هي بلد الانبياء يعقوب ويوسف وهارون وعيسي وتزوج منها إبراهيم ومحمد.. عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام.. أراد عمر بن الخطاب أن يعرف المزيد عن مصر بعد أن فتحها عمرو بن العاص فكتب إليه يقول: إن ارضك واسعة رفيعة وقد اعطي الله أهلها جلداً وقوة في بر وبحر وعالجتها الفراعنة وعملوا فيها محلاً محكماً فاكتب لي بصفة أهل مصر والسلام فكتب إليه عمرو: أن ارض مصر تربة سوداء وشجرة خضراء بين جبل أغبر ورمل أعفر وكأنها بين جبلها ورملها بطن اقب (عالية) ذو ظهر أجب (أحدب) بهانهر مبارك يسيل بالذهب علي الزيادة والنقصان كمجاري الشمس والقمر.. وقد وصف بعض الحكماء مصر فقال: ثلاثة أشهر لؤلؤة بيضاء وثلاثة اشهر مسكة سوداء وثلاثة اشهر زمردة خضراء وثلاثة اشهر سبيكة ذهب حمراء والمعني أنها تتألق في الفصول الاربعة وتتلون بين الشتاء والصيف والربيع والخريف.. وكيف لا ونيلها عجب وأرضها ذهب وهي لمن غلب ونهرها النيل من سادات الانهار وأشرف البحار لانه يخرج من الجنة (يا حسرة علي ما فعلنا به حتي كاد أن يصبح مصرفا لأوساخنا).. وقد كان المصري القديم في عصر الفراعنة يقسم أنه لم يلوث النهر حتي يحصل علي رضا الملوك ولم يتحدث القرآن الكريم عن بلد بعد مكةوالمدينة وبيت المقدس.. إلا عن مصر أو خزائن الأرض. وعنها قال أبو ذر الغفاري: مصر أطيب الارضين تراباً وروي عن ابن عباس ان كعب الأحبار سأل رجلاً يريد السفر إلي مصر فقال له هات لي تراباً من سفح جبل المقطم.. وقد قالوا إن عيسي ابن مريم عليه السلام مر بسفح المقطم وعليه جبة صوف وأمه إلي جانبه. فالتفت إليها وقال: يا أم هذه مقبرة أمة محمد.. فهل تعلم أيها المصري أن هذا الجبل أخذ اسمه من المقطم بن مصر بن حام بن نوح عليه السلام. هي بلد الانبياء يعقوب ويوسف وهارون وعيسي وتزوج منها إبراهيم ومحمد.. عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام.. ودخلها الصحابة: »الزبير بن العوام والمنذر بن الاسود وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء وأبو ذر الغفاري وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص وولده عبدالله وعمار بن ياسر وخالد بن الوليد ومن العلماء الامام الشافعي والليث بن سعد وعبد الرحمن بن وهب وأحمد بن محمد الطحاوي وبها سكن مئات الأولياء والأدباء ومن الحكماء فيثاغورث. وإعاثيمون وهرمس الحكيم وسقراط وبطاليموس وقد جاءت إلي البلاد غزوات الهكسوس والاشوريين والفرس والمقدونيين والرومان والأكراد والمماليك والترك فالفرنسيين والأرنؤط.. ثم الانجليز.. وفي كل مرة تأخذ من المحتل ما تريد وليس ما يريد هو.. بل أكثر من ذلك تعطيه من عندها وتسحره وتسلب عقله.. حتي اصبحت مقبرة الغزاة.. ومعجزة: هذا الشعب ليست في الحضارة التي وهبتها للعالم فحسب انما في أن يظل الشعب حياً متمكن الشخصية لا يفني في غزاته ومستغليه كما يقول الأديب والمفكر الكبير حسين فوزي.. لأنه شعب زارع بناء صانع.. سواء حكمه محب للعلم ذواقة للفن أو فارس مغامر.. هو الشعب الذي يفرض الحضارة علي حكامه فرضا. وأغلب من جاء إلي مصر غازياً مستعمراً عبر العصور خرج منها وهو يقول: جئنا ندق أبواب هذه البلاد بالرماح والسيوف والمدافع.. وخرج أهلها للمقاومة دفاعاً عن