هل تتحرش المرأة بالرجل.. مثلما يتحرش الرجل بالمرأة ؟.. يبدو السؤال صادما، خاصة أننا في المجتمعات الشرقية «الذكورية» اعتدنا حالات كثيرة لتحرش الرجل بالمرأة، ولا نعني سواء لفظيا أو جسديا، وإن حدث وتحرشت المرأة بالرجل، فبالتأكيد سيخجل الرجل من الاعتراف علي اعتبار أنه «راجل»، وإن تجرأ واعترف - بعد أن «يجرجر» من تحرشت به لقسم الشرطة - سيصبح «مسخرة»، بل ومن المنتظر أن يكون التعاطف مع المتهمة بالتحرش. كلام صعب : كثيرون من الشباب الذين استطلعنا آراءهم أكدوا أن تحرش المرأة بالرجل لا وجود له، فيقول «محمود صفوت» - 21 سنة - بكلية السياحة والفنادق : «ماحصليش ده بس دلوق11تي في الأيام إللي إحنا فيها ممكن».. وهو ما يؤكده طارق - 31 عاما- : آخر حدود الفتاة الآن المعاكسة كما يقول «مصطفي ومحمد مجدي وأحمد» - أعمار 19 و22 و21 بكليتي الفنون التطبيقية والتجارة - ويضيفوا : «لكن لو ولد حصله ده يكون مش راجل» ! بينما يستنتج «ساهر محمد» - 28 عاما - ويعمل في أحد البنوك أنه قد يحدث هذا التصرف، خاصة أن الفتيات أصبحن يعاكسن الشباب، ويضيف : «المعاكسة تطورت، والأخلاق بين البنات بقت حاجة صعبة، هو التحرش ممكن يكون نظرات تعبر عن الباقي، لكن استحالة البنت تتحرش بالولد جسديًّا.. ويري «محمد حسين» الطالب بكلية الهندسة أن ولو الولد صد البنت يقولوا عليه مش راجل لأنه المفروض يتجاوب معاها. حدث بالفعل رغم أن الآراء السابقة تنفي وجود تحرش نسائي بالرجل، إلا أن هناك العديد من الآراء التي تؤكد وجوده.. وهناك وقائع أيضا لشباب - رفضوا أن تُنشر صورهم - مثل «جميل» المتزوج -29 عاما- الذي يؤكد أن الميني باص والمترو والأماكن المزدحمة هي أكثر الأماكن التي يحدث فيها تحرش النساء بالرجال، وهو ما حدث له شخصيا أكثر من مرة.. وقد تعرض «محمود» - ثانوية عامة - للتحرش به في المترو، حيث حاولت سيدة تبلغ الأربعين أو أكثر أن تلمس جسده، وهي تجلس بجانبه، فانسحب من جانبها لأن التصرف نفسه كان غريبا جدا عليه، كما لم يحاول الإبلاغ لأنه «هايبقي مسخرة» -حسب تعبيره-، ويحدثنا «محمد» - مهندس كمبيوتر - بأنه تعرض لهذا في الميكروباص من فتاة عمرها 18 عاما، وحينما نظر لها بدهشة، اتهمته هو بالتحرش بها ! وكذلك حادثنا «عمر» - طالب بكلية الصيدلة - بتعرضه لهذا في المترو من سيدة في الثلاثينيات من عمرها، لدرجة أنه دفعها بقوة ليبعدها عنه !.. بينما «طارق» - محاسب - تعرض لهذا حينما كان يشتري تذاكر سينما، من فتاة في العشرينات من عمرها. اعترافات متحرشة : حصلنا علي اعتراف من فتيات تحرشن بالشباب، ووافقن في بادئ الأمر علي الظهور بصورهن، لكن في اللحظات الأخيرة رفضن.. تحدثنا «فيروز» - 24 عاما - : «في المرحلة الإعدادية كان أحد المدرسين يعاملني معاملة خاصة، باعتباري أكثر الفتيات جمالا، وتطور الأمر ذات يوم عندما جاء ليحتضنني أثناء الفسحة، ويقبلني علي وجنتي داخل أحد الفصول بدون استحياء.. ووقتها عدت لمنزلنا خائفة، فلم أكن أتخيل ما حدث، ولم أتجرأ علي التحدث أو مصارحة أي من أفراد أسرتي، حتي انتهت المرحلة الإعدادية، لكني