رغم تأكيدات قيادات وزارة التجارة والصناعة بأن مشروع قانون «سلامة الغذاء» يلقى مصيرا إيجابيا جدا فى القريب العاجل مع إحالته للبرلمان.. إلا أن الواقع يؤكد أن هناك سرا وراء تعطيل إحالة القانون بشكل كامل للبرلمان بغرفتيه الشورى والشعب.. فالصياغات النهائية متفق عليها رغم إثارتها لخلافات عديدة بين جهات الرقابة المختلفة.. التى يحملها المراقبون مسئولية هذا المشروع المهم جدا.. الذى قال عنه الوزير رشيد محمد رشيد إنه سيحمى أبناءنا من الفيروسات والميكروبات والتلوثات الخطيرة التى نتعرض لها حتى الآن. لم يعد مقبولا أن يشك المصريون دائما فيما يتناولون من أغذية قد تضر بصحتهم، مع توالى القضايا المضبوطة لأغذية فاسدة غير صالحة للاستهلاك الآدمى.. وربما ذلك كان السبب فى أن تكون المادة الأولى من القانون، الذى حصلنا على نسخة من صياغاته النهائية، تنص على إنشاء جهاز لسلامة الغذاء الذى له رئيس هو حسين منصور دون صلاحيات حقيقية، وهو الطلب الذى ناشدت به غرفة الصناعات الغذائية رئيس الوزراء بتنفيذه بحثا عن الأمان وبث الاطمئنان لما يتناوله المواطن ويزيد الثقة فى المنتجات وما يتبعه ذلك من زيادة الاستثمارات الأجنبية التى ترفض المجىء لمصر فى ظل عدم وجود مظلة رقابية للغذاء، التى تربى فى تربتها الخصبة مصانع بير السلم. د.حاتم الجبلى - وزير الصحة - أوضح أن الهدف من مشروع القانون الجديد إحكام الرقابة على الأسواق ومواجهة الانفلات وضمان سلامة وصحة الغذاء الذى يتناوله المصريون. وحث وزير الصحة على ضرورة الإسراع بمناقشة القانون وإخراجه من الأدراج لأهميته، خاصة أنه من أهم القوانين التى يتضمنها البرنامج الانتخابى للرئيس، ومعروف أن القانون القديم صدر منذ 44 عاما، ويعلق د.عبدالرحمن شاهين - المتحدث الرسمى لوزارة الصحة: القانون الموجود حاليا صدر فى 1966 وبدون لائحة تنفيذية ولا يواكب التغييرات التى دخلت على صناعة الغذاء بما فى ذلك ضرورة أن يكتب على كل عبوة غذائية المكونات والمواد الكيماوية بدقة شديدة وأيضا السعرات الحرارية وكل العناصر التى يحتوى عليها المنتج وهو الأمر الملزم فى القوانين المماثلة فى كل دول العالم إلا فى مصر. وأضاف: صدور القانون الجديد يمنع التلاعب ويحد من تهريب وغش وتلوث الأغذية بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار وزيادة تدفق عدد السياح، حيث إن هناك دائما تخوفا منهم فى تناول الأغذية. وأوضح أن القانون يضم فى مواده عقوبات رادعة وآليات تنظيم عمليات استيراد وتصنيع الأغذية محليا مما يؤدى إلى وجود ثقة فى الأغذية الموجودة فى السوق المصرية ويرتقى بمستوى الصناعات الغذائية ويؤدى إلى حماية المواطنين. نص القانون المقترح فصلان الأول يخص التعاريف وأهمها تعريف الغذاء نفسه الذى جاء بأنه «أى منتج أو مادة للاستهلاك الآدمى سواء كان مادة أولية أو خاما أو نيئة، مصنعة كليا أو جزئيا أو شبه مصنعة أو غير مصنعة، بما فى ذلك المشروبات والمياه المعبئة وأية متضمنة للمياه». ويشمل أيضا تعريف الأغذية الخاصة والمقصود منها أية أغذية يتم تجهيزها أو تركيبها لتلبية متطلبات غذائية خاصة أو لحالات مرضية، وفقا للمقرر بهيئة الدستور الغذائى ومنها المستحضرات المخصصة لتغذية الرضع والأطفال، ومستحضرات زيادة الوزن أو إنقاصه، والمستحضرات المنشطة والمقوية والفاتحة للشهية. اللافت أن فصل التعريفات يشمل أيضا تعريف الأغذية المحورة وراثيا والمواد المضافة والمتصلة بالغذاء وكذلك تداولها وطرحها وعرضها للبيع أو تخزينها أو حفظها أو نقلها أو تسليمها أو استيرادها أو تصديرها. المهم فى الأمر هو تعريف «سلامة الغذاء» نفسه وهو خلو الغذاء أثناء تداوله من أى مصدر خطر وفقا للقواعد المنصوص عليها فى القوانين ذات الصلة بسلامة الغذاء، والقرارات الصادرة تنفيذا لها ولهذا القانون. أما الفصل الثانى ويشتمل على إنشاء جهاز سلامة الغذاء وأهدافه واختصاصاته حيث من المقرر أن يكون له شخصية اعتبارية عامة وأن يكون له موازنة مستقلة ويكون مقره القاهرة أو إحدى المحافظات المجاورة لها وله أن ينشئ فروعا فى المحافظات. الهدف من إنشاء الجهاز كما جاءت مواد القانون هو الرقابة على الغذاء فى جميع مراحله سواء كان منتجا محليا أم مستوردا ومنع الغش والتدليس فيه ومتابعة عمليات الإنتاج والتصنيع والحفظ والتخزين والتسويق لجميع السلع الغذائية وفق الأسس الصحية السليمة. بخلاف ذلك يتولى المجلس منح الشهادات الصحية اللازمة لتصدير الغذاء المنتج محليا والتفتيش على أماكن تداولها، واللافت البند الخاص بتنظيم الإعلان عن المنتجات الغذائية وتحديد القواعد والشروط الواجبة التى يجب أن يتضمنها الإعلان. وكانت قد عرضت محاور مشابهة فى هذا السياق لمشروع القانون على لجنة الصناعات بمجلس الشعب مؤخرا بمطالبة من النواب للوزير رشيد محمد رشيد لكن المناقشات لم تنته إلى شىء، وتاه القانون بين 13 قانونا ضمن الأجندة التشريعية لوزارة الصناعة والتجارة ولم ينل هذا القانون القسط الأكبر من الاهتمام بينها.. والضحية فى النهاية صحة المواطن المصرى الذى يأكل طعاما لا يعرف مصدره أو مكوناته، وتوجه أصابع الاتهام لصراعات البيزنس وخلافات الجهات الرقابية وتنافس الوزارات المتعددة المختصة فى القانون.؟