"الصحة" تواصل تقييم أداء القيادات الصحية بالمحافظات لضمان الكفاءة وتحقيق الأهداف    رئيس الوزراء يتابع تطوير منظومة الري لزراعة قصب السكر.. ترشيد المياه وزيادة الإنتاجية على رأس الأولويات    «صور مضروبة».. كيف خدع «شاومينج» طلاب الثانوية العامة؟.. وزارة التعليم تفضح مجموعات الغش    غدا.. انطلاق المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية في دورته 47 في مسرح السامر بالعجوزة    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو أول أيام شهر المحرم وبداية العام الهجري 1447    رئيس القومي للطفولة والأمومة تستقبل الرئيس السابق لجمهورية مالطا    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    محافظ المنوفية يستقبل السفيرة نبيلة مكرم على هامش اطلاق القافلة التنموية الشاملة بالشهداء    إيران تطالب مجلس الأمن بإدانة العدوان الإسرائيلي    لبنان: وصول أول طائرة تابعة للخطوط العراقية قادمة من البصرة    الجيش الإسرائيلى يعلن مقتل رئيس الأركان الجديد فى إيران على شادمانى    «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 3 محافظات    متابعة مكثفة لامتحانات الثانوية الأزهرية بمطروح: جولات تفقدية لضمان الانضباط والشفافية    ضبط 300 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة في القاهرة    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    محافظ أسيوط يفتتح معرض فنى لتدوير المخلفات البيئية    وزير الزراعة: المتحف الزراعى يقدم صورة مشرفة للتراث المصرى    أسعار النفط تقفز 1% مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    الصحة: لجنة تقييم أداء مديري ووكلاء المديريات تواصل إجراء المقابلات الشخصية للمرشحين للمناصب القيادية لليوم الثاني    معهد تيودور بلهارس ينظم الملتقى العلمى 13 لأمراض الجهاز الهضمى والكبد    عميد طب قصر العينى يستقبل سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية لتعزيز التعاون    ورشة تدريبية متخصصة حول الإسعافات الأولية بجامعة قناة السويس    رئيس الأوبرا يشهد احتفالية ذكرى دخول المسيح مصر (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    تنسيق الجامعات.. برنامج هندسة الاتصالات والمعلومات بجامعة حلوان    إعلام عبري: إيران أطلقت على إسرائيل 380 صاروخا باليستيًا عبر 15 هجوما    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 يونيو والقنوات الناقلة    18 ألف طالب يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الثانية للثانوية العامة بقنا    قبل موقعة الحسم.. الأهلي يتدارك أخطاء إنتر ميامي استعدادًا لبالميراس    تشكيل الهلال المتوقع أمام ريال مدريد في كأس العالم للأندية    الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال رئيس هيئة أركان الحرب في إيران    ابن النصابة، تعرف على تفاصيل شخصية كندة علوش في أحدث أعمالها    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لمنزل الزعيم عادل إمام    تراجع في 3 بنوك.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الثلاثاء    بالميراس بكامل قوته أمام الأهلي.. تغييرات هجومية منتظرة في موقعة نيو جيرسي    توافد الطلاب على لجان الثانوية العامة بالمنيا لأداء امتحان اللغة الأجنبية الثانية    طقس اليوم الثلاثاء.. استمرار انخفاض الحرارة والأمطار تعود للسواحل المصرية    انتشار أمني بمحيط مدارس 6 أكتوبر لتأمين امتحان اللغة الأجنبية الثانية للتانوية العامة    تغييران منتظران في تشكيل الأهلي أمام بالميراس    «سكاي أبوظبي»: 240 مليار جنيه مبيعات مشروع «رأس الحكمة»    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    رئيس «صحة النواب» ينتقد غياب التنسيق الحكومي: «عندنا وزارات مبتكلمش بعض»    جهاز منتخب مصر يشيد بالشناوي ويدعم تريزيجيه قبل مواجهة بالميراس في كأس العالم للأندية    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    وزير الدفاع الأمريكي يوجه البنتاجون بنشر قدرات إضافية في الشرق الأوسط    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    «إرث الكرة المصرية».. وزير الرياضة يتغنى ب الأهلي والخطيب    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    مصرع شاب غرقا فى مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ وإنقاذ اثنين آخرين    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    «إسرائيل انخدعت وضربتها».. إيران: صنعنا أهدافا عسكرية مزيفة للتمويه    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيروت.. عش الجواسيس

العاصمة اللبنانية بيروت تعيش حاليا فى قلب الحرب الاستخبارية، التى انخرطت فيها الأجهزة الأمنية للعديد من الجهات: سوريا وحزب الله والموساد، إضافة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والكثير من الأجهزة الغربية الأخرى.
