تحل بركاته علي الانحاء كلها، وتشمل بجودها الآفاق جميعا، وتبث روحها المعطاءة في ثنايا الأيام ونسيج الليالي، حيث يزدوج اليوم الرمضاني بصورة عجيبة، ويتحول إلي يومين أو قل إذا شئت الدقة إلي يوم نهاري يعج بالحركة وآخر ليلي يموج بالحيوية والنشاط والسهر، وللأدباء في رمضان شئون وشجون وبرامج بين ما بين عالم النهار ما قبل الإفطار، ودنيا الليل مع انقضاء الصوم في السطور التالية نتعرف علي هذه البرامج والأنشطة في البداية يقول الأديب الكبير سعيد سالم: رمضان لا يمنعني عن الإبداع حيث أصحو مبكرا، وأمارس التمارين الرياضية وأجلس وانهمك مع المسودة الثانية لأحدث رواياتي التي تحكي عن الجماعات الإرهابية وعلي رأسهم الإخوان المسلمون حيث أنوي الانتهاء من هذا العمل قبل انتهاء هذا الشهر الفضيل وأتوقف في الرابعة عصرا لاستريح قليلا ثم أفطر بعد ذلك وأصلي التراويح وفي الساعة العاشرة أعود إلي روايتي، وحين نصبح في منتصف الليل اجلس أمام التلفاز. وتقول الأديبة هالة البدري: في أول ايام رمضان تكون علاقتي مع الإبداع في حالة مرتبكة، لكني انجح في وضع برنامج للكتابة في هذا الشهر حيث ابدأ الكتابة في العاشرة صباحا حتي الثانية ظهرا بعد ذلك امارس حياتي الاجتماعية. بعد الإفطار اقوم بمهام بعيدة عن الكتابة، وحين تصبح الساعة العاشرة مساء أعود إلي عملي الابداعي وأتوقف عند الساعة الثانية صباحا. وتقول الأديبة د.سهير المصادفة: أكتب كالعادة بعد عودتي من المكتب ابتداء من الخامسة مساء، وبعد الإفطار والجلوس قليلا مع العائلة أعود للكتابة وأتناول السحور مع منتصف الليل وأنام، وبالتأكيد لا أكتب عندما ألبي دعوات الإفطار الرمضانية أو كل رمضان للسهر والسحور في رحاب الحسين ويقول الأديب شريف صالح: في الطفولة كان لشهر رمضان سحر غامض. هذا الشعور بأن الحياة غيرت وتيرتها الرتيبة في القرية. زيارات عائلية، ولائم، تواشيح، زينات، كنافة وبرامج ومسلسلات. في المقابل كان يزعجني حرص أبي علي أن نؤدي صلاة الفجر جماعة وأن نصحو للسحور، لأنني كنت ومازلت أؤمن أن النوم أهم من الأكل، بعد تجاوز الطفولة، لم يعد »رمضان» يعني لي الكثير، وإن تورطت في طقوسه مجاراة للتقاليد الاجتماعية. أمارس يومي المعتاد مثل أي يوم آخر في العام. لا أهتم بأن تكون أمامي مائدة مختلفة عما أتناوله عادة.. وإذا كانت لدي مشروعات منتهية، عادة ما أقوم بمراجعتها في رمضان لأنني غالباً لا أكتب فيه نصوصا جديدة، وإجمالًا لا يختلف يومي قبل أو بعد الإفطار. وتقول الأديبة د.براء جاسم: انني أمارس حياتي الإبداعية في شهر رمضان مثل الشهور العادية حيث التزم بميعاد محدد حين أكتب، أننا نواجه مشكلة في ثقافتنا عن الصيام وشهر رمضان، بأن أغلب المصريين يرون هذا الشهر هو موسم الكسل وقلة النشاط ولكن الحقيقة التي أوضحتها الدراسات النفسية والعلمية أن شهر رمضان يعطي مكتسبات للإنسان حيث يجعله صافي الذهن ونشيطا ويجعله ناجحا في تقسيم وقته. ويقول الأديب د. أحمد سمير سعد: هناك اعتقاد عام أن رمضان هو شهر مرهق وأن الإنسان يكون فيه في أوهن حالاته بسبب الصيام، ربما يكونون محقين لكن رمضان دائما كان بالنسبة لي شهر مشروعات. أعتقد أن ذلك يرجع إلي أن رمضان يحمل تمييزا للوقت وهو تمييز يشترك فيه كل المجتمع. هذا شهر كامل، هنا بدايته وهناك نهايته. ذلك أمر محفز لبدء مشروعات ومحاولة الانتهاء منها قبل انقضاء الشهر أو إتمام مشروعات معلقة، أعتقد أنني قد أنجزت أجمل قراءاتي في شهر رمضان، قرأت ألف ليلة وليلة وماركيز في الفترة التي تسبق الإفطار مباشرة وما زلت أضع مخططات للقراءة والكتابة في الشهر حتي وإن أصبحت لا أستطيع الالتزام بها بشكل كامل لكنني أحاول إنجاز معظمها. بينما تحاول الأديبة إسراء امام ان تكون محاربة في شهر رمضان أثناء الكتابة حيث تكون ضعيفة صحيا في فترة الصيام وبعد الفطار تسترجع قوتها وتحاول أن توفر في الوقت لكي تنجز في عملها الإبداعي. وفي الختام تقول الأديبة نورا ناجي: الموضوع لا يختلف عن أي يوم عادي، الأمر كله يتوقف علي استعداد المبدع نفسه للعمل، من عوّد نفسه علي نظام محدد سيظل منتظماً فيه حتي في رمضان، أما الكتّاب الذين لا يكتبون وفقاً لروتين يومي، فسيظلون علي نفس الحال، بالتأكيد هناك صعوبة في العمل نهاراً في رمضان، بالذات لو كنت تعمل في وظيفة أخري محددة بمواعيد ثابتة، لذا أفضل شخصيا التفرع في المساء للكتابة أو القراءة، يساعد في ذلك أنني لست من محبي مشاهدة المسلسلات الرمضانية التي تلتهم كل الوقت لدي الجميع، قد يقل الوقت المخصص لذلك، لكنه يظل مستمراً لأنني تعودت عليه، لا يمكن أن أنام مثلاً بدون أن أقرأ، كما لا يمكن أن يمر يوم دون كتابة.