صور «الإرهاب الإخواني» الدموي في هذه الانتخابات، أكثر من أي انتخابات أخري رغم أننا لم ندخل حتي الآن إلي «المعمعة» الحقيقية والخطر داهم في اجتماعات شبابهم التي بالآلاف وآخرها في المدينة الجامعية بالأزهر الأسبوع الماضي، حيث الاحتقانات الغاضبة، التي تؤهل إلي تنفيذ عمليات دموية حتي لو لم يكن الكلام بشكل صريح لأحدهم، لكن زاد المشهد سوءا عندما أيد مرشد الإخوان «محمد بديع» في مؤتمر صحفي مع حلفائه المعارضين «المعلنين» فتوي الملقب بمفتي الجماعة المحظورة «عبدالرحمن البر» الداعية إلي الاستشهاد علي الصناديق الانتخابية بحجة مكافحة التزوير، وبالتالي فليس من المستبعد في ظل هذه الأجواء الاستثنائية التي يغيب عنها القانون والتعقب المطلوب أن ينفذ عملية انتحارية أمام لجنة انتخابات أو في مؤتمر انتخابي للحزب الوطني بدعوي نصرة الله والدفاع المستميت عن الصناديق، فهي بالنسبة لهم غزوة ضد الكفار لا معركة انتخابية مع منافسيهم! ومن الواضح أنهم بذلك يفضلون «الإشراف الانتحاري» علي «الإشراف القضائي» وهذا هو ضمان نزاهة الانتخابات لديهم، أن تكون الصناديق «مفخخة» وأن تقتبس الانتخابات المصرية مشهدا «دمويا» مستفزا من مشاهد العنف العراقي أو الباكستاني أو اللبناني أو الأفغانستاني.. وبعبارات قانونية رغم أن هذا السياق لا ينفع هنا فإن هذه الدعاوي الإخوانية الدموية تأتي تحت بند الدعاية الدينية، فأين هي اللجنة العليا للانتخابات؟! وإلي متي ستظل في سباتها هذا وتستسلم للإرهاب الإخواني الصوتي، والذي يهددون بأن يحولوه إلي انتحاري ودموي في مرحلة قادمة؟! التعبئة الإخوانية المستمرة لشبابهم خلال الفترة الأخيرة في إطار تجاوز الخطوط الحمراء ينبئ بالخطر الداهم، فلم تدعهم إلي الانتحار علي الصناديق فقط في هذه «الغزوة» الانتخابية، بل اعتبرت غير المشاركين منهم في الانتخابات كمن رفض الخروج للجهاد، ويقولون للشباب الغاضبين من القاعديين أن الممتنع عن الانتخابات كمن تولي يوم الزحف.. أي خرج عن صفوف الحرب والجهاد ورفض الشهادة، رغم أنه لاتزال أجنحة في المحظورة تدعو للتراجع عن المشاركة ومقاطعة الانتخابات كأسلوب سياسي للاعتراض علي الصورة العامة للانتخابات، ولم يوصلوا الأمر إلي العمليات الانتحارية وترديد ألفاظ الغزوات الحربية وإشاعة أجوائها لشبابهم. الغريب أنهم كانوا يفضلون تبرير سقوطاتهم الأخيرة بعد انتخابات 2005 بفتاوي دينية أخري تدعو للمقاطعة ومنها «لا تلقوا بأنفسكم في التهلكة»، أما الآن فيقولون لشبابهم «يا خيل الله اركبي» تلك العبارة التي كان يرددها الصحابة لتحميس المشاركين في الغزوات!! الغريب أن سامح عاشور نائب رئيس الحزب الناصري دافع عنهم وقال «حقهم يعملوا اللي عايزينه»! --- كان منطقيا أن تخيف هذه الأجواء الانتحارية التي يلقيها الإخوان علي المشهد الانتخابي المراقبين له، ومن أصحاب هذه المخاوف د.شوقي السيد الفقيه الدستوري وعضو مجلس الشوري الذي أكد أن هذه الفتاوي الدموية إعلان ودعوة لها مرجعية دينية إسلامية مثل شعار «الإسلام هو الحل» وكأنه يدعو الناخبين للشهادة لحماية الصناديق كطريق إلي الجنة، وهذا الأمر يجب أن تنتبه إليه العليا للانتخابات وتقوم بمواجهته لأنه شعار ديني أكثر من الشعارات السابقة لما يحمله من تحريض علي أحداث العنف. ويستكمل السيد: أن هذا التحريض سيتسبب في فقدان أعصاب بعض المتحمسين من داخل الجماعة وخاصة شبابها الذي يمتلك في بعض الأحيان أساليب قتالية أو من بعض المتحمسين للجماعة من الخارج الذين علي اقتناع بأنها مضطهدة، فنجد أحداث العنف من أوامر وشعارات تلقي من قيادات الجماعة في القمة فتفقد أعصاب القاعدة والشعبيين في ظل لعب الجماعة علي وتر الدين الذي يؤثر علي الأفرد العاديين وخاصة أننا بطبيعتنا بسطاء والمشاعر الدينية تداعب العقول والقلوب! --- رئيس لجنة الفتوي السابق بالأزهر الشريف د.