فى كل بلاد العالم المتحضرة والمحترمة يعرف المسئولون قيمة احترام النفس ونعمة الإحساس وفضيلة المحاسبة وأن تبقى لهم عند شعوبهم ذكرى طيبة.. على الأقل أنهم تركوا مواقعهم واستقالوا كأول رد فعل طبيعى بعد أى حادث تقع فيه ضحايا وتزهق فيه أرواح. وفى «مجزرة بورسعيد» وقعت واحدة من أسوأ الكوارث فى كل التاريخ الحديث فى مصر حيث استشهد 37 من خيرة شباب الوطن وأصيب المئات وكثير منهم فى حالات خطرة الأمر الذى يؤكد أن عدد «الشهداء» قد يزداد خلال الساعات والأيام القليلة القادمة. بعد الحادث جاءت التصريحات المتكررة والمملة والتى تحمل نفس الاستهانة بالأرواح.. نفس السماح ل «المؤامرات» باختراق مصر .. نفس الكلام «البارد» عن التعازى ولجان تقصى الحقائق و«التعويضات» وكأن من يتحدثون «سماسرة» لإثارة شعب، روح مواطن فيه أثمن من كل كنوز الدنيا. لقد تضاعف حجم الكارثة مرتين.. الأولى عندما تم إطفاء الأنوار ل«جزر» و«ذبح» شباب الألتراس فى ذكرى ونفس يوم موقعة الجمل التى تصدى فيها هؤلاء الشباب ورفاقهم لعصابات مبارك.. والثانية بما بدا من رد فعل مسئولين بدا عليهم الضعف والارتباك وتبادل إلقاء الاتهامات حتى انحصرت الإجراءات فى إقالة محافظ واحتجاز بضعة مسئولين أمنيين. كنا نتوقع أن يبادر المسئولون إلى الاستقالة الفورية من مناصبهم. فمن عجز عن حفظ الأمن ،ومن ترك الأوضاع تتداعى من «مجزرة ماسبيرو» إلى «محمد محمود» إلى «أحداث قصر العينى».. ومن تغافل عن خطورة مايحدث انشغل عن حماية أمن بلد عظيم مثل مصر تاركا الشارع والمواطن والرعب. كل هؤلاء ولكل مسئول فشل فى مهمته نسأله: لماذا لا يستقيل المسئولون فى مصر؟ بينما يُقدم أمثالهم فى كل دول العالم الحر على الانتحار أو على الأقل الاستقالة عند حدوث أى كارثة! روزاليوسف