طبقا لتقرير الأبواب المفتوحة ,2009 وهو التقرير السنوى عن الطلبة الأجانب الذى يصدره معهد التعليم الدولى برعاية مكتب الشئون الثقافية والتعليمية بوزارة الخارجية الأمريكية، فإن عدد الطلبة المصريين الملتحقين بمؤسسات التعليم العالى بالولاياتالمتحدة زاد من 766,1 إلى 915,1 طالبا، أى بنسبة 8,4% خلال العام الدراسى 2007-.2008 وهذا هو العام الثالث على التوالى الذى يشهد زيادة فى عدد الطلبة المصريين فى الولاياتالمتحدة. ولاشك أن الاستفادة من هذه الأبواب المفتوحة أمر إيجابى ويستحق التشجيع، لأن التعلم فى أمريكا هو الاستعداد للمستقبل، وزيادة عدد الطلاب الذين يدرسون فى الجامعات الأمريكية يجب أن يكون هدفا نتكاتف جميعا لتحقيقه، بل نضحى من أجل تحقيقه. لكن من الضرورى أن نضع هذه الحقيقة فى إطار إقليمى يساعدنا على أن نقارن بين استفادتنا واستفادة غيرنا من هذه الأبواب المفتوحة. لابد أن نقارن أعداد أبنائنا وبناتنا فى مؤسسات التعليم العالى الأمريكية بأعداد نظرائهم من الإسرائيليين، فى إطار الصورة العامة للتعليم فى البلدين على اعتبار أن التنافس بيننا وبين مختلف القوى الإقليمية، وخاصة إسرائيل، مستمر ومرشح للتصاعد، وهو تنافس علمى وشريف، أو هكذا نريده، على أية حال. ارتفع معدل النمو فى أعداد الطلبة الإسرائيليين الملتحقين بمؤسسات التعليم العالى فى العام 2007-2008 ليصل إلى 263584 يقابلهم دارسون فى الولاياتالمتحدة بلغ عددهم .3004 وعندنا الآن حوالى المليونين فى الجامعات والمعاهد العليا، أى حوالى ثمانية أضعاف نظرائهم فى إسرائيل، لكن أبناءنا وبناتنا الذين يدرسون فى مؤسسات التعليم العالى فى الولاياتالمتحدة لا يبلغون ثلثى نظرائهم الإسرائيليين. وقبل أن نبدأ فى البحث عن الأسباب أقول إن معظم الدارسين الإسرائيليين فى الولاياتالمتحدة يفعلون ذلك على حسابهم الخاص. فهل يقدر الشباب المصرى على أن يدبر أموره ويسافر إلى أمريكا؟! متوسط دخل الفرد فى إسرائيل 28365 دولارا سنويا وهو بذلك الرابع، من حيث الترتيب، بعد قطر والإمارات والكويت، ويقابله فى مصر 2161 دولارا سنويا، فى المرتبة قبل الأخيرة بين دول الإقليم، ولا يأتى بعدنا إلا اليمن بحوالى 1182 دولارا سنويا. وهذا يعنى أن أوضاعنا الاقتصادية لا تجعل من السهل على الشاب أن يسافر إلى أمريكا طلبا للعلم على حسابه، خاصة أن المنح المتاحة لا تكفى لتحقيق المستوى التنافسى الذى ننشده. لابد أن تبذل الدولة كل جهد ممكن لإرسال طلاب المستوى الجامعى وما بعد الجامعى على حسابها إلى أمريكا، ولابد أن ينشط رجال الأعمال أيضا ويرسلوا إلى أمريكا مهندسى المستقبل ومحاسبى المستقبل، وكل التخصصات التى ستعمل فى خدمة مشروعاتهم التجارية وفى خدمة بلادنا. بل إنى أشجع كل أب مقتدر على أن يرسل ابنه للتعلم فى أمريكا فهذا أفضل، بما لا يقاس، من إرساله للجامعات الخاصة فى مصر، التى تنقل قشرة الحضارة فقط للأسف، وتكلف الآباء مبالغ قد تقترب من كلفة إرسال الأبناء إلى الخارج، خاصة إذا أضفنا لنفقات التعليم فى جامعاتنا الشيك الدروس الخصوصية ولوازم المنظرة، وفى مقدمتها العربات الفخمة ومصروف الجيب الكبير، مقارنة بحياة تقشف يمكن أن يفرضها الأب على ابنه المسافر، ومن ضمنها أن يعمل الابن خمسا وعشرين ساعة أسبوعيا هناك ليساعد نفسه ويخفف العبء عن أبيه. تبقى نقطتان: لماذا لا أقارن بين طلابنا فى أمريكا، من حيث العدد، وبين طلاب الخليج؟ لأننا نتكامل مع منطقة الخليج، أما إسرائيل فهى تتصارع - ولا أقول تتنافس - إن سلما وإن حربا مع الجميع، والخريج المصرى سواء درس فى أمريكا أم فى مصر قد يعمل ويندمج فى أى دولة خليجية ودون تعقيدات غير عادية. النقطة الثانية هى أنى مهتم بقضايا الهجرة والتنمية البشرية وثيقة الصلة بها، وحتى إذا أرسلنا شابا ليتعلم فى أمريكا وقرر البقاء هناك فتصدير عمالة عالية التأهيل وعالية الأجر والمكانة أجدى لبلادنا وللعالم من تصدير عمال البناء. أبواب الجامعات فى أمريكا مفتوحة للجميع ويجب أن نسابق الآخرين فى الدخول إلى ساحات العلم.