سؤال بسيط جدا ومن المفترض أن تكون إجابته أبسط: من أولى بتبرعات المصريين؟.. إذا ظننتم أن الإجابة البديهية هى فقراء المصريين فيؤسفنا أن نبلغكم بأن لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء المصرية لديها رأى مخالف. ففى الوقت الذى يزداد فيه التوجه المجتمعى نحو التبرع وفعل الخير، سواء فى شهر رمضان الكريم أو فى غيره من الشهور، يزداد توجه اللجنة المصرية فى دعم غير المصريين ، وتجاهل ملايين المصريين المستحقين لأموال الإغاثة لأن اللجنة تفضل أن تكون مساعداتها عبر الحدود، لأشقاء لا نشك لحظة فى أن ظروفهم المعيشية صعبة وتحتاج لهذا العون، لكن هناك فى مصر من هم أكثر احتياجا.. خاصة إذا كانت هذه الأموال موجهة لتيارات بعينها. لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء استطاعت فى العام الماضى وحده جمع ما يزيد على 71 مليون جنيه من تبرعات المصريين، قامت بصرف ما يقرب من 2 مليون جنيه فقط فى مصر وباقى الأموال تم تحويلها فى شكل تبرعات لفلسطين، وتحديدا، غزة، المنطقة التى تسيطر عليها حماس وكأنها دولة داخل الدولة، بالإضافة إلى العراق ولبنان والسودان والصومال والنيجر وكوسوفا وباكستان. الجزء الأكبر من أموال التبرعات المصرية كان لغزة بحجة أنها محاصرة حتى أن اللجنة كانت تجمع أموال كل المصريين بمن فيهم الفقراء أنفسهم؟ لتوجيهها إلى غزة ورغم أن اللجنة كانت فى الماضى تقوم بشراء المستلزمات الخاصة بالفقراء والمحتاجين والمرضى وتدفعها لهم بشكل عينى فإنها الآن تدفعها فى صورة دولارات. فوفق تصريحات الدكتور عبد القادر حجازى الأمين العام للجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء المصرية فإن عدد الشاحنات التى تم توصيلها إلى غزة فى وقت الحرب من بداية هذا العام بلغ أكثر من 02 شاحنة محملة بالأدوية والمواد الغذائية، وشاحنتين محملتين ب72 طنا من المواد الغذائية وأسرة للعناية المركزة وأدوية كما أن الدكتور عبد القادر حجازى تلقى خطاب شكر من مستشفى الوفاء التخصصى بقطاع غزة لتلقيه دعما ماليا من لجنة الإغاثة الإنسانية بلغ مائة ألف دولار وأكد أن اللجنة قدمت دعما ماليا لمستشفى الخليل من خلال جمعية أصدقاء المرضى بلغ 624 ألف دولار بهدف تقديم خدمات صحية مجانية للمرضى وبعدها قدمت اللجنة مساعدات عينية بلغت 052 ألف دولار بواقع 06 ألف دولار لمستشفى الوفاء للتأهيل الطبى و05 ألف دولار لجمعية المجاهد و02 ألف دولار لكل من مستشفى لجنة زكاة طول كرم ومستشفى الرازى بجنين والمستشفى الأهلى بالخليل ومستشفى الجمعية العلمية برام الله والقدس ومستشفيات جمعيات الإحسان الخيرية ودار السلام بخان يونس وأصدقاء المريض والاتحاد النسائى بنابلس وجمعية تعزيز العمل التطوعي بغزة. بعدها قدمت اللجنة دعما ماليا لمستشفى طول كرم ب02 ألف دولار لتوفير الكهرباء وشاركت اللجنة فى تجهيز 552 منزلا للأسر التى تهدمت منازلها فى مدينة جنين وشاركت اللجنة أيضا فى تجهيز 52 شقة.كما قدمت اللجنة 752 نظارة طبية لتلاميذ فلسطين فى غزة، وتحديدا فى مدارس حصين والقسطل والعباس بن عبدالمطلب وجعفر بن أبى طالب وسليمان سلطان وشهداء جباليا وابن حارثة وأسعد الصفطاوى وعبد الرحمن بن عوف وعبدالملك بن مروان وصبحى أبو كريشة. وفى تقرير نقابة الأطباء الذى صدر منذ أكثر من عام ونصف، والذى أعده الدكتور أسامة رسلان وقدمه للجمعية العمومية العادية، اعترف التقرير فى صفحة 53 بأن لجنة الإغاثة الإنسانية استطاعت جمع 61 مليون جنيه من تبرعات المواطنين للإغاثة الداخلية والخارجية وأكد التقرير أن اللجنة ساهمت فى تجهيز قوافل طبية تشمل أدوية ومستلزمات طبية للمساهمة فى رفع المعاناة عن الأشقاء الفلسطينيين بلغت 9 ملايين وأربعمائة وسبعة وأربعين ألفا وخمسمائة وثلاثة جنيهات أى أكثر من نصف التبرعات