نقطة بدايتها عمرها 52 عاماً.. ومازال الطموح متدفقا بداخلها لايعرف الحدود أو المستحيلات. بدأت فى سن ال 21 واستمرت..ومازالت وهى فوق السبعين بنفس درجة الحماس واللياقة والدقة والقدرة على الأحلام وتحقيقها. شعارها فى الحياة: أنا أفكر، أعمل، أضيف.. إذن أنا أعيش هى أول من فكر ونفذ مشروع مدرسة لغات مصرية خاصة فى القاهرة عام 1958 وسط منافسة شديدة من المدارس الأجنبية وهى أيضاً أول سيدة تصل بأحلامها إلى أن تكون لها جامعة تمتلك سمعة دولية متميزة. هى الوحيدة التى تحرص على إقامة حفلة كبرى فى دار الأوبرا يحضرها الرؤساء والوزراء لاستعراض المواهب فى الفنون المختلفة إنها «نوال عثمان صالح الدجوى» الشهيرة «بماما نوال» والدها كان أستاذاً للفلسفة وعلم النفس وكان مديراً لمدرسة فؤاد الأول». عثمان صالح الدجوى لم يكن مجرد أب ونوال لم تكن فقط ابنة وعندما تتحدث «ماما نوال» يصبح «الأب» هو البطل الرئيسى فى الحوار: كنت موضع اهتمام خاص من والدى وكان يربى بداخلى ملكة التفكير والخيال والحلم. فى مرة قلت إننى أريد أن أعيش فى الخارج فقال لى بلد الإنسان مثل أبيه هل لو كان والدك أسمر ستفكرين فى تركه للبحث عن أب أبيض؟ وكان والدى بالفعل أسمر اللون لهذا فذلك التشبيه البسيط زرع بداخلى قيماً ومعان كبيرة. سافرت إلى أغلب بلاد العالم لأتعرف على الأنظمة التربوية والتعليمية الحديثة لديهم حتى أقوم بتطبيقها فى مشروعى كما أننى قمت بقراءة عدد هائل من الكتب التى تتحدث عن كل مرحلة عمرية . منذ البداية شعر الناس بالاختلاف والتجديد والدقة فكان هناك - مثلها - تقرير يومى دقيق عن الطالب يصل إلى أسرته وكانت هناك محاكاة للتجارب المتميزة فى أمريكا وغيرها سواء فى طريقة التدريب أو الهوايات وكان الهدف هو خلق وبناء شخصية متكاملة للطفل تربويا وعلمياً. «عثمان الدجوى».. «نازلى الحكيم».. ومدرسة ألعاب رياضية.. نماذج تعلمت منها نوال الدجوى معنى القيادة ومعنى أن يكون مدير المدرسة هو وزير المدرسة. «نازلى الحكيم» كانت مديرة المدرسة الثانوية التى التحقت بها وكانت تدرك معنى القيادة وتعلمها فكان هناك نظام يقضى بوجود ممثلين عن الطلبة فى كل صف للحديث بلسانهم وانتخبت عن الصف الدراسى الخاص بى وانتبهت لعمق ومغزى الفكرة وقد تنبأت لى هذه الأستاذة الجليلة بأننى سوف أحقق عملاً مهماً فى حياتى وأكدت هذا المعنى لأبى الذى كان فخوراً بهذه النبوءة. لماذا اختفى هذا النموذج الذى يمثل المرجعية بالنسبة للطالب ولولى الأمر أيضاً؟ لأن الإيمان بقيمة العلم لم تعد كما يجب.. القائد لايضع العقبات بل يعرف كيف يصل إلى الحل المناسب بشكل إبداعى وابتكارى ولكن الرغبة فى الحل لم تعد هدفا بل الرغبة فى الشكوى هى الأقوى. ألا ترين أن جزءا من فقدان الأجيال الجديدة لقدسية المعلم هو أنه تحول إلى موظف عند الطالب يتقاضى منه أجراً نظير درس خصوصى!! عندما تخرج العملية التعليمية من كونها قيمة علمية وتربوية لتصبح تجارة هنا الكارثة. ولكن الطالب يلجأ إلى «السنتر» أو إلى المدرس الخصوصى لأن مدرس المدرسة أصبح عامل طرد وليس جاذباً! مازال هناك معلمون على قدر كبير من الموهبة ولابد أن تعمل المدارس على كيفية جذب الطالب . ولكن المعلم الموهوب الذى يمتلك أدوات توصيل المعلومة أصبح الآن استثنائياً؟ - لو تعامل جميع من يقوم بالتدريس على أنه جزء من تقدم أو انهيار هذا الوطن سيكون النموذج الجيد هو القاعدة وليس الاستثناء. من يتصدى لقدسية مهنة التعليم لابد أن يكون على يقين بأن نجاح الوطن ككل يتوقف على نجاحه الشخصى. الجميع يتحدث عن مشكلات التعليم الكثيرة.. وبما أنك شخصية تؤمن بإيجاد الحلول وليس فقط الشكوى.. فمن أين نبدأ؟ - لننظر فى التجربة الانجليزية فى إنجلترا تم تغيير نظام الامتحانات بحيث لايستطيع المدرس «التخمين» بالامتحان وبالتالى نتخلص من كارثة نماذج أسئلة الامتحانات فهذه الطريقة ترسخ «الحفظ» وتلغى التفكير. على المستوى الشخصى ألا تجدين صعوبة فى التعامل مع الأجيال الجديدة؟ - الأجيال الجديدة تحتاج إلى إيقاع عصرى وأنا أمتلك المقدرة على مخاطبة عقولهم واحترامها.. لا أجد مشكلة فى التعامل ولا أنزعج من التغييرات التى حدثت لهذه الأجيال، أتفهم كل مرحلة سنية والظروف التى يمرون بها ولابد أن يكون ذلك هو مبدأ التعامل فلا نحاسبهم على ما نملكه نحن من خبرة وفهم وعقل. فى تقديرك ما أهم عوامل التميز التى جعلت من نوال الدجوى اسما استثنائياً فى مجال التعليم!! -الإتقان والدقة، فقد اعتدت أن أعيش ما أفعل بكل مشاعرى وتركيزى.. أيضاً الرغبة فى الوصول إلى نتائج مع الطلبة توازى الطالب فى الغرب ولهذا فقد كان اهتمامى منذ اللحظة الأولى بالأنشطة الفنية التى هى جزء أساسى لتنمية وجدان الطالب فى المراحل العمرية المختلفة أما على المستوى الأكاديمى كان الاهتمام بالجانب العلمى وخاصة الرياضيات كبيراً جداً فكان خريجو المدرسة هم من الأوائل دائما فى الرياضيات ودائما أقول للطلبة هل رأيتم يهوديا لايجيد الحساب؟! لأننى على يقين بأن القدرة على التميز فى الرياضة يكون ناتجها تنمية الفكر والذكاء وأغلب من يتصدرون مواقع القيادة فى العالم العربى من خريجى المدرسة وأتذكر أن «وجدى الطحاوى» وكان رئيسا للمخابرات السعودية نجح فى إقناع الملك فيصل بعودة بناته للدراسة عندى بعد قرار الملك فيصل بعدم الدراسة فى مصر على إثر خلافه مع الرئيس عبدالناصر.. وعندما بدأ تنفيذ التعليم البريطانى فى مصر كانت واحدة من ثلاث مدارس تم ترشيحها وقام بالزيارة رئيس التعليم البريطانى ومعه وفود كبيرة. ما أهم الجوائز العلمية التى حصلت عليها؟ - حصلت على جوائز كثيرة بسبب مجهودى ونبوغ الطلبة عندى على المستوى العالى ولكن هناك دكتوراة فى الولاياتالمتحدة من اتحاد الجامعات الأمريكية الذى يضم 87 جامعة أمريكية ولحظة حصولى على هذه الدكتوراة هى لحظة السعادة الكبرى فى حياتى لأن الاحتفال أقيم فى دار الأوبرا وفوجئت بكم الحضور من الطلبة المصريين والعرب الذين تخرجوا فى مدرستى لدرجة أن بعضهم حضر بطائرة خاصة! النجاح لابد أن يقابله عقبات ومشكلات.. ما فلسفتك فى التعامل مع ما يعترض تحقيق أحلامك! - أمتلك فلسفة ناجحة وهى عدم تذكر العقبات كما أننى لا أعترف بوجود عقبة تقضى على إصرارى أنا أحلم لدرجة أننى أعيش الحلم وأكاد ألمسه حتى أحققه. تعملين ساعات طويلة ومع ذلك تحرصين دائما على الظهور فى كامل أناقتك ورشاقتك! - أمارس رياضة المشى وأستمتع بالخيال الذى أخلقه لنفسى أثناء هذه الرياضة وأسمع الموسيقى قبل النوم وأحب أن أرى القيم الجمالية، وأتذكر أننى أجريت عملية كبيرة فى عينى منذ 25 عاما وغبت عن المدرسة مدة طويلة وعندما عدت قلت لابنتى «منى» أننى أشعر أن المدرسة شكلها حزين وفكرت فى فعل شىء للخروج من هذا الإحساس فطلبت من الطلبة فى جميع المراحل العمرية كتابة موضوع عن «ماهو الجمال» وكنا نقرأ فى الطابور كل يوم إحدى هذه الكتابات وقد وجدت لدى الطلبة وخاصة فى المراحل الابتدائية تصورات رائعة عن الجمال