كان من المنتظر أن تطهر الثورة السينما المصرية كما طهرت المجتمع من الفساد إلا أن هذا لم يحدث. خذلتنا السينما بتقديم أفلام أكثر سوءً وإسفافاً والتى لا تليق أبداً بحجم وقيمة الثورة. كنا نتوقع بعد مرور عام على الثورة أن نرى أفلاماً تخاطب عقل المجتمع وترتقى بفكره وذوقه بعد أن تم تدميرهما على أيدى النظام السابق إلا أن ماحدث كان العكس ورأينا أفلاماً مسفة ومبتذلة فاقت سوء الأفلام التى تم تقديمها من قبل فهل يقبل أن نرى بعد الثورة أفلاماً مثل (شارع الهرم)، (أنا بضيع يا وديع)، (تك تك بوم)، (يا أنا يا هو)، (سيما على بابا)، (واحد صحيح)، (ريكلام)، (على واحدة ونصف)، (البار) وكلها أفلام تخاطب الغريزة وتسطح العقل. الثورة ليس أبداً معناها أن نعيش فى فوضى أخلاقية سينمائية وليس أبداً معناها أن نقدم أفلاماً تخدش الحياء وتؤذى بصر وسمع المجتمع وإنما الثورة معناها حماية الأخلاق وحماية المجتمع حتى لو كان بعض المنتجين المتاجرين يستخدمون كلمة (للكبار فقط) ككلمة مطاطة يخبئون خلفها أفلامهم المسفة فقد رأينا قبل الثورة أفلاما كثيرة (للكبار فقط) لم تخدش أبداً الحياء ولم تحطم جدار الأخلاق المجتمعى، بل وصل الأمر بها أنها لا تحتوى على مشهد جنسى واحد وإنما وضعت كلمة (للكبار فقط) لجراءة أفكارها التى كانت غريبة على المجتمع وإن كان هذا لا ينفى أنه كان قبل الثورة أفلام أخرى تقترن بكلمة (للكبار فقط) وكانت أكثر إسفافاً وابتذالاً تمنينا أن تطهرنا منها الثورة. الجمهور المحترم الذى فقد ثقته فى السينما المصرية قبل الثورة لعدم مصداقيتها آن الأوان أن ترده السينما إلى حضنها مرة أخرى لتأكيد مصداقيتها فى محتواها الفنى التى تقدمه له والتى تحترم فيه عقله ومشاعره وأخلاقياته. عام كامل مر على الثورة ومازالت السينما «محلك سر» إن لم تكن. صحيح أن الأمر يحتاج إلى معادلة صعبة طرفها المنتج والجمهور، فالمنتج الذى نطالبه بسياسة التغيير ورسم خريطة جديدة محترمة للسينما نضعه فى خندق المغامرة والمجاذفة بأمواله فالرهان على الجمهور فيما يتعلق بالسينما المحترمة الجادة فى هذا التوقيت سيكون خاسرًا، وأما بالنسبة للجمهور فهو يحتاج إلى مزيد من الوقت لتنمية وعيه وفكره كى يتقبل ويسعى لهذه النوعية من السينما.. الأمر شائك، ولكن علينا أن يكون أمامنا هدف واحد فقط هو تطهير السينما المصرية وأن نقدم أفلاماً تليق بحجم ثورتنا العظيمة خاصة أن هناك نوعية من الشباب التى بدأت تظهر على سطح المجتمع ترفض هذه النوعية لدرجة أنه لأول مرة بعد الثورة يطالب الشباب بعدم عرض فيلم من هذه النوعية وهو فيلم (ريكلام) بطولة «غادة عبدالرازق» قبل عرضه لما يحمله من مشاهد غرائزية مثيرة اعتادت بطلته على تقديمها فى كل أعمالها كذلك فيلم (على واحدة ونص) الذى يعتبر دعاية جنسية لبطلته راقصة الدرجة الثالثة والتى خرجت من علب الليل للسينما مباشرة لتقدم أفلام العرى واللحم الرخيص. السؤال هنا كيف خرجت هذه النوعية من الأفلام بعد الثورة من جهاز الرقابة ؟ وكيف سمح لها أصحابها بالعرض؟ أم أن الثورة لم تصل إلى جهاز الرقابة بعد؟ «رفيق الصبان» طالب بضرورة إحداث ثورة تطهير للسينما المصرية التى قدمت أفلاماً لا تليق بالثورة ووصفها بأنها مازالت تعيش حالة من الغيبوبة التى كانت سائدة مع النظام السابق وتسير على نفس المنهج القديم فى بث أفكار رخيصة تعمل على تغييب المواطنين عن الواقع الذى يعيشون فيه. وأكد أن المواسم التى شهدتها السينما المصرية بعد اندلاع الثورة نالت استنكار المجتمع بسبب كم الإسفاف والابتذال الذى تناولته هذه الأفلام وخاصة فيلم «شارع الهرم».. مشيرا إلى أن هذا الفيلم لا يمكن تقييمه بمعايير السينما، لعدم احتوائه على المعايير الأساسية للعناصر السينمائية مثل الإخراج والسيناريو والتمثيل. نفس المستوى من الابتذال فيلم «أنا بضيع يا وديع»، الذى بدا كأنه مجموعة إعلانات مبتذلة مجمعة فى شريط أطلق عليه أصحابه مصطلح فيلم. وأكد «الصبان» أن كل أفلام هذا الموسم سيئة، لافتا إلى أنه على الرغم من تعافى الصورة فى موسم عيد الأضحى بنجاح فيلم «إكس لارج» و«كف القمر» لما أحدثه من حالة توازن إلا أن تسابق 4 أفلام تتناول قضايا العرى والجنس بصورة مبتذلة والتى ظهرت هذا الموسم بطلاقة صريحة يؤكد أن رسالة التغيير لم تصل للسينما المصرية بعد خاصة أننا نحتاج إلى عمل جاد وجيد يتناول قصصا واقعية تعبر عن الأحداث الراهنة التى تشهدها مصر الآن. «خيرية البشلاوى» أكدت أن التغيير فى سياق النسيج الدرامى الذى تتناوله السينما المصرية يتطلب تقديم أفلام جادة ووقفة حقيقية من صناع السينما فى مصر حتى لا تترك الساحة إلى تقديم أفلام مهلهلة لا تعبر عن شىء. وللأسف هذا ماحدث فور انطلاق الموسم الأول للسينما بعد ثورة يناير بفيلم «شارع الهرم» و«أنا بضيع ياوديع» تعجبت من تصدر هذه الأفلام لتحقق أعلى الإيرادات فهذا يؤكد أن صناع العمل مازالوا يخاطبون فئة معينة من الشعب المصرى لا يريدون تطهير عقولهم من كم الفساد والابتذال الذى عاصروه أكثر من 30 عاما. وأضافت «البشلاوى»: إن تاريخ السينما يعود إلى الوراء ولابد من الصحوة لكل صناع الفن حتى نسير نحو الرقى والتقدم وليس للسطحية والتخلف. ونوهت بأن تقديم أفلام على هذا المستوى لما يستعينون به من راقصات قادرات على كشف مساحة كبيرة من أجسادهن أمثال «دينا»، علما بأن الإثارة الجنسية أصبحت فى المتناول بسبب الإنترنت بالإضافة إلى الاستعانة بمطربين ليست لهم علاقة بالطرب أمثال «سعد الصغير» يؤكد أننا نحتاج ثورة أخرى على السينما المصرية. «على أبو شادى» قال السينما المصرية تعانى من زحمة المنتجين والمؤلفين الذين يقدمون قصصاً تجارية هدفها الربح دون معنى ووضع حل فورى بضرورة تطهير السينما من هذه النماذج. وأكد على ضرورة الاهتمام بالأعمال الجيدة ذات القيمة التى تتواكب مع الأحداث الراهنة التى تعيشها البلاد حتى لو كان من خلال نوعية الأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة والتى تحتاج إلى الترويج لها جماهيرياً فى المرحلة المقبلة خاصة أن هذه النوعية ظلت مهمشة طويلا رغم أنها تتمتع بعناصر فنية جيدة وبعيدة كل البعد عن الابتذال والسطحية. لذلك فأنا أرى أن وصول السينما المصرية إلى التغيير يحتاج إلى صناع قادرين على تنمية الوعى الجديد للجمهور، مما ينعكس على النهضة السينمائية بشكل عام، أما فى حال الاستمرار على وجود نوعية من الأفلام مثل «ريكلام» و«البار» و«على وحدة ونص»، ففى تقديرى الشخصى أن المشاهد المصرى سيرفضها من تلقاء نفسه دون رقيب عليه.