاسبانية وماكسمليان روبسبير قائد الثورة الفرنسية وايفان الرهيب ونهاية بأدولف هتلر وجوزيف ستالين وبوش الأب والابن؟ - لا علاقة بين هؤلاء، هذه أسماء انت ذكرتها ولا يوجد رابط فيما بينها، مؤسسو الدول يستحقون الاحترام والتبجيل لأنهم أسسوا دولا وليس سلطة ذاتية أو عائلية أو شخصية، عندما نتحدث عن مينا موحد القطرين أو هذا الذي وحد الصين أو حتي جنكيز خان الذي وحد المغول ثم تجد في حياته حروبا وعنفا يكون ذلك مقرونا باخلاصه للفكرة التي تبقي من بعده، فالدولة المغولية استمرت بعد موت جنكيز خان ومصر استمرت بعد مينا أو نارمر وهكذا، هؤلاء يستحقون التقدير ولكن سفاكي الدماء لبناء مجد شخصي ينهار عقب وفاة الواحد منهم ولدينا منهم أمثلة كثيرة مثل محمود الغزنوي الذي قتل ما يقرب من 2 مليون شخص وعقب وفاته تصارع ولداه علي الحكم ومات عشرات الآلاف وما كاد الأمر يستتب لواحد منهما إلي أن جاء السلاجقة ودمروا دولتهم، نفس الشئ بالنسبة لصلاح الدين، فبدعوة نصرة السُنة وهي دعوة ممجوجة وموجودة في التاريخ وطالما لجأ إليها طلاب السلطة رفع شعاراً مذهبيا ليعطي حربه قداسة وهمية، فهذا الرجل اتسع وحّول المصريين والشباب إلي عبيد أرض واخد ناتج الاقتصاد العام ليشتري به مماليك يحاربون باسمه وما لبث فور وفاته تنازع من ورثوه باعتبارها ملكية خاصة وتقاتل عشرات الآلاف من المسلمين السنة وسرعان ما قتل بيبرس وقلاوون حفيده توران شاه بعد أيام قليلة من ولايته قتلة شنيعة ليبدأ عصر المماليك البحرية ثم المماليك البرجية ويستمر هذا الزمن الرديء ل 5 قرون حتي يأتي العثمانيون ويلتهموا البلاد دفعة واحدة، علينا ان ننظر إلي التاريخ بوعي وأن نعمل العقل في الأخبار كما قال ابن خلدون ولا نقبل التزييف لنؤسس وعيا عميقا بالواقع، فلابد أن نعي وعياً عميقا بالتاريخ، هذا هو منهجي. العهدة العمرية يري البعض أن صلاح الدين حقق نفس المطلب الذي تدعو إليه بوجود وضع خاص في القدس بحيث تكون ملك للجميع، وهكذا قال الشاعر اليهودي يهوذا الحيرازي الذي زار القدس وسجل مشاهداته عما حققه صلاح الدين من حرية للأديان في القدس وسجل ذلك في المقامة 28 من كتابه " تحكومني " وما ذكره جيمس ريستون في كتابه الشهير " مقاتلون في سبيل الله " بان صلاح الدين دخل القدس ووحدها بعد أن كانت مدينة للأشباح وأنشأ المعبد اليهودي والدير المسيحي إلي جانب تجديد المسجد الأقصي ؟ هذا الكلام كله كذب وغير صحيح تاريخيا، المسلمون تسلموا القدس من المسيحيين في زمن عمر بن الخطاب وكانت العهدة العمرية تنص بأن اليهود لا يسكنوا هذه المدينة وكان أسمها آنذاك إيليا أو إيلياء واستمر الحال علي ذلك حتي جاء الصليبيون وملكوا النواحي، وملك القدس كان اسقفا والناس لا تعرف أنه هزم صلاح الدين في معركة سابقة ولكن بعد حطين تصالح صلاح الدين علي القدس وأخذها صلحا وكان أول من أدخل اليهود فيها بعد زمن طويل من منع وجودهم لأنه كان يعتمد علي اليهود في حكمه لأنه لا يخشي منهم منافسه فمن الطبيعي ان يمتدح اليهود صلاح الدين، وسرعان ما أعاد ابن أخيه الكامل القدس الي الصليبيين عام 628 م، فالذي حرر القدس وجعلها مدينة مسلمة هو المنصور قلاوون وأبناؤه في حرب عادلة في الشام استطاع فيها