لم أنس ما حدث، ودخلت الجامعة كنت منطوية علي نفسي في البداية، وبعد ذلك انضممت إلي مجموعة من الفتيات، ثم بدأت هوايتي في معاكسة الشباب من خلال المحمول عن طريق الاتصال بأشقاء زميلاتي بعد الحصول علي أرقامهن دون علمهن، وهو ما يجعلني أشعر بأني شقية، وكان يستفزني عندما يغلق الشاب التليفون في وجهي، كنت أصر علي ملاحقته، حتي أن بعضهم اعتاد مكالماتي، وبدأ يتصل بي، ولكني بمجرد أن أشعر بتعلق الواحد منهم بي، ورغبته الزائدة بلقائي أتجاهله، وإذا واصل ذلك أعنفه، وأغلق الهاتف في وجهه. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، خاصة بعد أن كشفت زميلة لي هذا الأمر لصديقاتنا، وعرف الجميع، وأصبحن يشعرن بالغيرة مني، فكان يستهويني أن يتنازع الشباب من أجلي، خاصة عندما كنت في السنة الثالثة بالكلية، وكان الجميع يعرف ذلك، وبالذات شاب كان يثير غيظي لأنه لم يكن يعطيني أدني اهتمام، بدأت أشاغله بالنظرات، وأتعقبه، وكان هذا سبب تحرشي به عندما كنا جميعا نقف أمام كافيتريا كلية الحقوق، ننتظر السندويتشات، وكان المكان مزدحما للغاية، ووقعت عيناي عليه، وفي هذه اللحظة تعمدت أن أتجاوز الطابور لأصل إليه، لحظات وكنت أقف خلفه، ثم بدأت أضايقه، وأتعمد ملامسة جسده، وفوجئت به يسبني بألفاظ بشعة، وترك المكان، بعدها بكيت، والجميع ينظر لي نظرات احتقار، ومرت السنة الرابعة في الكلية والجميع يتحدثون عني بأني فتاة سيئة». وروت لنا «منار» _ 30 عاما - واقعة تحرشها بشاب قبل ارتباطها بطليقها، وهو رجل أعمال بالخليج، قالت : «كنت في البداية أتحرش بالنظرات فقط، داخل أحد الكافيهات بمدينة نصر، حيث اعتدت الجلوس هناك وصديقة لي مطلقة، نقوم بفتح البلوتوث لنشر أرقام هاتفينا في المكان، وفوجئت أنا وصديقتي بأحد الشباب دخل الكافيه، ومعه صديقته، والتي لم تكن في مستوي جمال أي منا، والشاب جذاب للغاية، ووسيم جدا لدرجة جعلتنا نخطط لانتزاعه من الفتاة، وبالفعل ذهبت صديقتي إليه بحجة الحصول علي شاحن لهاتفها المحمول، وأثناء ذلك ادعت بأنها سبق لها التعرف عليه، وأنها تحتفظ بهاتفه المحمول الذي أعطاه لها، مما جعل الفتاة تزداد غيظا، ورغم نفيه، أكدت صديقتي أنها تحتفظ برقم هاتفه في سجل هاتفها المحمول - الفاصل شحن - وأنه بمجرد شحن الهاتف سيتأكد من صدق كلامها، وأثناء الحديث انتقلت أنا إلي المكان الذي يجلسون فيه، مما أدي لانفعال الفتاة، خاصة عندما رأت يدي تلامس أجزاء من جسم الشاب تحت المنضدة، وعندما وجدته مستسلما لي، تركته الفتاة غاضبة، ورحلت، ولم نترك له الفرصة ليلحق بها» «دعاء» - 28 عاما - مدرسة روت هي الأخري تفاصيل واقعة تحرشها بنجل عمها الصغير في الصف الخامس الابتدائي، وكان عمره 10 سنوات، قالت : «تركته زوجة عمي لنا لفترة بعد إجرائها جراحة ورم في الرحم، ولم أدر لم فعلت هذا ؟.. لقد سبق أن تعرضت للتحرش من قبل زوج خالتي قبل 10 سنوات، وكان يسكن نفس المنزل، وأول سبب لبداية تحرشي بيوسف كان قبل عامين، فكان يلعب مع إخوتي الصغار، وكنت أنا معهم بمفردي في البيت، وطلبت منه أن يأتي لغرفتي ليساعدني