أنفسهم فلما اقتربنا منهم واختلطنا بهم ادركنا انهم الأمة الوحيدة علي ظهر الارض التي تفخر بأن سلاحها الاقوي دائماً وابداً البناء في مواجهة الهدم.. والتعمير مقابل التدمير. فاحذروا يا أهل الطمع في مصر.. أنها من الممكن أن تغفو وتبدو متكاسلة مستكينة.. فإذا بالطامع يزداد طمعه.. حتي يكتشف انها هبت وشبت وكشرت عن أنيابها.. وآه ومننومتها وألف آه وآه وآه من يقظتها وغضبتها!! هذه هي مصر.. فمن انتم؟! »المشهد التالي» بعد أشهر قليلة: من اسلام عمير وقد ذاق حلاوة الايمان في قلبه.. دخل الي رسول الله صلي الله عليه وسلم في مجلسه قائلا: - يارسول الله أني كنت جاهدا علي اطفاء نور الله شديد الأذي لمن كان علي دين الاسلام واني أحب ان تأذن لي فأذهب الي مكة فأدعوهم الي الله تعالي ورسوله والي الاسلام لعل الله يهديهم وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم. وأذن له الرسول صلي الله عليه وسلم وبارك له فكرته ودعا له بالسداد. »المشهد الثالث» صفوان بن أمية.. يقف علي مشارف مكة يسأل كل القادمين من المدينةالمنورة: - ألم يحدث في المدينة أمر؟! وكان ينتظر بفارغ الصبر أن يحقق له عمير ما وعده بقتل النبي صلي الله عليه وسلم.. وظل علي حاله هذا حتي استبد به اليأس.. الي أن لقي احد المسافرين فسأله سؤاله المكرر وكان جواب الرجل: - بل حدث أمر عظيم لقد اسلم عمير بن وهب!! وكاد أن يسقط مغشيا عليه ودارت به الأرض ومادت. »المشهد الرابع» يظل حديد البصر.. محكم التقدير.. رجل الاستطلاع الماهر الذي كانت ترسله قريش الي المدينة لكي يستطلع أمر جيش الاسلام قبل موقعة بدر. لكنه في هذا المشهد جاء الي مكة بقلب جديد ووجه جديد.. يشهر سيف الحق في وجه الباطل.. يتطلع الي البلد الذي غادره والغل يجري في شرايينه مجري الدم.. وها هو يعود والنور يشع من كيانه.. ولما اجتمع بعضهم حوله صاح فيهم: - والله لا أدع مكانا جلست فيه بالكفر الا جلست فيه بالايمان.. وكأنه يعود بهذا المشهد الي يوم اسلام الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن أعز الله به الاسلام. المشهد الخامس قل إن الهدي هدي الله.. والحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله هكذا كان عمير يردد وهو يقود قافلة الإيمان وهو يخرج بها من مكة لكي يتجه بها المدينة بعد أن وفقه الله في سعيه ومسعاه.. ورغم العدد الكبير الذي أفلح في الدخول به الي رحاب الله ورسوله الا ان تفكيره كان يدور حول صفوان!! »المشهد السادس» أصبح صفوان يمشي كالأعمي.. لا يدري إلي أين تأخذه خطاه وقد أحاط به اليأس مبلغه وهو يري السحر ينقلب علي الساحر والمكر يرتد الي أهله بدلا من أن يطفئ عمير شمعة الاسلام بقتل نبيه ومصطفاه صلي الله عليه وسلم وسلم.. تتسع دائرة الضوء.. وقرر أن يتجه الي البحر.. لعله يستقر في أعماقه منتحرا ويتخلص من هذا الوسواس الذي يفتك به وينخر في عظامه. »المشهد السابع» - يانبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه قد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فهل تأمنه صلي الله عليك. هكذا قال عمير للنبي محمد صلي الله عليه وسلم فكان جوابه: - هو آمن.. وأعطاه عمامته لكي تكون دليلا وبرهانا علي بشري الرسول الي صفوان. »المشهد