وزير الأوقاف يتابع الانضباط الدعوي والإداري    رئيس جامعة الإسكندرية يسلم 4 نواب وعمداء جدد القرارات الجمهورية بتعيينهم (صور)    السوشيال ميديا بكفر الشيخ تتحول لساحة نزال شرسة قبيل انتخابات النواب    رئيس الوزراء: قطاعا الصحة والتعليم يستحوذان على النصيب الأكبر من الاستثمارات العامة خلال الفترة القادمة    حصيلة شاحنات المساعدات التي دخلت غزة في سبتمبر.. «تكفي 10% من الاحتياجات»    "الإغاثة الطبية في غزة": المستشفيات تنهار تحت القصف والاحتلال يحاصر الطواقم الطبية    مباراة ماراثونية| برشلونة يهزم فيزبريم ويتوج ببطولة العالم للأندية لليد    موقف زيزو من مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية في الدوري المصري    تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط إعتباراً السبت 4 أكتوبر    سماح أنور: لم أحلق شعري في «الصندوق» ولكن عندي جرأة لفعل ذلك    دموع ليلى علوي تزين افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    تفاصيل مسلسل «درش» ل مصطفى شعبان.. رمضان 2026    السفير التركي يفتتح الدورة 78 من "كايرو فاشون آند تكس" بمشاركة 650 شركة مصرية وأجنبية    تأخير الساعة 60 دقيقة وبدء التوقيت الشتوى 2025 فى هذا الموعد    عمرو زكي يرد على شائعات مرضه: أنا بخير وبصحة جيدة    قائد عسكري إيراني: نحن أقوى هجوميًا الآن 12 مرة مُقارنة بحرب ال 12 يوما مع إسرائيل    تحقيق عاجل بعد اتهام مدير مدرسة بالاعتداء على طالب في شبين القناطر    وضع حجر أساس مستشفى «الخليقة الجديدة» بأسيوط بيد البابا تواضروس    هند الضاوي: ترامب أساء لصورة البنتاجون واصطدم بالمؤسسة العسكرية الأمريكية    أليسون بيكر يغيب عن ليفربول 6 أسابيع للإصابة    ماجد الكدواني يتصدر إيرادات السينما بفيلم «فيها إيه يعني» أول أيام عرضه    استشاري مخ يكشف مدى خطورة إصابة الأطفال ب"متلازمة ريت"    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    الرسوم الجمركية الأمريكية تؤثر سلبًا على إنتاج الصلب الأوروبي (تفاصيل)    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ المنافسة وبناء "شراكة الثقة مع القطاع الخاص"    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    خيري الكمار يكتب: منة شلبي في حتة تانية    «ديستوبيا روبلوكس»| أطفالنا في خطر.. شهادات مرعبة من داخل الغرف المغلقة    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة، ألذ طعم وأسهل وصفة    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    العثور على جثة مسن داخل مسكنه بالشرقية    وائل السرنجاوي يعلن قائمته لخوض انتخابات مجلس إدارة نادي الزهور    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    استخراج 10 آلاف بطاقة رقم قومي للسيدات غير القادرات في الشرقية بالمجان    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    مصر والسودان تؤكدان رفضهما التام للإجراءات الأحادية فى نهر النيل    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليست كل نفس ذائقة الحب!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 20 - 02 - 2010

وحين يجيء حديث الغرام.. ألمح وجهك فوق المعاني.. وجهك الذي يسد الفراغات.. الفراغات التي بيني وبين أيامي.
حتي في ليالي السكون تبقي يا غائبا حاضرا كما كنت.. وتظل حكاياك مفتتحا في كتاب الغرام.. وخبرا رئيسيا في رسائل الراحلين إلينا.. فكيف أيها المبعد يكون لغيابك كل ذاك الحضور؟
ولأنه ليس كل نفس ذائقة الحب فلمن يقيمون عيدا للحب كل عام؟!