في تسريح شعري، وتذكرت وأنا صغيرة كيف كانت شخصيتي ضعيفة، وبسبب خوفي من زوج خالتي الذي اعتدي علي من قبل. بدأت أتعامل مع يوسف بنفس المنطق، ولم يكن أحد يعرف شيئا، وبدأت أحب أن أنفرد به، والآن يوسف عمره 12 عاما، ودائما أعيش في رعب أن يحكي لوالدته الأمر، خاصة، وأنا مخطوبة لشقيقها، ولعل هذا ما يجعلني أفكر كثيرا بأن يوسف سيكون السبب في إفساد حياتي». شباب امرأة : ومن أبرز المشاهد السينمائية التي عبرت عن محاولات تحرش امرأة برجل فيلم «شباب امرأة»، الذي أدت فيه «تحية كاريوكا» دور الثرية العجوز، التي تعجب بالطالب الريفي «شكري سرحان» الذي يسكن لديها، ونجد جميع أشكال التحرش في هذا الفيلم، بدءا من النظرات للإعجاب الصريح وحتي التحرش الجسدي . وفي فيلم «البيه البواب»،نجد سيدة «صفية العمري» تحاول أن توقع ببواب عمارتها «أحمد زكي» لمجرد أنها طلقت، وفي حاجة لمن ينفق عليها، أي أن الدافع هنا مادي.. تحرش السيدة بالبواب في الفيلم جاء بشكل ساذج، حيث وضعت منوما في مشروبه، ثم تجرده من ملابسه، وحينما يستيقظ تتهمه بالتعدي عليها. هتك عرض البحث في محاضر رسمية تتعلق بوقائع تحرش المرأة بالرجل صعبة.. والسبب كما يذكر اللواء «رفعت عبد الحميد» - ضابط سابق - أن هناك حالات ووقائع لتحرش برجال، ، مثلما يتحرش الرجال بالسيدات، ولكن الرجل يخجل من الاعتراف بهذه الحقيقة، فليس من المتصور أن الرجل يمسك بالمرأة التي تتحرش به، ويذهب بها إلي قسم الشرطة، حتي إن فعل، فسوف يكون مدعاة لسخرية أفراد الشرطة، بل قد يُتهم بالجنون، وتكون المرأة هي الضحية، ولذلك نجد سيدات يفعلن ذلك، وهن علي ثقة ويقين بأن المتحرشة لن تقع تحت طائلة القانون أو اللوم لأنها تعرف أن أحدا لن يصدق الرجل إذا قال عنها ذلك، ويصنف ذلك قانونيا بهتك العرض، وليس تحرشا لأنه واقع من الأنثي علي الذكر، وبالتالي تكون العقوبة عن جريمة هتك العرض. يحدثنا المحامي د. حسني أمين أولا ليست هناك جريمة تحرش في القانون المصري، وإنما هناك مصطلحات كثيرة في القانون - فهناك نص خاص بهتك العرض رقم 268 من قانون العقوبات - و13 مادة تتحدث عن هتك العرض وهي تقع علي الرجل أو المرأة علي حد سواء، وهو ما يتضح من تعريف هتك العرض في القانون فهو: فعل مخل بالحياء، يقع علي جسم مجني عليه، ويكون علي درجة من الفحش إلي حد مساسه بعورات المجني عليه التي لا يدخر وسعا بصونها وحجبها عن الناس.. وهناك مصطلحات كثيرة تعبر عن هتك العرض مثل الغزل أو المروادة أو الزني أو المواقعة أو الجماع. في المغرب حاول مجموعة من القانونيين إصدار قانون للتحرش 2008 - 2009 واعتبروا في القانون أن المرأة التي تبرز محاسنها نوع من أنواع التحرش بالرجل. يضيف د. حسني أمين: إننا لسنا في حاجة لقانون للتحرش بل إلي تعديل القانون نفسه، وصياغة المواد بدقة لتكون هناك مساواة بين الرجل والمرأة في الجريمة نفسها، ولا أعلم من الذي يقول إن المسألة مجرد حالات، بل هي ظاهرة منذ وقت طويل بدليل أن الباحث د. أحمد عبدالله رزه قام بعمل بحث عن ظاهرة التحرش سواء من رجال لنساء أو العكس منذ مدة