ومن المعروف أن أحداث الحرب الباردة دارت فصولها فى العاصمة الألمانية برلين، لكن هذه الحرب غير الشرعية تسيطر وقائعها بمنطقة الشرق الأوسط وساحتها هى مدينة بيروت اللبنانية، وبها يجول جواسيس الغرب وعملاء إيران، ورجال المخابرات السورية ومسلحو حزب الله، وأفراد الموساد ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والكثير غيرهم، يخوضون حربا مبهمة، يتم التهليل للانتصارات فى جولاتها، ولكن يتم التكتم فيما يخص إخفاقاتها وكبواتها، فلا يتحدث أى منهم عن هزائمه علنا.
وخلال هذه الحرب التى يطلق عليها مجازا "حرب الظل" تكبدت أجهزة المخابرات الإسرائيلية هذا العام فى لبنان واحدة من أكبر نكساتها فى تاريخها، والأمر يتعلق بتفكيك أكبر شبكة تجسس للموساد فى بلد عربى، والأرقام لم يسبق لها مثيل، فقد تم توجيه تهمة التجسس لحساب إسرائيل لأكثر من سبعين لبنانياً فى الأشهر الأخيرة، وتم اعتقال أربعين من المشتبه بهم، ولا تزال السلطات اللبنانية تبحث عن الثلاثين الآخرين. فيما تمكن بعض المشتبه بهم من الفرار، مستقلين طائرة إلى جهة مجهولة، أو أنهم عبروا الحدود بين البلدين اللذين لا يزالان فى حالة حرب منذ عام 1949 وغيرهم قد توقف عن نشاطه.
على عكس قصص أبطال روايات الجاسوسية من المشاهير، فإن أعضاء هذه الشبكات ينتمون إلى عالم أقل سحرا من حقل الاستخبارات، هو عالم الخلايا المجهولة المسئولة عن جمع معلومات مجزأة، وإعداد ملفات عن الهدف أو متابعة التحركات اليومية للعدو. من بين هؤلاء العملاء أشخاص ظلوا خاملين لأعوام عديدة متخللين بين جميع الطوائف اللبنانية "المسيحيين والسنة والشيعة بجنوب لبنان والبقاع والعاصمة بيروت".
اللواء "أشرف ريفى" - المدير العام لقوى الأمن الداخلى فى لبنان - والتى قامت باعتقال عدد كبير من الجواسيس أوضح للفيجارو الفرنسية قائلا: "كان بعضهم يعمل لحساب إسرائيل لسنوات بداية من عام 1980"، وأضاف: "لقد تم تجنيدهم بدوافع مختلفة، مالية أو أيديولوجية أو نفسية، بل كانت هناك حالات ابتزاز جنسى أو غير ذلك من طرق السيطرة على العملاء من قبل أجهزة المخابرات، ولكن العامل الأساسى لهذا التجنيد هو الاحتلال الإسرائيلى الطويل لجنوب لبنان، الذى كان سببا فى تهيئة الاتصال بين الإسرائيليين واللبنانيين، والذى جعل العلاقات فيما بينهم مقبولة بشكل ما".