ان يطرد الصليبيين من كل الأماكن وأن يسترد القدس حتي إعلان دولة إسرائيل مؤخرا وطول هذا التاريخ القدس عربية ومسلمة ليس بسبب صلاح الدين ولكن بسبب المنصور قلاوون الذي حكم بعده بقرابة 70 أو 80 عاما، التاريخ المغلوط الذي تم تدريسه في المناهج الابتدائية وتم ترويجه في الافلام السينمائية أدي إلي عدم وضوح الصورة في الأذهان وأصبح الناس يعانون من جهل فاضح ومن تعصب لشئ يجهلونه، ولا يفكرون حتي في اعادة النظر فيما كتب أنا كل ما أسعي اليه هو أن يفكر الناس وأن يعيدوا النظر في الأمور لأن الاوهام التي في أذهانهم تؤدي الي التشويش في الواقع، أنا لا أشوه رموزا تاريخية فمثلا محمد علي باشا، هذا الرجل ارتكب مذبحة معروفة لكن الناتج النهائي لفترة حكمه هو بناء دولة حديثة هذا أفهمه وحسابه الختامي جيد أما القتل وسفك البلاد من اجل مجد شخصي لأسرة غريبة أصولها من أواسط اسيا مثل المماليك فلا اعرفه فليقرأ الناس مثلا عن فرج ابن برقوق ليروا كم المهازل التي حدثت في هذا البلد، وما معني المماليك؟! أنا وإسرائيل اعلانكم عدم رفض أي دعوة من الجامعات الإسرائيلية أثار الغضب الشديد من جانب البعض، كيف تنظرون الي تلك القضية خاصة انكم من المؤيدين بقوة للشعب الفلسطيني؟ ولماذا وصفتم من رفضوا كلامك بالجهلة ؟ - لم أعلن هذا، وكان هناك لقاء تليفزيوني وقلت فيه أدعو المثقفين المصريين والعرب الي اعادة النظر فيما درجوا عليه من رفض التطبيع مع اسرائيل، وهذا موقف هزلي، لأن مصر واسرائيل بينهما تعاون في المجال السياسي والعسكري والأمني ولكن ذلك يتم بعيدا عن اشتراك المثقفين والمستنيرين وهذا يضعفنا ولا يقوينا، فقلت أن علينا أن نعيد النظر في ذلك مؤكدا انني لن اقوم بالتطبيع أو التعاون مع الجانب الاسرائيلي منفردا أبدا وسألني المذيع فان جاءتك دعوة فقلت، لن استقبلها، الدعوة ترسل إلي وزارة الخارجية المصرية واتحاد الكتاب فإن وجدا أن زيارتي هناك فيها مصلحة للبلاد سأذهب فأما أنا لست صاحب مصلحة في الأمر، واذا بالكلام يتم تزييفه في الصحف الهزيلة وفي المواقع الاخوانية ويوحي للناس انني أطالب بالتطبيع المنفرد مع اسرائيل وهذا موقف ليس هزليا وإنما رخيصا ثم يكيلوا الاتهامات بانني ماسوني وانني صهيوني وانني شيوعي شيعي أي اتهام يرد علي بال هؤلاء المعطوبين فكريا لينال من الرأي ويفوت علي الناس فرصة التأمل فيه، أنا كل ما أدعو إليه أن يعيد الناس التفكير في الأمور التي استقرت في الأذهان بشكل وهمي فأدت الي تدهور الواقع ولطالما أكدت ذلك في أكثر من مناسبة أنا عندي تساؤلات واسئلة واطروحات للمناقشة لكن يتم تزييف الكلام من أشخاص مغمورين والاعلام الرخيص والجرائد الهزيلة تغير وتضع مانشيتات كاذبة وعريضة تؤدي إلي تشويه ما أقوله للناس. الإلحاد والإيمان لكم عبارة تليفزيونية شهيرة وهي أن الالحاد سر بين العبد وربه مثل الدين.. هل وقعت في تجربة الإلحاد في إحدي مراحل حياتك وهل تجاوزتها.. والأهم من ذلك هل تري زيادة معدلات الإلحاد في أي مجتمع ظاهرة سلبية ؟ - أي انسان في فترة ما في حياته قد يمر بمشاعر إلحادية ثم يدخل في مراحل إيمانية، هذا شئ طبيعي من طبائع البشر، يعني إبراهيم أبو الانبياء قال " رب أرني كيف تحيي الموتي قال او لم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي " هذا يعني قلبه كان غير مطمئن، أنا لا شأن لي الآن وأنا أبني دولة في هذه الظروف الصعبة بمسائل الايمان والالحاد لنترك ذلك جانبا وننظر الي التعليم والصحة والحقوق المدنية والعمارة وفي إنشاء دولة، نحن لا نشتكي من نقص في التدين بل مبالغ فيه وصار بابا للرزق أو للتحالفات السياسية وهذه ليست عبارة تليفزيونية ولكنه رأيي كتبته في كتب وربما مقالات، وتبقي القضية في النهاية أن الإيمان والالحاد هذا سر وشئ داخلي بين الانسان وربه فما شاننا نحن نجعل كل قضايانا متعلقة بما يقول هؤلاء الملحدون الذين تصدروا في غفلة من الزمن لتوجيه الوعي العام فكانت النتيجة تدميره، والإلحاد والإيمان لا يشغلني علي الصعيد العام أنا يشغلني التخلف الحضاري وتدهور التعليم وضرورة إصلاحه، يشغلني الظروف السيئة التي تعاني منها المجتمعات أما مسالة الايمان والالحاد مسألة خارج نطاق الاهتمام ويجب أن تكون كذلك لأنها فردية ويصعب قياسها فالايمان والإلحاد ليس شيئا ماديا يمكن ان يقاس بالامتار او يوزن بالموازين هذه مسألة خاصة بالشخص. لكم رؤية حول تاريخ القدس ومكانتها الاسلامية والروحية ووصفتها بأنها تجارة سياسية بدأها عبد الملك بن مروان وأنكرت الاسراء والمعراج وقلت أنها قصة تم كتابتها في القرن الثالث الهجري هل مازلت عند رأيك أم ظهرت متغيرات جديدة ؟ - أولا أنا لم أنكر الاسراء، الاسراء ثابت في القرآن أما المعراج فلا أصل له، هذا اختراع تم تدوينه علي نسق المعراج في الديانة الزوفتدراشية القديمة والقرآن بنفسه يقول أن الرسول لم يعرج إلي السماء وعندما تحداه القراشيون بذلك قال ما كنت إلا بشرا رسولا، والمعراج لفظة خاطئة في اللغة فالمعراج اسم آلة فنحن نقول مثقاب محراث، معراج فهو اسمه عروج ولا يمكن أن يخطئ القران حتي في التسمية ولكن لانه قصة ألفت علي عجل، السورة هي سورة إسرائيل التي تعرف اليوم باسم سورة الاسراء تحكي "سبحان الذي أسري بعبده" ثم تقول "اتينا موسي بالبينات"، فالواضح عندي أن هذه القصة تتعلق بموسي النبي وليس سيدنا محمد ولكن التجارة السياسية عندما وجد الأمويون أن عبد الله بن الزبير قد استقل بمكة والمدينة وقبل أن يهزموه ويقتلوه ويستبيحوا المدينة ويهدموا الكعبة المشرفة مرتين بنوا قبة الصخرة لتكون مزارا يعوض الناس في الشام ومصر عن الكعبة، هذه هي لعبة واللعبة تتكرر كل يوم نحن كنا في ثورة لتغيير نسق الحكم في مصر بسبب رغبة مبارك في التوريث وبسبب الفساد فجأة ظهر ناس في الشوارع تنادي بالزحف الي القدس هي هي اللعبة.. القدس بقول واضح وجلي هي مدينة عربية تاريخها خلال 1400 سنة الماضية تاريخ عربي إسلامي وكانت قبل ذلك لمدة 6 قرون مدينة مسيحية وكان اسمها ايليا نسبة الي اليانوس الامبراطور وقبل ذلك ببضع مئات من السنين كانت مدينة يهودية اسمها اورشليم وتمدح بأنها بيت مقداش او بيت المقدس في اللغة العبرية، اذن هي مدينة تخص الديانات الثلاثة ويجب اخراجها من أي لعبة سياسية لذلك انتقدت ترامب بشدة عندما خرج بفتنته وتصريحه بضرورة نقل العاصمة الاسرائيلية الي القدس وقلت أنها لعبة سياسية حقيرة لأن هذا يبيع أي شئ بالمال أعطه مالا يعطيك أي شئ بلا شرف أو مبدأ. الخطاب الديني ما هي رؤيتك لما يتم من خطوات لتطوير الخطاب الديني ؟ وهل تري ان القضاء علي عثرات المجتمع من فقر وجهل ومرض وتحرير عقله هي الخطوة الاولي ؟.. باختصار هل يتم ذلك بقرار ام بارادة مجتمعية ؟ - انا أرفض دعوة تجديد الخطاب الديني من الأصل، ولا أجد لها ضرورة أو مبررا، مجتمعنا وصل الي مرحلة التشبع بمظاهر التدين علي اختلاف انماطه وهو اختلاف في الدرجة وليس في النوع، والرئيس السيسي يعرف رأيي هذا وتحدثنا فيه ذات مرة، نحن نحتاج تجديد التفكير النقدي والفكر الفلسفي والمنهج العلمي وتجديد الوعي بالتاريخ ولكن هذا الافراط في الكلام المكرر عن الدين والدين الوسطي أري أن هذا الطرح لن يفيد ورأينا نتائجه وهو ناس سجنت وناس أصبحت تبيع سمك في الاسواق "الشيخ ميزو" ومن صدرت ضده أحكام وتدخل الرئيس وألغاها كنا في غني عن ذلك كله. ذكرت بأنك قابلت الرئيس السيسي.. ماذا تم في المقابلة ؟ - قابلته عدة مرات وتحدثنا في أمور كثيرة تخص الشأن العام. لا يخفي عليك الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد.. :كيف تري هذه الاوضاع ؟ - الوضع الاقتصادي العام شئ والغلاء أحد مكونات هذا الشئ، الغلاء الحالي شر لابد منه بسبب سياسات اقتصادية فاشلة ومتخلفة وقيمة غير حقيقية للجنيه، أصبح عليك أن تواجه ذلك بعسر يعاني منه معظم الناس، ولكن هناك مشكلات أخطر من الغلاء وهي الديون الداخلية والخارجية اذا لم تنجح السياسات العامة لمصر في دعم اقتصادي حقيقي وليس معونات من باب اكتشافات بترولية أو حقول غاز أو زيادة انتاج فمن الطبع سنواجه مأزقا شديدا في سنوات مقبلة ولكن في مقابل هذا هناك انتظام في حركة المجتمع وقبل 5 سنوات كانت الاحوال مزرية تماما ولا يستطيع الناس الذهاب الي وظائفهم وكان الاخوان يقتلون الناس عشوائيا في الشارع وخلف بيتي هذا ألقي الاخوان بالاطفال من فوق الأسطح، أما الان تمت محاصرة أولئك الأوصياء علي العقل العام عبر اللحي الطويلة والملابس القديمة وطرح قضايا من نوع متي تتزوج البنت في سن التاسعة ام في الحادية عشرة من عمرها وكل هذا الهرج الذي يعكس أمراض نفسية لهؤلاء الشيوخ ولا يعكس اهتماما بالواقع الفعلي في بلد يعاني من العنوسة، هذا خبل عام حوصر ذلك وهذا من الأمور الايجابية. وما هو في رأيك التغيير الذي يحتاجه المجتمع؟ - التغيير أو الثورة التي أدعو إليها منذ سنوات وسأدعو إليها في السنوات المقبلة هي الثورة الفكرية هي ثورة إعادة بناء المفاهيم العامة لتكوين وعي حقيقي وإدراك عميق بالواقع والتاريخ ومن ثم استشراف المستقبل،الثورة عندي ليست خروج الناس الي الشوارع أو نشطاء يزعقون في وسائل التواصل، الثورة والتغيير يتم في الدماغ لازاحة الافكار البالية المتخلفة وزرع التفكير النقدي والمنهج العلمي في الاذهان. الثورة فعل واستنارة واثارة اسئلة كبري واعادة النظر في الثوابت هذا هو مفهوم الثورة وليس الصخب في الشوارع وفتح الباب لكل زاعق وناعق وصاحب غرض. وكيف تري الاخوان حاليا؟ - تلك أمة قد خلت ولا عودة لها وأنا قلت هذا في لقاء مع عماد أديب في برنامج بهدوء عقب إزاحة مرسي وقلت بالحرف الواحد الاخوان لن تقوم لهم قائمة في مصر مرة أخري، ولازلت عند رأيي.