"الوطنية للانتخابات": تلقينا 27 شكوى باليوم الثاني من انتخابات الدوائر الملغاة    دون تشفير بث مباشر.. قمة نارية في أولد ترافورد: موعد مباراة مانشستر يونايتد ووست هام والبث المباشر والقنوات الناقلة    شعبة الدواجن: السوق المصرية لا تمتلك المعايير والآليات لتوقع حركة الأسعار    بعد رعايته لاتفاق سلام بينهما، ترامب يعلن توقيع اتفاقيات بشأن المعادن الحيوية مع الكونغو ورواندا    الوطنية للانتخابات: تسليم الحصر العددي لمن يطلب من المرشحين أو الوكلاء وليس للمندوب    أسماء مصابي انقلاب ميكروباص بمركز سمالوط في المنيا    إطلالة جريئة ل ريم سامي في افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    بعد غد.. فصل التيار الكهربائي عن مناطق وقرى بالرياض في كفر الشيخ لمدة 5 ساعات    الإدارية العليا تتلقى 298 طعناً على نتائج المرحلة الثانية من انتخابات النواب    ننشر الجدول الزمنى للإجراءات الانتخابية بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    سوريا ضد قطر.. التعادل السلبي ينهى الشوط الأول بكأس العرب 2025    تحولات الدور التركى فى الساحل الإفريقى    أستاذ قانون دستوري: انتخابات مجلس النواب أكثر انضباطا في المرحلة الثانية    البورصة تسجل قفزة في سوق الصفقات بقيادة شارم والخليج الإنجليزية    دار الإفتاء: البشعة ممارسة محرمة شرعا ومنافية لمقاصد الشريعة    محافظ قنا ل إكسترا نيوز: غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات على مدار الساعة    فوز قطاع الطب الوقائى والصحة العامة بالمركز الأول بجائزة التميز الحكومي العربى    بانوراما مصغرة ل«المتحف المصري الكبير» بإحدى مدارس كفر الزيات    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    محافظ الدقهلية يقدم العزاء في وفاة الحاجة «سبيلة» بميت العامل بمركز أجا| صور    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    خالد الجندي يكشف الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد(فيديو)    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    تغيير ملاعب مباريات الأهلي والزمالك في كأس عاصمة مصر    جولة تفقدية لوكيل صحة القليوبية بمراكز شبين القناطر الطبية ويوجه برفع كفاءة الأداء    وزارة الشباب والرياضة تنهى تقاريرها عن وفاة السباح يوسف محمد    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    كرة طائرة - تواجد الصفقات الجديدة وغياب مريم مصطفى في قائمة سيدات الزمالك بمونديال الأندية    ثقافة الغربية تناقش كتابات نجيب محفوظ احتفالا بذكرى ميلاده    العمل" تُوفر 10 وظائف للشباب في" الصناعات البلاستيكية الدقيقة بالجيزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    ضبط شخص بحوزته عددا من بطاقات الرقم القومي للناخبين في قنا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية
بنفسج

الشخصية المتأملة، غير المنشغلة بظواهر الأمور وتداعياتها السطحية، شخصية مصدّرة للفعل ولا تكون أبدًا رد فعل، يقترب منها الرمادي فتلتهمه والروز فيبهت بجوارها بينما يبقي الأبيض محافظًا علي المسافة المناسبة معها.
»ليه يا بنفسج بتبهج وأنت زهر حزين»‬، منذ أن أطلق بيرم التونسي بصوت صالح عبد الحي وبلحن رياض السنباطي في عام 1930 هذا السؤال الحائر الذي لا يخلو، ربما، من الشفقة علي حال البنفسج والإجابة لا تزال مجهولة. لم ألتفت إلي فلسفة السؤال بدقة إلا يوم ذهبت لزيارة معرض صغير داخل مقهي ثقافي بمدينة إكس إن بروفانس في جنوب فرنسا. المقهي عبارة عن دورين، دور منهما في مستوي الشارع، تتراص به طاولات صغيرة وكراسي متناثرة حولها، يجلس عليها الرواد لمشاركة الأحاديث والشراب، ثم نجد في عمقه سلمًا يقودنا إلي الدور السفلي أو القبو الذي يقام فيه المعرض الصغير لمدة أسبوعين وعنوانه »‬في مديح الألوان».
نبهني المعرض إلي شغفي القديم والمتجدد باللون »‬الموف» بدرجاته المتعددة، لكنني لم أسأل نفسي أبدًا لماذا يحسم هذا اللون بالتحديد حيرتي حين أشتري الملابس مثلًا؟ ولماذا يجذب عيني فورًا إذا تضمنته إحدي وحدات الديكور في مكان ما، ولماذا أشعر بالراحة إذا وجدت كرسيًا وثيرًا مزهوًا بلونه البنفسجي الفاتح في أحد الأماكن العامة وأختاره للجلوس. لكن المعرض كان الفرصة لإعادة الاعتبار للون ينطبع به البشر قبل الأشياء، والأرواح قبل الحوائط أو الأباجورات.
