د. حسن عماد مكاوي تعد مواقع التواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت بيئة خصبة لنشر الشائعات والأخبار الكاذبة، وقد صاحب انتشار هذه الظاهرة التراجع الملحوظ في أداء وسائل الإعلام التقليدية، حيث نلاحظ العزوف الواضح في معدلات القراءة والاستماع والمشاهدة خاصة من جانب فئة الشباب. وحيث إن حاجة البشر إلي المعرفة هي حاجة طبيعية ترتبط بحب الاستطلاع الغريزي في الشعور بالأمان ومعرفة كل مستجدات البيئة الداخلية والخارجية، والقابلية لتصديق الأخبار المثيرة دون التيقن من صدق المعلومات، وانخفاض الوعي الاجتماعي والسياسي، وزيادة أوقات الفراغ التي يمكن شغلها بالنميمة. ومن المعروف أن الشائعات عبارة عن معلومات مغلوطة والتي تفتقر للأدلة وتنتشر في غياب واضح من الإثبات والبرهان، وفي ظل تلك الظروف يصبح الخط الفاصل بين المعلومة الصادقة والمعلومة الكاذبة غير واضح، وتكتسب الشائعات قوتها من خلال التكرار والانتشار الاجتماعي الواسع. وسبق أن أشرنا إلي أن أهم عوامل انتشار الشائعات هوغياب المعلومات أوحجبها عن قصد وتأخر تدفقها من المصادر الرسمية أو الموثوقة، وبالتالي يلجأ الأفراد إلي المعلومات المتاحة حتي لوكانت مجهولة المصدر أو غير صحيحة. ونظراً للحاجة الملحة لمجابهة سيل الشائعات المتدفق عبر مواقع التواصل الاجتماعي علي شبكة الإنترنت، أفرزت التكنولوجيا الجديدة بعض الآليات لتحجيم تلك الظاهرة وفرز الأخبار الصادقة من الشائعات المغرضة، وتكون بمثابة مرجعية للتحقق من صدق المعلومات المتداولة الكتروني، ومن بين تلك الآليات موقع » سنوبس دوت كوم» وهو موقع عالمي يختص بالتحري عن صدقية الأخبار والتصدي للشائعات وتصحيح المعلومات المغلوطة، ويقوم هذا الموقع بتقسيم الشائعات وفقآ لنوع المحتوي: سياسي، اقتصادي، غذائي، صور كاذبة وتعني وجود صورة حقيقية بالفعل ولكنها مرتبطة بقصة غير حقيقية أو موضوعة في سياق مغاير لحقيقتها، ويعتمد هذا الموقع علي بعض »الروابط» التي ترصد التناقض والازدواجية في المعلومات وغير ذلك من فلترة المعلومات للكشف عن صدقها من عدمه، ويمكن لأجهزة الدولة أوالجماعات الوطنية برابط يختص بالرد علي الشائعات وتوضيح حقائق الموضوعات المثارة وتحذير الأشخاص الذين ينشرون الشائعات بغير وعي من زيف الخبر الذي يتداولونه، وعن طريق تلك الآلية يتم تحجيم عملية انتشار الشائعات علي المواقع الالكترونية. وبجانب تلك الآلية لتحجيم انتشار الشائعات، تفرض بعض الدول مثل الصين رقابة علي مواقع التواصل الاجتماعي ويتم معاقبة من يثبت ترويجه للشائعات بالسجن لمدة ثلاث سنوات، كذلك تبين أن من أهم أسباب انتشار الشائعات علي مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار »الحسابات الزائفة» وتستخدم هذه الحسابات لأهداف مضادة للدولة، وفي معظم الأحيان لا يكون صاحب الحساب إنساناً حقيقياً، وتهدف هذه الحسابات إلي إثارة الجمهور عاطفياً وغرس مشاعر سلبية تجاه جهود الدولة والمجتمع. وحتي يمكن القضاء علي الشائعات والحد من مخاطرها يري الخبراء ضرورة الاهتمام بتوعية المواطنين بشأن تقييم محتوي الرسائل المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل التورط في ترديد الشائعة والمساهمة في توسيع نطاقها لجماهير أكبر، وهناك عدة معايير للتأكد من صحة المحتوي المنشور من بينها عدم الاعتماد علي مصدر وحيد في استقاء المعلومات واللجوء إلي مصادر متنوعة ومستقلة للتأكد من صدق المعلومة، واستخدام المصادر المعروفة والموثوق بها، وكذلك التأكد من وجود أدلة وأسانيد تدعم محتوي الرسالة، وأخيراً التأكد من هوية مصدر الرسالة وحقيقة توجهاته.