ولأن مائدة الحب صغيرة والناس كثر فقليلون هم الذين منحهم زمانهم بعضا من لقيمات ورشفة ماء.. أما الأكثرون فهم يعيشون ويموتون دون أن يطعموا.. فلمن يقيمون عيدا للحب كل عام؟!
ولو سألتهم عن سبب لإقامة عيد للحب قبل منتصف فبراير من كل عام لما أقنعتك الأسباب.. ولو استمعت للبلهاء الذين يتبادلون التهاني عن حكاويهم في الغرام لما استهوتك قصصهم وأغانيهم ولا ملامح محبيهم.
ولأن الحب الذي تفرون منه يلاقيكم، فإن الآخرين الذين يبحثون عنه لا يجدونه، هكذا هو الحب.. يراوغنا.. يأتي لمن يشاء وقتما يشاء.. ولم يعرف له الأكثرون منا طريقا. والحالة العاطفية دوما تؤكد أنه لا مواسم ولا شهور ولا مواقيت في الحب.. ولا حتي فبراير من كل عام.
بالتأكيد هناك سبب لكي تحتفل بيوم ميلادك.. أو أن تكون مدعوا في أعياد ميلاد الآخرين، وأفهم أن نحتفل جميعا بثورة يوليو.. وأعرف أنه في الطرف البعيد من العالم يحتفلون بالثورة الثقافية والبرتقالية.. وحتي البلشفية.
لكن لماذا نحتفل بيوم ليس لنا فيه ناقة ولا جمل ولا دقة قلب؟!
هل هناك ضغوط دولية مثلا لإجبار الدول الفقيرة عاطفيا للاحتفال بعيد الحب؟
هل هناك معونات ومنح سرية تم صرفها للشعوب التي خرجت عن بكرة أبيها لتحتفل بيوم ليست له حكاية تاريخية موثقة وحقيقية؟!
لا يوجد أي منطق وطني أو قومي أو إقليمي أو دولي للاحتفال بعيد الحب.. فالمجتمعات التي تعاني من خلل اقتصادي لا يتسني لأفرادها الوقوع في الحب.. أو السعادة لو وقعوا فيه.. أو الاستمرار ولو كانوا سعداء به، كما أن مثل هذه المجتمعات يختلط فيها أنواع ومفاهيم الحب، وقد تختفي كلية أنواع أخري منه، فالحب العذري لا تعرفه مجتمعات الجريمة والجوع وأطفال الشوارع.. والزواج الرسمي القائم علي الحب العادي ليس له وجود في ظل أجيال تربت منذ صغرها وفي مراحل التعليم الأولي علي الزواج العرفي والعلاقات المتعددة، حتي ذلك العشق الجسدي المتاح والمباح والمتوافر والمتكرر لا يمكن صاحبه من التعرف بحق علي معني واضح للحب ولا علي حبيبة تظل في المخيلة والبال والقلب ليحتفل معها أو يتذكرها كل عام من نهاية النصف الأول لشهر فبراير.
لهذا يصبح عيد الحب في حكم الملغي مثله مثل كثير من مناسباتنا العجيبة كعيد الربيع مثلا؟ وأين هو الربيع في العالم كله، وقد تحول المناخ إلي جهنم طوال العام؟!
وحتي يكون عيد الحب منطقيا وحقيقيا فعلي المراكز الإحصائية أن تستطلع أعداد الذين احتفلوا به، وسوف نجد أن الأزواج لم يحتفلوا به مطلقا، أما الكذابون خفيفو الظل فسوف يقولون لك إن كل يوم يمر عليهم هو عيد الحب! أما الصادقون وهم الأقلون فسوف يسألونك يعني إيه حب؟!
وكيف يكون هناك عيد للحب في زمان ليس به حليم وأم كلثوم وعبدالوهاب وفايزة أحمد ونزار قباني وصمتت فيه نجاة وفيروز وشادية؟!
