شهدت الندوة التى نظمتها لجنة الدفاع عن الحريات بعنوان «الضوابط المفروضة على القنوات الفضائية» جدلاً، حيث كان الهدف الرئيسى للندوة هو الحديث عن أسباب غلق فضائيات التطرف الدينى من قبل النايل سات ولكن ما حدث هو أن الندوة كانت أشبه بصرخة لإعلان الجهاد ضد المؤسسات الإعلامية المصرية وما أدل على ذلك من التفاف جموع المنقبات والملتحين حول الضيوف الذين امتلأت بهم قاعة الندوة مما أدى لترسيخ شعور لدى جمهور الحاضرين بأن نقابة الصحفيين تحولت بدورها إلى ساحة للجهاد، رافضين استضافة أى ممثلين للرأى الآخر. الندوة بدأت بكلمة «محمد عبدالقدوس» التى ربط فيها بين عدة أحداث وبين غلق القنوات الدينية، حيث قال: «هذه هجمة على الحريات وتمهيد للمستقبل القادم فأول ما جرى وكان انتهاكاً صارخاً للحريات قضية «خالد سعيد»، الحدث الثانى هو انتخابات مجلس الشورى، مدعياً أن الانتخابات ستشهد تزويراً بنسب معقولة.. ثم قضية كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين فالاثنتان أخذتهما الكنيسة وأغلقت عليهما ولا أحد يعرف مصير المرأتين. كلام «محمد عبدالقدوس» كان مليئا بالمغالطات التى لم تجد أحدا يرد عليها لأن النقابة حرصت على منح الفرصة لاتجاه فكرى معين دون غيره، فأولاً قضية خالد سعيد لم يحسم القضاء أمره فيها بعد، ثانياً ما دخل تزوير الانتخابات بغلق فضائيات خالفت المواد التى على أساسها حصلت على تراخيصها، ثالثاً كيف لنقابة الصحفيين أن تتورط فى إصدار حكم مفاده أن الكنيسة تتستر على كاميليا شحاتة أم أن هدف النقابة أصبح إثارة مزيد من الفتن الدينية؟. إلا أن الأمر وصل مداه حينما أعلن فى النقابة - على لسان الشيخ «د. صفوت حجازى» أحد دعاة قناة «الناس» التى أغلقت وأحد ضيوف الندوة - أن مصر بغير الإسلام لا تساوى شيئاً، ومصر بالإسلام هى «أم الدنيا»!.. هل هم أوصياء على شعب مصر؟. وأتساءل أيضاً: أى تراخيص خالفتها هذه القنوات؟.. وكيف يمنعون إنشاء قنوات دينية؟.. من أعطاهم الحق ليسلطوا أنفسهم على رقاب العباد؟».. مرة أخرى يورط «صفوت حجازى» هو الآخر نفسه فى مغالطات تقوم على الخلط المقصود والمتعمد بين قنوات تبث مواداً دينية وبين الإسلام كدين ليس من حق أى شخص أن يفوض نفسه للحديث باسمه، الغريب أن «حجازى» أعلن بكل فخر أن هناك قناة اسمها «الروضة» بدأت على نفس تردد قناة «الرحمة» التى تم إغلاقها!. يبدو واضحاً الآن أن هناك تلويناً للحقائق فالقنوات التى تم إغلاقها تجاوزت قانونياً كل المواد التى سبق أن وافقت عليها عندما تعاقدت مع المنطقة الإعلامية الحرة أو مع الشركة المصرية للنايل سات وبالتالى ليس لكلام «صفوت حجازى» عن نظرية المؤامرة أى موقع من الإعراب. وهاجم «حجازى» وضع «الشيعة» كخط أحمر لا يمكن تجاوزه عند الحديث عنهم فى القنوات الدينية، قال: «وإيه اللى مزعلكم لما المشايخ يبقوا مليونيرات؟.. غلق هذه القنوات يعنى أن لا هدف سوى منع الدعوة الإسلامية وإلقاء الإسلام ليظل فى «دورة المياه».. وهو ما لن يحدث وقال مرتديا وأحذر سيف الأبطال، وأحذر إن لم تعد هذه القنوات فالشيوخ سيأتون ليملكوا قنوات جديدة رغم أنه لا يوجد رئيس قناة من الشيوخ لكنه سيحدث إن لم يتم التراجع عن هذا القرار». وقد سيطر على الندوة بعد انتهائها امتنان الكثير من الحضور إلى درجة محاولة بعضهم تقبيل أيدى الشيوخ بل والتصوير معهم!.. والتساؤل الذى يطرح نفسه: لم سيطرت على ندوة بنقابة الصحفيين هذه الأجواء؟.. وأين كانت اللجنة الثقافية وقتها حتى لو كان الإعلان عن أن الندوة تنظمها لجنة الحريات.