ويعلق مصدر دبلوماسى غربى فى بيروت، قائلا للفيجارو الفرنسية: "من المحتمل أنه منذ فشل إسرائيل الجزئى الذى تكبدته خلال حرب 2006،ئ حيث كانوا يعتمدون خلالها على قدرتهم الجوية والتكنولوجية، فلقد طلب الإسرائيليون الكثير من شبكاتهم، مما جعلهم أكثر عرضة للمخاطر وذلك من أجل تجديد قوائم أهدافهم، ولكن هذه الاعتقالات هى أساسا ثمرة عمل لم يسبق له مثيل لقوات الأمن اللبنانية".
وكما هو الحال فى جميع هذه الحالات، فمن الصعب حل عقدة الرواية أو المسئول عن وقوع هذه الشبكة فى يد السلطات، ولاسيما فى لبنان، حيث إن حزب الله، الذى يشكل دولة داخل الدولة، ما زال قادرا على حماية أجهزة استخباراته من الاختراق ويتعاون أحيانا مع أجهزة الدولة اللبنانية التى لا تزال مليئة بوكلاء وضباط موالين لسوريا، ولكن يقودها منذ الانسحاب طائفة السنة الموالون للحريرى، بما فى ذلك قوات الأمن الداخلى.
ويستطرد الدبلوماسى بالقول: "مما لا شك فيه أن هناك عاملا محركا وهو بالتأكيد وعى حزب الله لمدى التغلغل الإسرائيلى". فحزب الله هو تنظيم كتوم ومبهم، أسس أمنه على تجنيد الكوادر الشيعية، ولقد تعرض فى شهر فبراير عام 2008،ئ إلى حادث مؤلم مع اغتيال قائد جناحه العسكرى، عماد مغنية فى دمشق، وينسب هذا الهجوم إلى الموساد، ومنذ ذلك الحين بدأ عمل الحركة ضد التجسس.
فى نهاية عام 2008،ئ بدأت أعمال الاعتقالات الأولى، ففى شهر نوفمبر تم القبض على أخوين من السنة على يد حزب الله. ولقد تم توجيه تهمة التجسس لحساب إسرائيل لمدة عشرين عاما إلى يوسف وعلى جراح، المنحدرين أصلا من بلدة المرج فى البقاع. ولقد تم العثور فى حوزتهم على معدات للتصوير الفوتوغرافى والفيديو، ونظام تحديد المواقع مخبأ فى سيارتهم، وكانت السيارة مجهزة لالتقاط الصور، وكثيرا ما كانت تصطف عند نقطة حدودية على الطريق السريع بين بيروت ودمشق، الذى يمر عبره مسئولو حزب الله. ولقد توجه على جراح، الذى يحمل جواز سفر إسرائيليا، إلى إسرائيل عبر قبرص أو الأردن للاطلاع والتدريب ووفقا لمصادر لبنانية قد تم إرساله للاستطلاع إلى حى دمشق حيث اغتيل مغنية.
وفى شهر يناير لعام 2009،ئ أسر حزب الله اثنين آخرين من المشتبه بهم، واختطف "جوزيف صدر" وهو عامل فى مطار بيروت، وهو فى طريقه إلى العمل. وعند استجوابه اعترف بأنه كان يعمل فى المطار الذى يمر عبره مبعوثون ودبلوماسيون من كل أنحاء الشرق الأوسط. أما العميل الرابع الذى اعتقله حزب الله، فهو من مدينة النبطية الشيعية فى جنوب لبنان، ويدعى "مروان فقير"، وكان وكيل سيارات، يقوم بتجهيز المركبات للحركة الشيعية. ولقد استخدم مهاراته لتثبيت أجهزة التتبع على السيارات التى يقدمها له الحزب بهدف إصلاحها، هذه الحالات ما هى إلا تمهيد لحملة اعتقال واسعة، تتبعها أجهزة الاستخبارات اللبنانية.
وفى مايو 2009 بدأت الاعتقالات، فلقد تم استجواب الجنرال "أديب علام"، وهو ضابط مسيحى متقاعد، كان يعمل سابقا فى مديرية الاستخبارات العسكرية، مع زوجته وأحد أقربائه.