كيف نقيم احتفالية للحب وقد فشلنا في صنع أغنية عاطفية له، بل فشلنا في الحصول علي مطرب يغني حكاوينا وآهاتنا ويبكي بدلا منا ويعيد إلينا محبينا، نحن حتي لا نستطيع أن نخلق حكاية أسطورية عن حبيبين منا مثل حكاوي العشاق القدامي.. ففي زمان الجدب العاطفي تختفي الأعياد.
في كتابه الرائع في الحب.. والحب العذري يسوق المفكر والفيلسوف صادق جلال العظم فقرة عن أشباه المحبين - أمثالنا - في قوله: نلاحظ بدون أي عناء شبها آليا ومضحكا بين طرائق الحب التي يمارسها أشباه العشاق لأنهم يضعون موضع التجربة والتنفيذ بدون وعي وإدراك منهم فكرة مجردة مسبقة عن الحب بدلا من أن يسيروا علي هدي ما تمليه عليهم عواطفهم التلقائية بعفويتها وبساطتها، كما يفعل العشاق الأصليون دوما - عذريين كانوا أم لم يكونوا - ومن الصفات التي يتلبس بها العشاق الدونكيشوتيون وخاصة في مجتمع يسوده الكبت الشديد أنهم لا يقعون في الحب والهيام حين تسوق الأقدار المحبين المناسبين لهم ولميولهم، بل يخرجون خفية هائمين علي وجوههم يبحثون عن شخص يعشقونه، لذا كان بإمكان أي فتاة تقريبا أن تكون موضوعا مناسبا لحبهم وهيامهم حتي بدون علم منها، ولا غرابة إذن أن يفضل العاشق الدونكيشوتي صورة الحبيبة في مخيلته علي النظر إليها أو التحديق في عينيها مباشرة، وكلما أمعن في هذا الاتجاه ومدح الحب ورفع من أنه أصبح أكثر خجلا ووجلا وحيرة في حضرة النساء وخاصة الفاتنات منهن والمعشوقات، لذلك يفضل العاشق الدونكيشوتي صحبة المرأة الخجول الساذجة الجاهلة بأمور الدنيا والمجتمع لأنها لا تشكل تحديا مباشرا له ولا يضطر للتنافس مع الآخرين بصورة مكشوفة لكسب ودها وعواطفها إلي جانبه، بينما تجده يتوق في قرارة نفسه إلي صورة أخري رسمها في مخيلته عن المرأة الفاتنة الغانية اللعوب التي تسلبه رشده وتستحوذ علي قلبه وتنقله من عالم إلي عالم، ولكن إن هو واجه يوما مثل هذه الفتاة بلحمها ودمها خاف وابتعد وخلق لنفسه مئات الأعذار ليبرر انسحابه، إنه ليس أهلا للتحدي العاطفي الذي تمثله الفاتنة حسب ظنه، لا عجب إذاً إن تشبه العشاق الدونكيشوتيون بالحب العذري ووقعوا باستمرار في غرام نساء يتعذر الوصول إليهن لأسباب عديدة فيستمتعون عندئذ بالمأساة.
ولا ترجع أهمية كتاب صادق جلال العظم لكونه فقط كتابا يتحدث في الحب، بل لأنه فيلسوف ومفكر كبير، ولأنه ابن عالمنا الحديث فقد ولد عام 1934 أي أنه ليس من جيل أولئك الفلاسفة الأوائل والمفكرين الذين كتبوا عن الحب وأبدعوا مثل ابن حزم وكتابه طوق الحمامة أو أبوبكر السراج وكتابه مصارع العشاق.. أو الإمام ابن الجوزي في كتابه ذم الهوي.
وأهمية هذه الكتب قديمها وحديثها تعود لكونها لا تحتوي أي من فصولها علي موعد أو ميقات للحب، فقط تحدثت عن أهميته وشكله ورسالته ودوره ومعانيه لهذا نحن أيضا لا نحتفل مع المحتفلين بعيد الحب، لكننا نشارك الذين يحبون فرحتهم به ونواسي الذين قد فقدوا الأحبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.