لاشك أن جشع التجار وخراب الذمم في قضية البيع والشراء وعدم الأمانة في هذه القضية أصبحت من أخطر التحديات التي تواجه ماتقوم به الدولة من إصلاحات اقتصادية بدءا من تحرير سعر الصرف أو إلغاء الآفة الاقتصادية التي تم ابتلاؤنا بها وهي عملية الدعم وبيع أي سلعة بغير سعرها الحقيقي والتي تخلصت منها كل دول العالم ولم تعد تأخذ بها بصرف النظر عن غني هذه الدولة أو فقرها لأنها تهدد أي اقتصاد في مقتل ولاتجعل الدولة تستطيع أن توظف مواردها وإيراداتها بشكل صحيح، وقد تضيع إمكاناتها المادية في هذا الدعم دون أن تستطيع أن تتفرغ لعملية التنمية والإصلاح المجتمعي، وهذا ماحدث عندنا بالضبط علي مدي السنوات الطويلة الماضية وكادت الدولة أن تفلس بسبب استنزاف مواردها القليلة فيما يسمي بالدعم الذي جعل الكثير من المواطنين يسرفون في الاستهلاك مادامت السلعة أيا كان نوعها تباع بأقل من تكلفتها. هذه القضية الخطيرة وضعها معهد التعاون التجاري بالمنيل بقيادة د. حسن راتب رئيس مجلس الإدارة ومعه د. طلعت عبد القوي رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية علي طاولة البحث والنقاش في مؤتمر بالمعهد تحت عنوان " دور منظمات العمل الأهلي في حماية المستهلك» وشارك فيه كل من اللواء راضي عبد المعطي الذي تولي مؤخرا مسئولية رئاسة جهاز حماية المستهلك وشاركنا في هذا اللقاء د.عاشور العمري الرئيس الجديد أيضا لجهاز محو الأمية وتعليم الكبار. وقد اتفق الجميع علي أهمية تدخل الدولة لمحاربة الفاسدين والمستغلين لإجراءات الإصلاح الاقتصادي وقيامهم برفع سعر السلع بما يزيد علي ضعف ثمنها الحقيقي، وعدم وجود أي ضابط عندهم تحديد سعر السلعة بما يتماشي مع رفع الدعم عنها، وأشادوا جميعا بدور القوات المسلحة بما تقوم به من فتح منافذ متعددة لتوفير العديد من السلع بهامش ربح قليل مما ساهم في الحد من زيادة " سعار" الكثير من التجار، لكن مع إيمان الجميع بمبدأ حرية السوق والعرض والطلب، وعدم اللجوء لآفة التسعيرة الجبرية التي قد يكون خطرها أكثر من ضررها لكن لابد من تكاتف المجتمع كله وفي مقدمته جمعيات حماية المستهلك لتقود المجتمع مع الإعلام والتوعية لمواجهة هذا الجشع الذي يهدد جهود الدولة في عملية الإصلاح الاقتصادي، ولايكون ذلك مقصورا علي السلع فقط بل علي الخدمات التي أصبح كثير من مقدميها بدءا من السباك والكهربائي وغيرها من أكثر المسعورين في تحديد سعر تقديم الخدمة بقيمة تزيد علي تكلفتها الحقيقية بعدة مرات وقد ساهم في ذلك بلا شك الجهل والأمية التي مازالت تنخر في عظام المجتمع، وضعف الإنتماء لدي كثير من التجار ومقدمي الخدمة بعد فشل نظامنا التعليمي في زرع هذا الانتماء داخل كل مواطن بشكل حقيقي، واتفق الجميع علي ضرورة أن نبدأ في مواجهة هؤلاء الجشعين بمختلف الطرق حماية للمواطنين عامة والطبقة الفقيرة خاصة، ولانتوقف حتي تنجح مصر في عبور التحدي الذي تواجهه الآن في الإصلاح الاقتصادي.