يرى كثيرون في أسيوط أن شكل الخريطة الانتخابية في محافظتهم لم يتغير كثيرا، حيث ما زال أعضاء الحزب الوطني متواجدين في دوائرهم، وما زالت العصبية القبلية والمال من أهم العوامل التي تتحكم في تحديد التوازنات السياسية بالمحافظة، فضلا عن عامل الدين الذي تلعب على وتره جماعة الإخوان المسلمين والتيارات السلفية، الأمر الذي قد يحدّ من قدرة الأحزاب الجديدة على المنافسة. الدكتور محمد إبراهيم منصور مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط يرى أن المنافسة في الانتخابات المقبلة ستكون بين فصيلين أحدهما فصيل الإخوان والتيارات السلفية والآخر فصيل قائم على العصبية القبلية والنفوذ العائلي، ويقول إن الطريقة الممكنة لتغيير شكل الخريطة السياسية هي دخول الأحزاب الجديدة الانتخابات بقائمة موحدة، ومن ثم يمكن لها أن تحصل على عدد لا بأس به من المقاعد. ويضم الدكتور ضياء الدين عبد الحميد أمين تنظيم حزب الجبهة الديموقراطية بأسيوط صوته مؤكدا أن العصبية القبلية هي التي سيكون لها النصيب الأكبر في حسم العملية الانتخابية في محافظة أسيوط، خاصة في ظل حفاظ العائلات ذات الثقل السياسي بنفوذها حتي الآن، معتمدة في ذلك علي رصيدها من الخدمات، فضلا عن وجود أفراد لديها داخل جهاز الشرطة والقضاء يقومون بتقديم خدمات للمواطنين حتي الآن. فلول الوطني ينتظرون لعل أكبر المتغيرات على الساحة السياسية المصرية عموما بعد ثورة 25 يناير هو غياب الحزب الوطني المنحل الذي هيمن على مجريات الحياة السياسية في المحافظة لعقود، فما هو مكان أعضائه في الخريطة السياسية الجديدة؟ محمد الصحفي، عضو مجلس شعب سابق عن الحزب الوطني، يقول: "لحد دلوقتي لم أجد حزبا يُلبي طموحاتي السياسية، وقد قام طلعت السادات بالاتصال بي للانضمام للحزب الذي يقوم علي تأسيسه، ولكني ربما لن أخوض الانتخابات القادمة لو لم أشعر أن الدائرة السياسية تفصل بين الشخص وانتماءاته الحزبية السابقة، وسأنتظر حتي تتضح الصورة السياسية"، وأضاف أن زملائه لم ينضم أحدهم لأي من الأحزاب الجديدة. الدكتور محمد إبراهيم منصور مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوطلكن الدكتور محمد إبراهيم منصور يعتقد أن انتظار أعضاء الحزب الوطني المنحل لن يطول، فهم حاولوا بالفعل الانضمام لأحزاب أخرى مثل أحزاب الوفد والمصريون الأحرار في دوائر صدفا وأبوتيج وديروط، ولكن قيادات هذه الأحزاب رفضت ضمهم لكونهم محسوبون علي النظام البائد، ويقول منصور: علمت أنهم يسعون إلي تأسيس حزب جديد تحت اسم " المواطن المصري" لخوض الانتخابات القادمة. وكثيرا ما يتهم أعضاء الحزب الوطني المنحل بالمشاركة في تنفيذ السياسات الفاسدة لحزبهم، حتى أن أصواتا كثيرة تعالت في الفترة الأخيرة تنادي بحظر العمل السياسي لكافة أعضاء الحزب الوطني لمدة زمنية طويلة. لكن الدكتور ضياء الدين عبد الحميد يؤكد أن بعض أعضاء الحزب الوطني بالمحافظة يتمتعون بالقبول في دوائرهم، وهو ما يجعلهم متواجدين في دوائرهم مع الأهالي، ويرى أن هؤلاء الأعضاء سوف يعتمدون في تربيطاتهم الانتخابية علي عاملين مهمين هما العصبية القبلية