الأخير» عند البحر.. يلحق به عمير وينادي عليه صارخاً: - ياصفوان فداك ابي وأمي.. الله الله في نفسك ان تهلكها هذا أمان رسول الله قد جئتك به!! قال صفوان غاضباً: أغرب عني لاتكلمني! نظر اليه عمير مستعيداً صلة القرابة والعشرة: وقال بصوت صادق ومضيء: - فداك أبي وأمي.. ان رسول الله صلي الله عليه وسلم أفضل الناس وأبر الناس واحلم الناس وخير الناس.. عزه عزك.. وشرفه شرفك ونجح عمير ان يعود بصفوان الي رسول الله ولكنه طلب ان يمنحه مهلة لمدة شهرين قبل ان يدخل الاسلام فكان له من الرسول أربعة أشهر فلا أكراه في الدين حتي دخل الي الاسلام راضيا مرضيا بكامل قناعته وحريته وأمانه. فهل تصدق اذا قلت لك بعد ذلك ان الشيطان لم يكتف باشهار اسلامه.. بل نجح في إدخال المئات الي الاسلام.. ولكني أحدثك عن »شيطان قريش».. وليس شيطان الجن ابليس لعنه الله الي يوم الدين.. فهو المطرود من رحمة ربه ورضوانه الي أبد الأبدين. فايزة أبوالنجا.. بدون مناسبة! .. ان تحب وطنك هذا هو الأمر الطبيعي لكل عاقل ورشيد.. لكن ان يحبك وطنك.. هذه درجة لا يبلغها سوي قلة.. خاصة اذا كانت في موقع المسئولية.. ومنهجها أن تعمل من أجل البلد.. وليس من أجل النظام.. فاذا تغيرت الانظمة.. وتبدلت.. احتفظ هذا النوع من القيادات باحترام الجميع عبر كل عصر.. ومن هذه النوعية الاستاذة »فايزة ابوالنجا».. سيرة علمية وسياسية ووطنية ودولية فوق المستوي وكيف لا.. وهي البورسعيدية الأصيلة.. التي تقلدت من المناصب المحلية والدولية ما لم تبلغه غيرها من سيداتنا الفاضلات. قالوا هي »صندوق الاسرار». وقالوا أنها »سيدة القدرات الخارقة».. وأنا أقول بأنها »قاهرة المعونة والاذلال الامريكي» يشهد لها استاذها بطرس غالي الكبير شهادات يمكن أن تشغل جدران المتحف المصري.. ويكفي أن منصب مستشار الأمن القومي المصري ظل شاغراً لمدة 41 سنة حتي ناداها.. وكعادتها لاتشعر بها وهي تعمل صامتة.. ولكنك تري نتائج شغلها واضحة وبارزة ومؤثرة.. أليست هي التي همست الي مبارك في وقت ما: فلتذهب معونات الامريكان الي الجحيم لان كرامتنا أغلي.. وقال لها صدقت.. ألم تكن هي التي تصدت للجمعيات والمنظمات والمؤسسات المشبوهة التي تتسرب إليها أموال الخارج المشبوهة لكي تعبث في مقدسات الوطن وأمنه واسراره. اسألوا عنها أفريقيا.. بل اسألوا عنها أمريكا التي تعمل لاسمها ألف حساب. وشخصية من هذا النوع لها وضعها الدولي كان من السهل عليها في وقت من الاوقات خاصة بعد رحيل مبارك ونظامه وقد كانت في فريقه.. كان من السهل أن تلاغي أي مؤسسة دولية وتضع مصلحتها الخاصة فوق كل اعتبار وتحمل حقائبها وتجري.. وكم من مسئول يستثمر منصبه المحلي للوصول الي موقع دولي حتي لو جاء ذلك علي حساب بلده.. فهو يلوي ذراع الامور يحلل حرامها.. ويحرم حلالها حتي يصل الي ما يريد.. والنظام الدولي يقف خلفه ويرعاه وبذلك يكون قد باع بلده واشتري منصبه.. لكن امراة »الشال» وسيدة الأفعال والمواقف التي لايقدر عليها سوي أخلص وأشجع الرجال.. هذه السيدة اشترت الوطن فاشتراها.. ووضعها رمزا علي كتفه وفي قلبه.. مثل »شالها».. لانها »شالت» عنه الكثير في صمت الفرسان والنبلاء. فايزة أبوالنجا بدون مناسبة.. لانها في حد ذاتها »مناسبة» جدا في كل وقت وكل مكان.