طرابلس تحت رحمة السلاح يبدو أن الأوضاع لا تهدأ أبداً في ليبيا.. فمع هدوء الحال في الشرق الليبي، وتمكن قوات المشير خليفة حفتر من بسط نفوذها علي المدن الكبري الشرقية، اندلعت المعارك مرة أخري وبصورة أكثر ضراوة في الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس في أقصي الغرب الليبي، وهو ما يوحي بتطورها لتشمل العاصمة ذاتها، وليعود الوضع لما كان عليه في العام 2014 بين المجموعات المسلحة من أجل السيطرة علي العاصمة، وفيما عُرف وقتها ب"عملية فجر ليبيا". في الاشتباكات الدائرة منذ نحو أسبوع، وتزداد ضراوة كل يوم استخدمت كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وانتقلت في الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس، ومن بيت لبيت وشارع لشارع، وأدت لسقوط العديد من القتلي والجرحي، وهو ما اضطر عددا كبيرا من السكان لمغادرة تلك المناطق لمناطق أخري، خوفاً من تطورات الأحداث التي ألحقت العديد من الأضرار بالمنازل والمحال التجارية والمنشآت العامة نتيجة لسقوط القذائف بطريقة عشوائية. وحسب وكالة الأنباء الليبية.. فإن الأحداث تدور بين كلٍ من كتيبة ثوار طرابلس والكتيبة 301 والأمن المركزي وكتيبة دبابات أبوسليم من جهة، وبين اللواء السابع مشاة وما يُعرف محلياً في طرابلس باسم "الكانيات" وهي كتائب وألوية محسوبة عسكرياً وسياسياً علي مدينة ترهونة.. من جهة أخري. والجديد هذه المرة.. أن كلا الطرفين هما حليفان رئيسيان لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس برئاسة فايز السراج وداعمان رئيسيان لاتفاق الصخيرات الذي أبرم في المغرب والذي أنهي عملياً الصراع العسكري في طرابلس وما حولها.. وهو الأمر الذي يوحي بانتهاء شهر العسل بين تلك الفصائل المسلحة، وينذر بتجدد الاشتباكات فيما بينها مرة أخري وبصورة أكثر ضراوة عما ذي قبل. وبعثة الأممالمتحدة في ليبيا حذرت بدورها من تزايد تلك الاشتباكات خاصة مع تزايد نفوذ المجموعات المسلحة والأعمال العدائية والخطاب العدائي فيما بينها، وهو ما قد ينذر بحدوث مواجهات مسلحة أكثر عنفاً،.. وهو ما دعا المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة إلي عقد اجتماعات مكثفة مع رئيس الأركان بحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وآمر منطقة طرابلس العسكرية وآمر المنطقة الجنوبية العسكرية الغربية وآمر المنطقة الوسطي العسكرية والجهات الأمنية لبحث الأوضاع هناك.وبالفعل تم التوصل لاتفاق بوقف إطلاق النار، إلا أن الاشتباكات تجددت مرة أخري وبصورة أوسع نطاقاً. وبصورة أوضح أصدر السفراء والقائمون بالأعمال في سفارات فرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية في طرابلس بياناً دعوا فيه لوقف الاقتتال بين حلفاء الأمس وفرقاء اليوم والداعمين لحكومة الوفاق الوطني.. وإلي الميلشيات العسكرية بوجه خاص التي تقوض سلام ليبيا وأمنها واستقرارها وأنها ستخضع للمساءلة القانونية لا محالة خاصة أنها تعرِّض مئات الآلاف من المدنيين للخطر. وتخشي الأطراف في طرابلس من تجدد تلك الاشتباكات علي نطاق واسع لوسط طرابلس.. خاصة بعد عمليات التحشيد العسكري التي تجري بين طرفي الاشتباكات، وبعد توافد مسلحين للطرفين من مناطق أخري باتجاه العاصمة. مجلس النواب الليبي في طرابلس، أصدر بدوره بياناً علي لسان عدد من نوابه، دعا فيه إلي إعادة هيكلة السلطة التنفيذية بحيث تكون مشكلة من مجلس رئاسي برئيس ونائبين ورئيس حكومة يعمل علي تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تنال الثقة من مجلس النواب، وهو الأمر الذي سبق للمجلس أن أقره في نوفمبر من العام الماضي ولم يتم تنفيذه حتي الآن. وحسب بوابة أفريقيا الليبية فإن مثل تلك الاشتباكات ستستمر وبصورة أكثر ضراوة نظراً لانتشار السلاح في يد الميلشيات والجماعات المسلحة التي بدأت منذ العام 2011 وتزادد كل يوم خاصة في العاصمة طرابلس والمدن المحيطة بها إضافة لضعف اتفاق الصخيزات الذي تم توقيعه في المغرب، وهو اتفاق هش أدي لوجود مجلس رئاسي في الغرب الليبي ضعيف للغاية، وإلي تدهور الأوضاع الأمنية واعتماد الحكومة هناك المعروفة بحكومة الوفاق الوطني علي أمراء حرب وميلشيات موجهة وتتبع لجماعات ذات خلفيات سياسية متنوعة، تتقاتل كلها علي تورتة العاصمة الليبية. وهو الأمر الذي يعرقل نزع سلاح تلك الجماعات وتوحيد البلاد شرقاً وغرباً وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية لكل ليبيا.. والذي يستوجب بالضرورة بالمقام الأول إعادة بناء الجيش والشرطة المحترفة وإعادة تأسيس مؤسسات الدولة المدنية بدءاً من العاصمة طرابلس وامتداداً من الغرب إلي الشرق حيث تسيطر قوات المشير خليفة حفتر علي الشرق الليبي.. وهو حلم يتمني كل الليبيين تحقيقه، ولكن يصعب ذلك حالياً مع تزايد حمل السلاح وعمليات القتل وإطلاق النيران العشوائي في كل أرجاء التراب الليبي.