منذ بداية مسابقة «ملكة الجمال» في مصر وحتي الآن لم يرد ذكر اسم أي متسابقة مقترنا بأي عمل أو مهمة ذات طابع سياسي أو اجتماعي إلا نادرا في وقائع محددة ، لذا كان الخبر الذي نشرته «روزاليوسف» العدد الماضي والمتعلق برغبة ملكة جمال مصر السابقة «هدي عبود» في الترشح لمجلس الشعب الدورة القادمة من خلال الحزب الوطني بالإسكندرية بمثابة مفاجأة لنا رغم أنه أمر قد يبدو عاديا جدا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، أو أي من الدول الأوروبية، ولكن - وفي ظل نظرة المجتمع المصري للمسابقة وللفائزات باللقب - يمكنك وصف خطوة «هدي» بالجديدة والجريئة علي حد سواء. لكن وبعد أن تحدثنا مع «هدي» المتواجدة الآن بلبنان اكتشفنا أن خطوة ترشحها للانتخابات ليست بالمغامرة بالنسبة لها لأنها تعتبر نفسها واحدة من القليلات اللائي لم ينبهرن كثيرا بلقب ملكة جمال مصر وانصرفن بعد ذلك إلي العمل العام بعيدا عن أضواء الشهرة، من أجل أن يقدمن شيئا مختلفا ومفيدا للمجتمع. في السطور التالية تتحدث «هدي» بصراحة عن الدافع الذي كان وراء خطوة ترشحها وأهم القضايا التي تشغلها الآن : خطوة ترشحك تبدو مفاجأة خاصة أنها تحدث لأول مرة تقريبا أن ترشح ملكة جمال مصر نفسها لانتخابات مجلس الشعب، ما تعليقك ؟ منذ حصولي علي لقب «ملكة جمال مصر» وحتي الآن وأنا حريصة أشد الحرص علي ألا يكون اللقب بالنسبة لي مجرد بوابة للشهرة، لذا بدأت العمل مبكرا من خلال العديد من الجمعيات الخيرية وساهمت بمجهوداتي في أي عمل قد يعود بالفائدة علي المجتمع. وبالمناسبة أنا في الأساس خريجة كلية الفنون الجميلة قسم الديكور، ومنذ صغري وأنا مؤمنة بأن الثقافة هي وسيلة التغيير الأساسية في مصر وهي الأمل الباقي، ولذا كنت حريصة علي أن أعمل في مجال الثقافة ، وهذا ما أفعله الآن فأنا مديرة العلاقات العامة بدار الأوبرا بالإسكندرية محافظتي من ناحية، والمشرف الفني علي مركز تدريب ومواهب الأطفال من ناحية أخري، والذي ساعدني علي ذلك هو الدراسات العليا التي عملت عليها في مجال الباليه بأكاديمية الفنون بالقاهرة. أنا مؤمنة بأن تربية الذوق الرفيع لدي الجيل الجديد هي مهمة صعبة، ولكني أري أنه لابد من تنمية مواهب الأطفال جنبا لجنب التعليم، الفن يسهم في الارتقاء بعقول هؤلاء الأطفال وتنقيتها من الشوائب. والحقيقة أنني مستمتعة للغاية بعملي.. ولكن تظل كل هذه المهام بعيدة عن السياسة الأمر الذي يدفعني للتساؤل: ما الذي دفعك لاقتحام هذا المجال ؟ - فيما يتعلق بالسياسة فإن تجربتي معها ليست قديمة فقد انضممت للحزب الوطني منذ عام ، ونفس الأمر بالنسبة للمجلس القومي للمرأة الذي رشحت لعضويته منذ عام وهذا تكليف أحترمه وأقدره، منذ ذلك الوقت بدأت خطواتي تأخذ منحي مختلفا، وبدأت أقتنع بأن كلا منا له دور لابد وأن يؤديه، بدأت أعرف أكثر عن الكوتة وكيف أنها تدعم قناعاتي بأن المرأة لابد أن يكون لها رأي وتواجد وأن تكون علي نفس مستوي الحدث «الكوتة»، أنا مؤمنة بأنه ليس كافيا علي الإطلاق أن أكون امرأة عاملة وناجحة فلابد أن أشارك في صنع مستقبل البلد، ولعل هذا كان الدافع وراء انضمامي للحزب الوطني وقيامي بعمل بطاقة انتخابية. ما أفعله متسق للغاية مع قناعاتي فمن خلال عضويتي بالمجلس القومي للمرأة نحاول توعية المرأة بأن لها حقوقا وعليها واجبات ، من خلال المجلس احتككت بالمرأة العاملة البسيطة واكتشفت أن تلك السيدة هناك حقوق كثيرة لديها لا تعرف عنها شيئا. هل الحزب الوطني يقف وراء خطوة ترشحك؟ - لم أتحدث حتي الآن مع أي من قيادات الحزب لأني ببساطة لن أطلب من الحزب أن يرشحني، كل ما أتمناه هو أن يقتنع الحزب بأني جديرة لمهمة كهذه، وفي حال لم يحدث هذا سأتردد ألف مرة قبل التفكير في الترشح، وبصراحة شديدة لو لم يرشحني الحزب الوطني أتصور أني سأكون مترددة حيال قرار ترشيح نفسي لعضوية مجلس الشعب، فالمسألة بالنسبة لي هي أن يري الحزب نفسه أني أستطيع القيام بشيء حقيقي ومفيد وأني قادرة علي تمثيله بالشكل الأفضل» ولكن هل قدمت للحزب النشاط الذي يدفعه لترشيحك؟ مرة أخري دعني أكرر، إن المسألة ليست إذا كنت قد عملت مع الحزب أم لا لأنه من المفترض أن المجهودات التي أقوم بها داخل المحافظة واضحة بالنسبة له وبناء عليها سيقرر ما إذا كان راغبا في استغلال الطاقة التي لدي أم لا. هل اخترت دائرة بعينها أو فكرت حتي في التمويل للحملة؟ -لم أفكر في كل التفاصيل سواء الدائرة أو التمويل لأني منتظرة أن يوجهني الحزب بنفسه. كيف سيكون رد فعلك إذا كان المرشح أمامك مثلا من الإخوان المسلمين؟ - لا يشغلني أو يزعجني أو حتي يقلقني في حال ترشحي أن يكون منافسي من جماعة الإخوان المسلمين لأني أومن بالحوار إذا كان الطرف الآخر متقبلا له وإذا لم يتقبل الحوار فهذا لن يغير شيئا بالنسبة لي علي الأقل. ما الحافز الذي يدفعك لخوض الانتخابات؟ - صدقني أن ما يحفزني لخوض هذه التجربة هو رغبتي في إثبات أن المرأة قادرة علي تحمل مسئولية كعضوية مجلس الشعب، وأتصور أني قادرة علي حمل هذه المسئولية الكبيرة أو هذا هو شعوري علي الأقل، وأني لدي الطاقة لمهمة كهذه. كنت ملكة جمال مصر في وقت من الأوقات، هل هذه ورقة لصالحك أم ضدك؟ - فكرة أني كنت ملكة جمال مصر في وقت من الأوقات من الممكن أن تكون مفيدة لي علي أساس أن اسمي كان معروفا وقتها لأني كنت أول ملكة جمال تمثل مصر في الخارج ولكن لا أتصور أنه سيضرني، فأنا امرأة لم تكتف باللقب وبمجرد أن حصلت عليه نسيته ولم تقف عند مرحلة الانبهار كثيرا، لأنه بعد حصولي علي هذا اللقب دخلت مجال عروض الأزياء الخيرية وبدأت مشوارا مختلفا، مازلت أنظر إلي المسابقة باعتبارها تجربة أعتز بها. بالمناسبة هل أنت راضية عن المسابقة الآن؟ - أعتقد أن المسابقة لا تحصل علي الوضع أو المكانة التي تستحقها كما هو الوضع في الدول الأخري، فالمجتمع أصبح متحفظاً للغاية من ناحية، وبالمناسبة أنا أيضاً من عائلة محافظة وهذا ما يجعلني أفهم سبب تحفظ المجتمع علي المسابقة وكيف أنه يتجاهل حقيقة أنها مسابقة معنية بالشخصية بقدر اهتمامها بجمال المتسابقات. من ناحية أخري نحن في مصر لا نقدم المسابقة بالشكل الصحيح، لذا يتصور المجتمع أننا نهتم فقط بتقديم فتيات جميلات يقمن بعرض أنفسهن رغم أن المسابقة أخلاقية جدا وتعتمد علي إبراز شخصية المتسابقات ولا تعيب البنات في أي شيء. بالنسبة لي فقد حرصت علي تحقيق المعادلة الصعبة وهي الموازنة بين اللقب وبين استثماره في مجالات أخري كثيرة، ولكن تحفظي علي المسابقة الآن أن كثيرا من المتسابقات يعتبرن اللقب بوابة للشهرة وقليلا منهن حرصن علي أن يضفن شيئاً للقب. تعرفين أنك ستتعاملين مع عقليات مختلفة في المجلس وقد تبدو آراء البعض صادمة أو حادة.. كيف تنوين التعامل مع كل هذه الأشياء؟ - لست من النوع الصادم وأتعامل مع أناس مماثلة في الشارع وفي عملي وفي كل مكان بذكاء ووعي، فأنا مؤمنة بتحرر المرأة جداً وضرورة أن تكون أنيقة ولكني في النهاية امرأة شرقية، لا أهتم بإقناع الناس بأفكاري ولست بالضرورة مقتنعة بأفكارهم، ولكن لدي موهبة تقبل الناس والتحاور معهم. فعلي صعيد الملابس لست مع الأزياء المبالغ في تشددها أو تحررها علي حد سواء ولذا أحرص علي أن أكون أنيقة ومحتشمة إلي حد معقول، لست من هواة البنطلونات الضيقة للغاية، لا أحب المرأة التي تعتمد في أناقتها علي كشف جسدها بشكل غير لائق. أتصور أنه لو أتيحت لي فرصة دخول البرلمان سأكون قادرة علي استيعاب الجميع. كيف ترين نظرة الرجل للمرأة الآن في مصر، وهل حقا ينظر إليها كجسد طوال الوقت؟ - أحيانا أشعر بأن المرأة في مجتمعنا تائهة بين رغبتها في أن تكون عصرية و بين تطلعها إلي مزيد من التدين والاحتشام حتي ترضي الرجل. وفي كل الأحوال لن تستطع إرضاءه. وأصبح عاديا بالنسبة لي بين أصدقائي وصديقاتي أن أسمع عن فلانة التي تريد ارتداء الحجاب نزولا علي رغبة خطيبها، ولكني دائما ما أتحدث مع صديقتي التي تريد اتخاذ خطوة مماثلة وأطلب منها أن تتحدث مع خطيبها وتسأله ما إذا كان يريد منها ارتداء الحجاب كنوع من التدين أم حرصا عليها وإذا اقتنعت بالحجاب فلترتديه.. أي أن الأمر لابد وأن يكون نابعا منها وليس منه هو. ما القضايا التي ستمثل الأولوية بالنسبة لك في حال دخولك البرلمان؟ - «أتصور أن القضايا التي ستكون من أولوياتي في حال دخولي إلي مجلس الشعب هي العنف ضد المرأة في أي مجال من المجالات وبكل الأشكال، ضرورة حصول المرأة علي حقها ووضعها خاصة فيما يتعلق بفرص التعليم التي لابد أن تحظي بها، وكذلك صحة المرأة منذ الطفولة وحتي الشيخوخة تظل من القضايا التي تعنيني بشكل كبير. علي صعيد الأناقة والذوق، هل أنت راضية عما وصلت إليه المرأة المصرية الآن خاصة في ظل انتشار الملابس الإيرانية؟ -الحقيقة هي أني أشعر بالحزن من أجل المرأة المصرية الآن فهي بين نارين، نار الموضة ونار الحجاب والميل إلي التدين، فهي تحاول التقرب من الأسلوب الغربي في الزي والملبس وهو الأمر الذي يتناقض مع الحجاب، كأن تري فتيات يرتدين «بلوزات» بدون أكتاف وتحتها «بادي» بلون الجسم وكأنها لا ترتدي أي شيء، والغريب أن الزي أصبح أكثر بهرجة الآن وأكثر لفتا للأنظار بدرجة فظيعة، أذكر أنه منذ فترة طويلة كنت أشارك في عروض أزياء خيرية وبعضها كان للمحجبات والحقيقة أن ألوان وأشكال هذه الملابس كانت رقيقة وأنيقة وكان هناك نوع من الاحتشام، الآن أصبحت المحلات للمحجبات وغير المحجبات علي حد سواء وهذا أمر غريب لا أفهمه. فأنا ضد هذه الفكرة نهائيا وضد فكرة فساتين السهرة التي يتم التلاعب بها من أجل إرضاء المحجبات لأن هذا في النهاية لا يليق بالحجاب.