ووفقا لوسائل الإعلام اللبنانية نقلت الفيجارو أنه قد اعترف بأن المخابرات الإسرائيلية قد جندته فى عام 1998،ئ فلقد أقنعه الموظفون بالمخابرات الإسرائيلية بالتقاعد للبدء فى العمل فى وكالة للتوظيف المحلى الآسيوية، وبفضل هذه التغطية كان "علام" يسافر إلى اليونان وقبرص وإيطاليا، حيث التقى بضباط المخابرات الإسرائيلية. وكان قد قدم معلومات عن حزب الله والحركات الداخلية للجيش اللبنانى، كما أنه قد وصل إلى إدارة الجوازات، وهى تعد مصدرا رئيسيا للمعلومات.
وفى المقابل، تم الضغط على "منصور دياب"، وهو عقيد سنى ولد فى عكار بشمال لبنان، للاعتراف بأن له صلة مع إسرائيل. فهذا الكوماندوز البحرى كان واحدا من الأبطال الذين اقتحموا مخيما للاجئين فى مخيم نهر البارد، وأصيب فى كتفه خلال الهجوم الذى وقع فى صيف عام 2007 ،ولقد جنده الموساد خلال فترة تدريبه بالولايات المتحدة الأمريكية، كما تم اعتقال ضابط آخر برتبة عقيد، يدعى "شهيد تومية"، ولد أيضا فى عكار، وكان بصحبة أحد المتقاعدين من الجمارك. ثم تم القبض على "نادر ناصر"، المشتبه بقيامه بتنظيم مراقبة حى الضاحية، معقل حزب الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت والتى دمرها القصف الإسرائيلى بدرجة عالية من الدقة فى عام 2006 .
خلايا التجسس كانت تضم شخصين أو ثلاثة أشخاص، وكان هؤلاء الأشخاص يعملون بشكل مستقل ومنفصل، ولا يعرفون بعضهم البعض. ولقد فسر الجنرال "ريفى" قائلا: "لقد نجحنا فى اختراق تقنية سرية، الأمر الذى سمح لنا بالكشف عن هذه الخلايا، ولقد بعث بعضهم برسائل إلى الضباط الإسرائيليين الذين دربوهم ليخبروهم بأنهم شعروا أنه تم تحديدهم، ولقد تم الرد عليهم بأنه لا ينبغى عليهم أن يقلقوا، ورغم ذلك بدأت الاعتقالات بين صفوفهم، فيما توقف أولئك الذين تمكنوا من الفرار عن ممارسة نشاطاتهم".
ويقول مصدر دبلوماسى فى بيروت للفيجارو الفرنسية إن "التحقيقات فى قضية اغتيال رفيق الحريرى مكنت أجهزة الاستخبارات الغربية من الاستعانة بمجموعة برامج قوية قادرة على تحليل عشرات الآلاف من المكالمات الهاتفية، والكشف عن الحالات الشاذة، مثل الهواتف النقالة التى يتم تنشيطها فى أوقات معينة، أو التى لا تتصل إلا برقم أو رقمين فقط، وهى أداة استثنائية فى التحقيق" والمسئول عن هذا البرنامج هو ضابط معروف متخصص فى أنظمة الكمبيوتر، وهو النقيب وسام عيد.ويضيف المصدر اللبنانى، الذى لم يرغب فى الكشف عن نفسه أنه "من المرجح أنه اكتشف أشياء كثيرة من خلال هذا البرنامج، خاصة اتصالات حزب الله".. فهل يعلم الكابتن عيد الكثير عن هذه البرامج؟ وهل اكتشف تورط حزب الله فى الهجوم الذى وقع ضد رفيق الحريرى؟
يبقى أن يوم 25 يناير 2008 هو تاريخ تفجير سيارة الراحل رفيق الحريرى المصفحة من خلال سيارة ملغومة أدت إلى مصرعه على الفور. ومنذ ذلك الحين، سمح للنظام اللبنانى أن يصعد من تحضيراته ويحصد مكاسب كثيرة، موجها واحدة من أقوى الضربات لإسرائيل فى الحرب الدائرة حاليا بدون أبطال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.