المصرية ذهبت إلى فلسطين وأكثر من 07٪ منها ذهب إلى غزة. اللجنة قدمت أيضا دعما للبنان بلغ مليونا وثمانمائة وتسعة وثمانين وأربعمائة وخمسين جنيها لا غير، عبارة عن مساهمات فى تجهيز قافلة طبية كما قدمت اللجنة مساعدات للسودان الشقيق بلغت 828 ألف جنيه وساهمت فى شراء أدوية ومستلزمات طبية إلى دولة باكستان بلغت 347 ألف جنيه وساهمت أيضا فى شراء أدوية ومستلزمات طبية لكوسوفا بمبلغ 141 ألف جنيه وساهمت اللجنة فى شراء أدوية ومستلزمات طبية بمبلغ 63 ألف جنيه للنيجر. أما على المستوى الداخلى فى مصر فقد ساهمت اللجنة بمبلغ 033 ألف جنيه فى الكوارث الطبيعية والحوادث وقامت بشراء 951 سماعة أذن للأطفال ضعاف السمع وشراء 29 طرفا صناعيا للمعاقين و26 مساهمة فى دراجة بخارية للمعاقين. المعروف أن لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء تم إنشاؤها منذ ما يقرب من 23 عاما داخل نقابة الأطباء للمساهمة فى إغاثة المحتاجين فى مصر. الدكتور نبيل فريد أستاذ الأمراض الباطنية يقول: كنت أول من قام بالمساهمة فى هذه اللجنة بالتبرعات وقمت بتشجيع المواطنين والأطباء بالتبرع للجنة منذ أكثر من 51 عاما، لكن بعد أن وجدت أنها خرجت عن الإطار الذى من أجله تم إنشاؤها رفضت التبرع لها، ففى الماضى كانت للجنة نشاطات مؤثرة داخل مصر فى مساعدة المنكوبين وتقديم يد العون للمرضى، فهى فى الأصل أنشئت لتقديم المستلزمات الطبية ومساهمات الأطباء فى علاج المرضى بالمجان وتقديم المعونة المالية لشراء ما يحتاجه المريض من أدوية وأدوات تعويضية وإجراء عمليات وغيرها لكن مع مرور الوقت وتغير الأيديولوجيات أصبحت اللجنة كل همها دعم المحتاجين فى كوسوفا وفى فلسطين وفى السودان وتأتى مصر فى ذيل القائمة. ويكمل د. نبيل: رغم أننى لم أكن ضد هذا إلا أننى أجد أن الأولى بالرعاية هم المواطنين المصريين خاصة عندما تجد أن اللجنة فى آخر تقرير حصلنا عليه استطاعت جمع مبلغ 61 مليون جنيه أنفقت منها 9 ملايين على فلسطين ومليونا ونصفا فى العراق ومليونا و008 ألف جنيه فى لبنان و007 ألف فى باكستان.. ثم كوسوفا، والنيجر وغيرهما حتى تصل فى النهاية إلي أن المبلغ الذى تم صرفه على المصريين لا يتعدى مليون جنيه مصرى، رغم أن هذه الأموال هى فى الأساس أموال المصريين وبالتالى ففقراء مصر أولى بها خاصة أن هناك مناطق فى المحافظات النائية لا يجد أهلها قوت يومهم ولا يجدون ما يدار بين أربعة جدران وكان أولى باللجنة أن تحدد هدفها بحيث تكون الأولوية لمصر ثم الخارج وأن تكون نسبة المشاركة الخارجية لا تزيد على 03٪ من حجم الأموال التى تحصل عليها أو تقوم بدعم الخارج من خلال الأطباء المتبرعين أو عن طريق التبرع بالمستلزمات الطبية التى تفيض من بعض المستشفيات والأطباء لكن ما يحدث الآن هو العكس.. حاولنا مرارا وتكرارا أن نلفت نظر مجلس النقابة، لكن لا حياة لمن تنادى وأغلب الأطباء يعرفون ذلك ولا يستطيع أحد أن يتكلم ويضيف الدكتور نبيل: لو أجريت الانتخابات فى نقابة الأطباء وجاء تيار مخالف للتيار الذى يسيطر عليها الآن فسوف يختلف الوضع نهائيا، مع العلم أننا لسنا ضد عمل اللجنة أو نشاطها، وإنما فقط نحاول أن نوجه نظرها ونظر القائمين عليها حاليا، لضرورة أن يكون الاهتمام بفقراء مصر ومحتاجيها أولا ثم بعد ذلك نوجه جهودنا للخارج. من جهته أكد الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء أن لجنة الإغاثة الإنسانية إحدى لجان النقابة التى تعمل تحت مظلة القانون وكل أعمالها معلنة وهى تخدم النشاط الإنسانى فى كل مكان سواء فى مصر أو غيرها من الدول التى تقع فيها كوارث ولم تتلق أى مخالفات من أى جهة ضد هذه اللجنة. وأكد أن اللجنة قدمت أعمالا خيرية كبيرة يشهد لها الجميع سواء فى مصر أو فى الخارج خاصة فى مجال الكوارث الإنسانية.