عبدالحميد الأطرش الذي انزعج من هذه الفتوي ووصفها بأنها دعوة للبلطجة والقتال وليست للشهادة. ويقول الأطرش: إن الاستشهاد يكون في سبيل الله لإعلاء كلمته، أي يكون الإنسان شهيدا إذا قتل وهو يجاهد في سبيل الله ماعدا ذلك يكون إرهابا وبلطجة، وبأي حال من الأحوال لم يقر الإسلام الاستشهاد في العمل السياسي، خاصة أن الدين الإسلامي دين التسامح ونبذ العنف حتي مع غير أتباع الإسلام وليس نشر العنف، والإسلام لم ينتشر إلا بيسر تعاليمه ولم يثبت أن النبي محمد «؟» رد علي السيئة بمثلها مثلما تروج ادعاءات جماعة الإخوان ولاينبغي أن يثأر الإنسان لنفسه. ويقول الأطرش: إذا نظرنا لصناديق الانتخابات فهي للوصول لمناصب دنيوية والرسول «؟» قال لسيدنا «معاذ»: إنها إمارة ويوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذ بحقها».. وكان الصحابة يفرون من تولي مهنة القضاء لما لها من مكانة وما لها من خطورة. ويؤكد أنه لا يصح لمن يشهد أن لا إله إلا الله أن ينادي بالقتال علي غرض دنيوي أي هذا الغرض الخاص بالانتخابات، وإذا كنا مسلمين حقا فعلينا أن نكون مسالمين في طلب الحق ولا نلجأ للتخريب والعنف والتدمير وإحداث الفرقة، والاتحاد أفضل من كل هذه المناصب، وإنما ننادي بضرورة أن تكون الانتخابات نزيهة خالية من التزوير بعيدة عن الضغط والإكراه وعلي المواطن أن يتقي الله في صوته. --- ويري الرئيس الشرفي لحزب الوفد د.مصطفي الطويل أنه ليست هناك أي إشارة أو دليل أن هذه المطالبة ستكون شهادة في النهاية، أنا لست فقيها دينيا، ويستكمل متهكما: ولكن لم تصل إلينا هذه الفتوي من قبل، فهي فتوي جديدة. ويقول: إن الشهادة كما جاءت في نص القرآن الكريم هي لمن يقتل في الحروب أثناء الجهاد في سبيل الله أو من يموت محروقا أو غرقا ولم يأت فيه ما يشير من قريب أو بعيد لهذه العملية السياسية «الانتخابات»! ويري أنه عندما تقول للمسلمين استشهدوا لحماية الانتخابات من التزوير فهو تحريض علي القتال باسم الجهاد في سبيل الله وتحريض البسطاء من الناس ماداموا يرون من يخرج من جماعة الإخوان المرتبطين في ذهن بعض الناس بأنهم المتحدثون باسم الدين، فهنا تبيح لهم الشهادة وبالطبع الكل يريد أن يموت كشهيد. ويتعجب من وجود بعض الشخصيات الذين يدعون أنهم رجال دين يحللون الحرام ويحرمون الحلال ويخرجون بإفتاءات كفيلة أن «تودي البلد في داهية»! --- حسين عبدالرازق القيادي بحزب التجمع يري أن العنف في الانتخابات ظاهرة اجتماعية تتصاعد من جانب هذه الجماعة وهذه الفتوي تثير القلق علي جميع المستويات.ويقول إن ما خرج عن جماعة الإخوان بأحاديث تبيح الشهادة لحماية الصناديق هي ليست فتوي ولكن نوع من الإعلام السياسي توجه به الرأي العام مسبقا بأن الانتخابات مزورة وخاصة إذا خسروا مقاعدهم وأعتقد أن هذه الأحداث لن تأخذ الشكل الدموي عن طريق العنف لأنهم يدركون جيدا أن «العنف ليس في مصلحتهم»!