وذلك لانتمائهم لعائلات كبيرة لها علاقات نسب ومصاهرة مع عائلات أخري بدوائرهم، فضلا عن المال الذي يمتلكونه للإنفاق علي حملاتهم الانتخابية. ويوافقه الرأي الدكتور علي عز الدين، أمين حزب الحرية والعدالة بأسيوط، والذي قال: أعضاء الحزب الوطني موجودون في دوائرهم، وهذا لا يمنع أن يكون هناك عدد منهم يتمتع بقبول في الشارع الأسيوطي. إقبال على الانضمام إلى الأحزاب الجديدة يوجد بمحافظة أسيوط 10 دوائر يمثلها 20 مقعدا في مجلس لشعب، ويبلغ عدد الناخبين نحو 2 مليون ناخب وفق بيانات وزارة الداخلية بالمحافظة. تتنافس على هذه المقاعد أحزاب ما قبل الثورة باستثناء الوطني إضافة إلى ستة أحزاب جديدة بدأت عملها في أسيوط، هي المصريون الأحرار والمصري الديمقراطي الاجتماعي والحرية والعدالة والحرية ومصر الحرية والعدل. وتبدو الأحزاب الجديدة متفائلة بالمستقبل، حيث يقول عبد الله شهير، أحد مؤسسي حزب مصر الحرية، إن عدد العضوية بالحزب وصلت إلي 160 عضو مؤسس حتي الآن، مشيرا إلي أنهم سيقومون بعمل ندوات ومؤتمرات حزبية في الفترة القادمة للتعريف بالحزب من أجل الاستعداد لخوض الانتخابات. بينما يري عوني أحمد، أحد مؤسسي حزب العدل في أسيوط، أن الحزب قادر علي المنافسة فور انتهائه من عملية الإشهار، مشيرا إلي أن عدد أعضائه المؤسسين بأسيوط وصل إلي 166 عضو. بل زاد عدد المنضمين عن هذا الحد في أحزاب أخرى، وعلق هلال عبد الحميد، أحد مؤسسي حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بأسيوط، علي حجم العضوية بالحزب البالغة 1200 عضو، قائلا: "أعتقد أن الحزب سوف يرفع عدد أعضائه عشرات المرات خلال الأيام المقبلة". توظيف العصبية مقبول أحيانا سيد زكريا، أمين حزب مصر الحرية في اسيوطلكن إن صحّ أن العصبية القبلية والدين هما العاملان اللذان سيحسمان الانتخابات في أسيوط، فما هي فرص الأحزاب الجديدة واقعيا في الفوز بمقاعد في البرلمان؟ هلال عبد الحميد، أحد مؤسسي حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بأسيوط، يقول إن الحزب لن يعول كثيرا علي العصبية القبلية، وقد قام بعدة ندوات ومؤتمرات للتوعية في بعض مراكز المحافظة حول كيفية اختيار النواب بعد الثورة، وأضاف: "أي حد هيستخدم الشعارات الدينية هنلجأ للقانون، أمام بالنسبة لاستخدام المال فسوف نتقدم ببلاغات ضد كل من يستخدم هذا الأمر في الدعاية الانتخابية، وللسيطرة علي هذه الأمور الحزب سيستعين بمراقبين من الصحف المحلية والمنظمات الحقوقية، وسنطعن في حالة وجود تجاوزات". سيد زكريا، أمين حزب مصر الحرية، من ناحيته يري أن الدين خط أحمر ولن يستخدم الحزب الدين في الدعاية لنفسه وكذلك المال وقال: "نحن ضد شراء الأصوات، ولكن ممكن نعمل مشروعات خدمية تخدم البيئة المحيطة في بعض الدوائر". أما بالنسبة للعصبية القبلية فلم ينكر زكريا أن حزبه سيستخدمها في الدعاية الانتخابية، وذلك بسبب طبيعة المجتمع الصعيدي الذي يعتمد من وجهة نظره على العصبية في علاقات النسب والمصاهرة والمصالح المشتركة، ومن ثم يحتم هذا الأمر استخدام العصبية كوسيلة في الانتخابات، حسب رأيه. نقلا عن موقع/مصر تنتخب