طويلة، وهذا دليل علي أن الظاهرة موجودة، بل تم البحث فيها أيضا. المعروف.. أن لفظ تحرش في المحاكم المصرية لم يصدر إلا في منطوق الحكم الخاص بالقضية الشهيرة التي أقامتها مخرجة الأفلام الوثائقية «نهي رشدي» . المستشار أحد شوقي الشلقامي - رئيس محكمة جنايات القاهرة - الذي أصدر الحكم قال لنا إنه بالنسبة لتحرش المرأة بالرجل تعتبر عقوبتها مساوية، فجريمة التحرش إذا وقعت من امرأة لرجل يكون تعريفها: هتك عرض وليس اغتصابا، فلا يوجد ما يسمي بعقوبة اغتصاب المرأة للرجل في القانون. وهناك ما يسمي ب«التحريض علي الفسق»، ونسبته أكبر لدي النساء عن الرجال، حيث يقوم كثير من الفتيات بمعاكسة الشباب ولفت انتباهه سواء بالكلمات أو الإيحاءات المختلفة، وهي جنحة وعقوبتها تصل لشهر. ومن الوقائع الغريبة تلك التي شهدتها محافظة ساحلية بورسعيد والتي قيدت في محاضر الشرطة عن تحرش سيدة في الأربعينيات بشاب «محمد» - 24 عاما - حديث التخرج، ويعمل مندوب مبيعات حيث ذهب إليها بمجموعة من عبوات التنظيف يعرضها للبيع، وفوجئ بالسيدة ترحب به ترحيباً حارا، وأصرت أن تدخله لشقتها، بعد أن أقنعته أن تعد له مشروبا باردا، وبعد استدراجه وضعت له منوما في كوب العصير ليستيقظ بعد ذلك، ويكتشف تعرضه للاعتداء وما كان منه إلا أن ذهب إلي قسم الشرطة وهناك أيضا واقعتان أخريان مسجلتان في محاضر الشرطة.. الواقعة الأولي لشاب يبلغ من العمر 29 عاما من قاطني الهرم، مفتول العضلات، ويعمل ميكانيكي سيارات، وكانت لديه زبونة تبلغ 45 عاما، دائمة التردد عليه لإصلاح سيارتها، وفي يوم طلبت منه أن يقود السيارة وهي معه علي سبيل التجربة، ولم يشعر إلا وهو مغشي عليه في منطقة مهجورة، فهرول لقسم الشرطة ليحرر للسيدة محضرا، خوفا من أن تكون السيدة التقطت له صورا فاضحة لتنشرها علي ال«faceBook أو youtube» خاصة أنه خاطب وعلي وش جواز!.. أما الواقعة الثانية - والتي تشبه إلي حد كبير فيلم «البيه البواب» - فكانت لبواب عمارة شاب، قادم من الصعيد ليعمل في إحدي العمارات الراقية، وكانت هناك إحدي القاطنات التي دائما ما تحاول أن تلفت نظره إليها من خلال الملابس المثيرة وأن تغدق عليه الأموال والهدايا، وحينما رفض وضعت له منوما، ليستيقظ ليجد نفسه قد تجرد من ملابسه، ذهب لقسم الشرطة ليحرر محضرا، وتم عرض الاثنين علي الطب الشرعي الذي أثبت المعاشرة بالفعل. كرامة الأنثي أساتذة علم النفس وعلم الاجتماع يرفضون الظاهرة وتقول د. هبة العيسوي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس: قد تكون حالات وليست ظاهرة وهو ما يتطلب دراسة كل حالة علي حدة لمعرفة أسباب الأضطرابات النفسية أو الشخصية بل في عزوف الكثير من الشباب علي الزواج لأنه لا يريد تحمل مسئولية، فهناك فوبيا الالتزام والرجل المصري الآن لا يريد «وجع دماغ».. وعن السبب في انتشار هذه الظاهرة - كما أخبرنا بعض الشباب في المواصلات العامة - فتجيب د. هبة العيسوي الالتحام يسبب هذا، فحتي الالتحامات بين الأخوات خطر، حتي أنه لو هناك شخص لا رغبة له في التحرش، فالالتحامات تجعله يضعف.!!