بدأ طالب عشريني لطيف، متطوع كمرشد التعريف باللون البنفسجي كما وصفه المتخصصون في »‬كود» الألوان ودلالاتها. قال إنه يعد لونًا ملكيًا، كمدخل لتعريفه، يمثل الدقة والغموض والرومانسية بشكل عام، وإذا كان غامقًا يعطي الشعور بالحرارة ويمثل الجرأة والثقة والشخصية القوية والأصالة ويمتص الضوء الملقي عليه، علي عكس الفاتح منه الذي يعكس الضوء ويهديء النفس ويمثل الرقة والأناقة. وفي قطع الديكور او ألوان الحوائط يتزاوج اللون البنفسجي بسهولة مع عدة ألوان مثل الأبيض والسكري والروز والرمادي ، لكن اللون الأصفر يعد الرفيق المثالي لأنه يخرج من البنفسجي طاقته اللونية الكاملة. بينما لا يمكن للأخضر أو الأزرق الحضور في معيته.
ومن وجهة النظر النفسية فإن اللون البنفسجي من الألوان القاطعة في تأثيرها علي النفس بمعني أنه إما يحبه الانسان أو يكرهه، لا يمكن التعامل النظري مع اللون بعدم اكتراث أو بالتفات محايد، وعلي الرغم من مظهره الأخاذ بقوة، فإنه لون الحلم والرومانسية العميقة، لذلك فهو اللون المفضل بامتياز للشخصيات الحالمة التي يغلب عليها السمة الروحانية أكثر من الماديّة. وله تأثير مهديء علي النفس فيمكن أن يخفف كثيرًا من عنف الشعور بالغضب أو القلق.
قدّر فنانو التيار الرمزي والانطباعي في القرن التاسع عشر الدرجات الحساسة لهذا اللون والتي تعبر، من وجهة نظرهم، أفضل من أي درجات لونية أخري عن ضوء المساء »‬حين تلامس أشعة الشمس الأخيرة الأثير الأزرق للأرض». بالنسبة لهم فإن البنفسجي يمثل خلاصة ضوء يخبو لينتقل إلي عوالم أخري ودلالة علي الطريق الواصل بين العالم هنا والماورائيات.
كما ارتدي ملوك فرنسا بداية من القرن السادس عشر اللون البنفسجي في حالة الحداد، كبديل عن الأسود الذي يرتديه العامة. ثم أصبح ارتداء الملابس البنفسجية، في نهاية القرن التاسع عشر، يدل علي الحداد المخفف؛ سواء كان هذا التخفيف بسبب قرابة المتوفي أو بسبب مرور وقت كاف للتخفيف، فكان أحيانًا يتم ارتداؤه بعد ارتداء الأسود لفترة كافية.
لكن للون البنفسجي قصة أخري مع الحركات النسوية؛ فهو اللون المعبر، تقليديًا، عن أتباع التيار النسوي مع بداية القرن العشرين، والسبب في ذلك أن المطالبات بحق المرأة في الاقتراع عام 1903 كن يرتدينه. لكنه اتضح أكثر في سنوات السبعينيات وبعد ثورة مايو 1968 الشهيرة في فرنسا. هناك أكثر من تصور عن سبب اختيار هذا اللون تحديدًا، الأول يقول بأن اللون البنفسجي هو مزيج بين اللون الروز، المنسوب تلقائيًا إلي الإناث، واللون الأزرق، المعبر تلقائيًا عن الذكور خاصة في الزي المدرسي- وبالتالي فإن اختيارهن للون يمزج بين الاثنين يرجع لمطالبتهن بالمساواة بين الجنسين. سبب آخر، أكثر عمقًا يدفع بأن النسويات اخترنه عن قناعة بعمقه وبعده الروحي للتعبير عن رفضهن اعتبارهن مجرد أجساد ومطالباتهن بالنظر اليهن نظرة أكثر عمقًا وتقديرًا.
بالعودة لسؤال عمنا بيرم، لا يمكن لسمّيع أن يمر عليه هذا السؤال دون التفكير في الانسان أو الشخصية البنفسجية، فلا أعتقد أنه كان يقصد حصريًا زهرة البنفسج وهو يتحدث عن حزنها الداخلي وقدرتها علي الابهاج بالرغم من ذلك.
بل ربما التفت إلي الشخصية البنفسجية ورثي لحالها، تلك الشخصية التي تمتص الضوء وتحوله بداخلها إلي درجات عديدة في كل مراحل مروره ورحلته داخل عوالمها. فمع كل ما يمر به يتوحّد مع ما يقابله من خبرات مختزنة في العمق فيزيد الثراء نتيجة هذا الامتزاج بين الضوء والأعماق.
الشخصية المتأملة، غير المنشغلة بظواهر الأمور وتداعياتها السطحية، شخصية مصدّرة للفعل ولا تكون أبدًا رد فعل، يقترب منها الرمادي فتلتهمه والروز فيبهت بجوارها بينما يبقي الأبيض محافظًا علي المسافة المناسبة معها.
إنه البنفسجي...اللون الملكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.