حسام حسن، محمد أبوتريكة كلاهما أسطورة.. ولكن لكل أسطورة ظرفها الشخصى والتاريخى والزمنى.. تجمعها خطوط تماس ولكن هناك نقاط اختلاف فى كيفية وتوقيت صنع هذه الأسطورة. كلاهما أصبح أسطورة بموهبة تحدت نفسها وظروفها بعيدا عن قانون الواسطة والمحسوبية! كلاهما مثال لقيم إيجابية.. لم تتأكد عبر قيم المحيطين السلبية بهما، لكن الفرق الواضح بينهما يأتى فى الخارج، فإعلام التيار الدينى مضافا إليه الإعلام الرياضى الذى أصبح - فى أغلبه - يتحدث بخطاب دينى - استغل أبوتريكة واستثمر تدينه الطبيعى لتضخيم هذا الجانب على حساب موهبته وعطائه فى المستطيل الأخضر. حسام حسن حسنين مواليد حلوان فى 10 أغسطس 1966 - الطول 178سم. محمد محمد محمد أبوتريكة مواليد 7 نوفمبر قرية ناهيا محافظة الجيزة والطول 183سم. كلاهما ينتمى إلى القاعدة الكبرى من الشعب المصرى، حيث النشأة فى أسرة بسيطة والارتباط الشديد بفكرة العائلة والإيمان بأن الصعود والنجاح لا يأتى إلا من خلال الموهبة والعمل والاجتهاد وهذه قيم غابت ولم تعد سائدة الآن. مسيرة حسام حسن شهدت انتقالات كثيرة ومرت بمراحل انقلابية.. والغريب أنه مع كل مرحلة أو انتقال يثبت ذاته من جديد كما يثبت أن إرادته أقوى من اسم النادى الذى ينتمى إليه.. الأهلى المحطة الأولى استقر فيها حسام منذ عام 85 إلى عام .90 وخلال هذه الفترة اشترك فى 81 مباراة وأحرز 34 هدفا، ثم كانت محطته الثانية فى اليونان مع نادى باوك فى تجربة لم تكتمل ولكنه شارك فى 19 مباراة وأحرز 5 أهداف وبعدها مباشرة انتقل إلى نادى نيوشاتيل السويسرى ولعب 11 مباراة وأحرز سبعة أهداف ولكنه لم يحتمل الغربة والابتعاد عن مصر فعاد مرة أخرى إلى الأهلى، واستمر حتى عام 99 وشارك فى 143 مباراة وأحرز 83 هدفا. ثم عاد من جديد (لرحلة) الانتقالات وكانت محطته فى نادى العين الإماراتى ولعب 5 مباريات وأحرز 3 أهداف ثم عاد سريعا ليبدأ من جديد فى نادى الزمالك وكان ذلك بمثابة عودة الروح، فقد لعب مع الزمالك 86 مباراة وأحرز 40 هدفا ثم ذهب إلى المصرى لمدة عامين أحرز خلالهما 18 هدفا ثم لعب للترسانة والاتحاد السكندرى. إنجازات حسام الرياضية متعددة وكثيرة ولكن أهمها أنه كان صاحب أغلى هدف فى تاريخ مصر الكروى الحديث، وهو هدف الجزائر الذى صعدت به مصر إلى كأس العالم 1990 حيث كان حسام ضمن هذا الفريق. وحصل حسام على لقب هداف بطولة كأس أمم أفريقيا عام 98 برصيد 7 أهداف.. حسام سجل اسمه ضمن ستة لاعبين فى الدورى المصرى على مدى تاريخه دخلوا نادى المائة هدف، فرصيده فى الأهداف 149 هدفا. أبوتريكة آثر الاستقرار ولم يكن هناك انتقال فى حياته سوى انتقال واحد قام بتغيير مساره وبداية نجوميته والظهور بصورة جديدة أمام الرأى العام عندما انتقل من نادى الترسانة إلى النادى الأهلى فى 2003 وخلال هذه السنوات السبع استطاع أن يحرز العديد من الأهداف والبطولات داخل الملعب وخارجه! شهرة أبوتريكة وتأكيد نجوميته وموهبته بدأت مع الأهلى وتأكدت مع المنتخب المصرى فى بطولتى أفريقيا 2006 و,2008 حيث كان صاحب هدف الفوز بالبطولة فى المرتين، كما كان صاحب الهدف المؤثر بالنسبة للأهلى فى نهاية دورى أبطال أفريقيا مع الصفاقسى التونسى فى الوقت بدل الضائع. حسام حسن، وأبوتريكة نموذجان للرياضى الحقيقى، ولكن أسطورة حسام بنيت على الموهبة والجهد الذاتى وأن قيمة الإنسان بعمله، أما أسطورة أبوتريكة فقد تناولها الإعلام الدينى والرياضى بهالة الالتزام، وكأنهم يختزلون موهبته ومجهوده واجتهاده وعطاؤه فى أنه رجل الأخلاق، والدليل أن الألقاب التى حصل عليها حسام العميد.. كبير الهدافين هى ألقاب تؤكد الإنجاز. أما ألقاب أبوتريكة تاجر السعادة - الساحر حبيب والديه - النجم الخلوق فهى تحمل أشياء معنوية وجماهيرية.. والمؤكد أن تصوير الإعلام لأبوتريكة باعتباره الرياضى الخلوق المتدين الملتزم أسعده. هل كان عليه أن يرفض هذا التصور؟..أم أنه ذكاء الاستغلال. لقد قام الإعلام الرياضى - المتوازى مع الإعلام الدينى بتضخيم هذه الصورة لدرجة أن مدحت شلبى - أحد الدعاة الرياضيين الجدد - كان تعليقه على إشارة أبوتريكة بعد إحرازه هدفا فى مباراة رواندا والتى كان يقول فيها حسبى الله ونعم الوكيل - قال شلبى: بتدعى على مين يا تريكة.. اللى يدعى عليه أبوتريكة مايكسبش أبدا!! وإذا كان أبوتريكة لا يلام على سلوكه الرياضى والتزامه الرياضى الذى لا يتعارض مع الالتزام الدينى، فإن هذا ما ينطبق على حسام حسن لأن الأصل فى الدين كما فى الرياضة الالتزام والأخلاق ولكن الخطورة عندما نحول كل تفوق إلى الالتزام الدينى وليس لقيم العمل والإرادة والاجتهاد وهى من ثوابت الدين، فلم نسمع عن حسام رغم عدم إلصاق الالتزام الدينى به، أى فعل شائن أخلاقى.. فهو يستخدم الدين ولم يتهم بسلوك مشين.. حسام حسن نموذج لفكرة الاجتهاد والعمل ولا شىء آخر، وبالتالى فهو لايجيد العلاقات العامة ويضع نفسه دائما فى موقف التحدى ولهذا فهو دائم المواجهة والاعتراف ودخل فى معارك ومواجهات مع مراكز قوى لايقوى غيره على معاداتها، بل قد يكون من الذكاء عدم معاداتها.. بينما أبوتريكة يؤثر السلامة ويفضل الدبلوماسية ولم يهاجم أبدا ولم تطاله أى سلبيات لأنه محصن بفكرة الالتزام والأخلاق وهذا هو الطبيعى فى الرياضى تحديدا، ولكن الإعلام يقوم بالتضخيم إلى درجة تحويل البشر إلى أولياء الله الصالحين!! ومؤكد أن التزام أبوتريكة الرياضى وموهبته سبب صعوده ولكنه ارتضى أن يكون التزامه الدينى هو السبب الرئيسى لنجوميته.