منذ أكثر من عشر سنوات بدأت وزارة الخارجية الأمريكية فى إصدار تقارير حول الحريات الدينية فى العالم، ومنذ ذلك الحين تجد مصر نفسها ضمن القائمة السوداء للدول المتهمة بتقييد الحريات الدينية. وجاء الجزء الخاص بمصر فى تقرير هذا العام 2009 فى أكثر من 500,12 كلمة، علماً بأنه لم يحمل جديداً، فلا تزال مصر متهمة باضطهاد المسيحيين وممارسة التمييز ضد البهائيين، كما تضمن التقرير ادعاءات مغلوطة ومحاولة لتوظيف بعض المواقف والإجراءات توظيفا طائفياً مما يسىء لسمعة مصر فى الخارج ووضعها تحت المراقبة الدولية. وكما ننكر الاتهامات الصادرة عن واشنطن يتكرر رفض مصر لتلك الاتهامات باعتبار أن قوى خارجية تستخدم ما يجرى داخل مصر لخدمة أهداف بعينها، وأنه ليس من حق الخارجية الأمريكية أو غيرها التدخل فى الشئون الداخلية لمصر.. فمصر واحدة من أهم الدول التى تحرص على حقوق المواطن فيما يتعلق بالأديان ورفض التمييز مقارنة بالعديد من دول أوروبية وأمريكا نفسها. وأغرب ما جاء فى التقرير هو ادعاء الخارجية الأمريكية وجود دوافع طائفية وراء الحملة التى قامت بها الحكومة لقتل الخنازير خوفاً من انتشار أنفلونزا الخنازير، وأن هذه الحملة كان لها مردود اقتصادى قاس على الأسر المسيحية. ولكن ما جاء بالتقرير فى هذا الشأن يعكس جهلاً بحقيقة الأوضاع فى مصر، ويعتبر سخيفاً وغير مقبول على الإطلاق؛ فلا يمكن لأحد أن يتصور أن قتل الخنازير له دوافع دينية لأنه رد فعل طبيعى للتعامل مع الوباء وما لا تعلمه الخارجية الأمريكية هو أن الأقباط فى مصر وافقوا على عملية ذبح الخنازير خوفاً من انتشار المرض، وأن المعلومات التى تحصل عليها من بعض المقيمين بها غير صحيحة ومرفوضة شكلاً وموضوعاً.. .. والمعروف أن حرارة تقارير واشنطن ترتفع وتنخفض طبقاً لحالة العلاقات مع الدول التى تضمها تلك التقارير، ولكن يبدو أن الأجواء التى نشرتها إدارة الرئيس أوباما كان لها أثر كبير على تقرير هذا العام، فقد أشار إلى بعض التطورات التى يعتبرونها إيجابية والتى أرجو أن تكون بداية مرحلة جديدة تتوقف فيها الولاياتالمتحدة عن إصدار مثل هذه التقارير التى تعتبر تدخلاً سافراً فى شئون الدول الأخرى وألا تجعل مثل هذه التقارير سيوفا مسلطة على رقاب الدول التى لا تسير فى ركاب سياستها.؟