■ أشرف غني تحول جديد طرأ علي موقف الإدارة الأمريكية أخيرًا بقبولها فتح باب التفاوض مع حركة طالبان الأفغانية، بعد أن سارت المحادثات التي قادها الأفغان مؤخرا علي نحو أفضل من المتوقع. يساور الأمل واشنطن في التوصل إلي نهاية للحرب في أفغانستان، الحرب الأطول في تاريخ الولاياتالمتحدة، والتي كلفت وزارة الدفاع الأمريكية 840 مليار دولار علي مدار 17 عاما، وستكلفها خلال العام الحالي 45 مليار أخري،بالاضافة للخسائر البشرية،فقد أودت الحرب بحياة 2403 جنود أمريكيين و20 ألف جريح وهو رقم يتجاوز مرتين حجم خسائر دول التحالف هناك.وفي الوقت الراهن تنشر السلطات الأمريكية أكثر من 15 ألف جندي في أفغانستان، وهو ما يمثل ضعف الرقم »8400» الذي ورثه الرئيس دونالد ترامب من سابقه باراك أوباما، عندما وصل قبل عام إلي البيت الأبيض. ورغم ذلك فإنه بعد 17 عاماً من النزاع والعديد من البدايات الدبلوماسية الفاشلة، لا يسمح المسؤولون الأمريكيون لأنفسهم بالتفاؤل بتغير الاوضاع ويتوقعون أن يأتي فصل الربيع بمزيد من المعارك الضارية، إلا أنهم أعربوا عن سرورهم علناً وفي الدوائر الخاصة، من المؤتمر الدولي الذي عقد مؤخرا في كابول، واعتبروه خطوة باتجاه إجراءات محادثات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. وقد عرض الرئيس الأفغاني أشرف غني وفي خطوة جديدة من اجل السلام في هذا البلد، الاعتراف بحركة طالبان كجماعة سياسية مشروعة في إطار عملية سياسية مقترحة قد تفضي إلي محادثات سلام. هذه التحركات التي هي اليوم محط اهتمام اعلامي واسع، تأتي بعد سلسلة إشارات من كل من الحكومة المدعومة من الغرب وحركة طالبان تدل علي استعداد أكبر لبحث مسألة الحوار. واقترح عبدالغني وقف إطلاق النار والإفراج عن سجناء كما قال إنه سيكون مستعداً لقبول مراجعة الدستور في إطار اتفاق مع حركة طالبان، ودون شروط مسبقة من أجل أن يقود إلي اتفاق سلام. وحتي الآن، ترفض طالبان الدخول في مفاوضات مع كابول وتقول إنها لن تشترك في أي محادثات حتي ترحل جميع القوات الأجنبية من أفغانستان.. فيما قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توسيع دور وحجم تواجد القوات الأمريكية هناك في محاولة لتعزيز قوات الدفاع الأفغانية وإجبار المتمردين علي الدخول في تسوية. ورغم أن صانعي السياسة الأمريكيين يعلمون ان الجيش الأفغاني الذي لا يزال يمر في طور التحسن بمساندة الولاياتالمتحدة، لا يمكنه أن يحقق نصراً حاسماً الا ان المسؤولين الأمريكيين يحرصون علي التأكيد أن قواتهم المنتشرة في أفغانستان ستواصل دعم قوات الحكومة الأفغانية وتأمل الولاياتالمتحدة أن تنفصل جماعة طالبان بشكل حاسم عن جماعات متطرفة دولية مثل تنظيم القاعدة، وأن تجد لنفسها دوراً في أفغانستان في ظل دستور قابل للتطوير كشرط نهائي» للمحادثات، وقد سرها إجراء محادثات كابول دون أي خلاف كبير بين أفغانستانوباكستان. ويؤيد مسؤولو الأمن القومي بالبيت الأبيض مسعي يقوده الأفغان لمواصلة محادثات السلام مع شبكة حقاني إلي جانب حركة طالبان، في محاولة لإنهاء الحرب من خلال إشراك عناصر قابلة للتفاوض من داخلها سبق ان أعلنت مسؤوليتها عن بعض أكثر الهجمات دموية علي القوات الأمريكية وقوات الناتو في أفغانستان منذ بداية الحرب في عام 2001.وقد سهلت باكستان في الماضي أكثر من جلسة محادثات بين الحكومة الأفغانية وطالبان. وتوقفت آخر تلك الجلسات في يناير 2016. ويبقي من غير الواضح ما إذا كان مستشار الأمن القومي المعين حديثا جون بولتون سيدعم خريطة طريق السلام التي يقودها الأفغان والتي تشمل حقاني. منذ شهر تقريبا وفي بداية غير متوقعة، في وقتٍ تتزايد فيه إراقة الدماء في أفغانستان، نشرت حركة طالبان رسالة تحمل دعوة مفتوحة تُعرب فيها عن رغبتها في إجراء محادثات سلام، وتدعو فيها الشعب الأمريكي والكونجرس الذين وصفتهم بالمحبين للسلام للضغط علي إدارة الرئيس ترامب لإجراء مفاوضات سلام.. قد تكون رسالة طالبان مناورة تهدف إلي تعزيز موقف الذين يرفضون زيادة القوات الأمريكية في أفغانستان، ويمكن أن تكون أيضًا محاولةً لخلق انقسام بين الحكومتين الأفغانية والأمريكية.. لكن الأيام القادمة سوف تثبت مدي جدية كل الأطراف في إنجاح محادثات السلام.